Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

أخطاء قاتلة في هندسة الأبنية.. وارتفاع عدد ضحايا الزلزال

خاص - SY24

هزة ارتدادية قوية، شعر بها سكان الشمال السوري قرابة الساعة 10:50 دقيقة، استمرت نحو عشر ثواني، بقوة  5.4 ريختر، أثارت ذعر القاطنين ولاسيما في الأبنية الطابقية العالية، أو المنازل المتصدعة، حيث نزل معظم السكان إلى الساحات والشوارع العامة خوفاً من انهيار المنازل عليهم، كما حدث في الأسبوع الماضي إثر الزلزال الذي حصد أرواح آلاف الضحايا. 

مراسلنا “أيهم البيوش” في إدلب رصد خروج عشرات العائلات من منازلها عقب الهزة، تحت الظروف المناخية الباردة، وانخفاض درجات الحرارة، ليقضوا ليلتهم بالعراء، خوفاً من هزة أخرى ربما تكون أقوى، وأظهرت صور التقطها المراسل، لجوء بعض الأهالي إلى خيام نصبت جانب الأبنية الطابقية، لتكون مأوى مؤقت لهم في حال تجدد الهزات الأرضية. 

وأكد خبراء أن المنطقة ستعاني في الأيام القادمة من هزات ارتدادية لفترة من الوقت، قد تمتد حتى الشهر القادم، معظمها سيكون تحت 3 درجات، وبعضها سيكون بين 3 و 4، و القليل جداً منها سيكون بين 4 و 5، كالهزة التي حصلت ليلة أمس. 

مراسلة SY24 التقت المهندس المعماري “أمجد المالح” للحديث عن تأثير الهزات الارتدادية على المنطقة، والذي أكد لنا أن أثرها سيكون أكبر على المنازل المتصدعة، التي كشفت عنها تلك الهزات، وحذر من السكن في المنازل التي اتضح أنها متشققة وغير مبنية وفق مواصفات معينة، ما جعلها عرضة للسقوط فوق رؤوس ساكنيها في أي هزة قوية كما حدث يوم أمس. 

وأضاف أنه “عقب الزلزال، انتشرت لجان هندسية في معظم المناطق ولاسيما عفرين والمدن المجاورة لها، والتي كان لها نصيباً كبيراً من الكارثة، مهمتها تقييم حالة الأبنية بعد الزلزال، لكنها لجأت فقط للمشاهدة العينية السريعة وهذا لا يمس للهندسة في شيء”.

وذكر بشكل مفصل خطوات فعلية لدراسة وضع البناء من الناحية الفنية، أهمها دراسة التربة ومدى تأثرها بالزلزال، إذ أنها تتأثر بشكل مباشر بموجات الزلازل، ولاسيما أنها 

تعرضت لأكثر من 4000 هزة ارتدادية متفاوتة الشدة.

ثم يأتي فحص الجملة الإنشائية بالكامل من أعمدة، وجسور، وأعصاب، وقواعد، من خلال أجهزة كالمطرقة أو جهاز الموجات، فضلاً عن دراسة الأبنية المجاورة للأبنية المتصدعة، لأنها قد تسقط هذا البناء فإنه سيأثر على الأبنية المجاورة السليمة. 

وذكر” المالح” أن المدة اللازمة لإنهاء دراسة فنية كاملة لأي بناء لبناء تستغرق عدة أيام، بحيث يكون لكل بناء يكون ملف فني خاص به، يشرح فيه الحالة المقاومات والصلابة فيه بالأرقام. 

في حين أن معظم اللجان الحالية تعتمد على المشاهدات النظرية فقط، وهذا لا يكفي ابداً، ويهدد السلامة العامة بشكل كبير، وينذر بكارثة توازي كارثة الزلزال وربما أكثر حسب قوله. 

 وكمثال عن تلك الحالة، قال “المالح” في حديثه إلينا إن “المنزل الذي يسكنه في عفرين والذي بني عام 2005، لم يتضرر بالزلزال، غير أنه تم إنشاء طابق إضافي الفترة الماضية على سطحه رغم تحذيرات كثيرة من أن الجملة الإنشائية لا تتحمل، وقد تؤثر على البناء بشكل كامل، ولكن تم البناء دون الاكتراث لهذه التحذيرات من قبل المسؤول عنه، والذي قام بأخطاء إنشائية قاتلة، وحصل على ترخيص، وباع الشقق، عن طريق الرشاوى والمحسوبيات”. 

وأكمل أنه ” حين وقع الزلزال انهار الطابق الرابع الجديد كلياً، وكاد أن يقضي على عائلته وأطفاله عند محاولتهم الهرب إلى خارج البناء أثناء الزلزال نتيجة تساقط الأحجار منه بشكل كثيف”. 

إذ أن أبنية كثيرة بنيت خارج المواصفات اللازمة للبناء، ومنها ما بني بأراض زراعية غير صالحة للبناء، ومنها ما اعتمد على مواد قليلة الجودة، وغير كافية لإنشاء المباني الطابقية، دون حسيب أو رقيب، لتتعرى هذه الأبنية أثناء تعرض المنطقة للزلازل والهزات الأرضية الارتدادية، وتكشف عن خلل جسيم في نظام الأبنية والمواد الداخلة فيها، وهذا ما فسر انهيار مشاريع سكنية كاملة على رؤوس أصحابها، جميعها بينت في الفترة الأخيرة، ودون دراسة جدية من قبل المتعهدين كما حدث في مشروع بناء منطقة “بسنيا” في ريف إدلب. 

وفي أحدث تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان في الصادر قبل يومين، بلغ عدد الوفيات من السوريين في الداخل السوري ومن اللاجئين في تركيا، 6319 شخص، بسبب الزلزال الذي ضرب شمال غرب سوريا وجنوب تركيا فجر الإثنين 6/ شباط/ 2023. 

وذكر التقرير توزع الضحايا حسب المناطق، إذ توفي 2157 في مناطق شمال غربي سوريا، و321 في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، و3841 لاجئاً في تركيا، مشيرةً إلى أنه يجب فتح تحقيق في تأخر دخول المساعدات الأممية والدولية لأيام وتحمل المسؤولية في وفاة مزيد من السوريين.