Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

هل آن أوان الحرب ضد إيران؟

باتت الحرب ضد إيران واضحة وضوح الشمس، فمع مرور الأيام تقترب ساعة الصفر وتقرع طبول الحرب مؤذنة بحرب طاحنة، لن تكون محصورة هذه المرة داخل جغرافية دولة واحدة أو محدودة بقدر ما ستكون لكسر العظم وفرض القوة والسطوة.

وقد برزت مجموعة من الإشارات متسارعة ومتلاحقة تؤكد قرب وقوعها، بدأتها إسرائيل التي تتواصل في أروقة قرارها خطابات الحرب والتصريحات، ولعل أهمها كان لرئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” الذي شدد على أن التأخر في إعلان الحرب سيزيد من خسارة بلاده، كما أن إسرائيل لا تفوت فرصة بين الحين والآخر لتوجيه ضربات متفرقة لإيران على الأراضي السورية.

فبعد أن كانت جهودها مركزة على متابعة نشاط ميليشيا حزب الله، أصبحت الان تراقب إيران وتحركات ميليشياتها ومستودعاتها وقواعدها المنتشرة لحظة بلحظة.

الاستنفار الإسرائيلي العالي هذا وجد صدى كبيرا عند الحليف الأقوى عالميا، فإلغاء الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” للاتفاق النووي يوم أمس، يعد صفعة قوية بوجه ملالي طهران وإيذانا بانتهاء شهر العسل الذي أقامه “بارك أوباما” المتهم أصلا بميله وتواطؤه مع الإيرانيين، مكتفيا بالسياسات الناعمة فقط والتي كان ثمارها اتفاقية النووي.

أما ترمب بإعلانه هذا يظهر للإيرانيين أن لغة التساهل والتغاضي باتت من الماضي، فلا عودة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج الصواريخ الباليستية، ولا رعاية للإرهاب، ولا تدخل بشؤون البلاد المجاورة وسياساتها.

أوقف الاتفاق النووي الإيراني فكرة شن حرب غربية على طهران، لكن هذه الفكرة وضعت على الطاولة من جديد، بعد إلغاء ترمب للاتفاق، وإن تأخرت ساعة البداية فإن جملة العقوبات التي ستتخذ كفيلة بإضعاف إيران، المنهكة أساسا بتمويل حرب بشار الأسد ضد الشعب السوري، والحرب اليمنية، وبالمظاهرات العارمة التي اجتاحت عشرات المدن.

وبالمقاطعة الدولية للاقتصاد، ومجرد الحديث عن العقوبات الأمريكية يعني أنه لن يعود بمقدور إيران تصدير واستيراد الأسلحة، على خلاف ما كان ينص الاتفاق النووي مع الدول الغربية، وستعود إلى اللوائح السوداء أسماء أفراد وشركات وبنوك كانت متهمة في السابق بانتهاك القوانين الأميركية، لا سيما فيما يتعلق بعقوبات واشنطن على طهران بخصوص برنامجها النووي والصاروخي.

العقوبات الأميركية على إيران ستعني تراجع تجارة النفط، والحجز على المزيد من الأموال وانهيار العملة سريعاً، وتعثر الاقتصاد، إذ أن العقوبات كانت وراء أكثر من 20 بالمئة من مشكلات الاقتصاد الإيراني على مدار سنوات، وستحرم طهران من استيراد قطع غيار الطائرات والسفن لتحديث أسطولها الجوي والبحري، بالإضافة لحرمانها من صفقات تجارية خارجية ضخمة.

وبعد قرار ترمب قال وزير الخزانة الأميركية “ستيفن منوشين” في بيان: “إن الرئيس الأميركي كان واضحًا في أن هذه الإدارة عازمة على معالجة مجمل أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، وسنستمر في العمل مع حلفائنا لبناء اتفاقية تخدم مصلحة أمننا الوطني على المدى الطويل”.

وأضاف أن “الولايات المتحدة ستقطع وصول الحرس الثوري إلى رأس المال لتمويل النشاط الإيراني الخبيث، ووضعها كأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، واستخدامها للصواريخ البالستية ضد حلفائنا، ودعمها لنظام الأسد الوحشي في سوريا، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وانتهاكاتها للنظام المالي الدولي”.

أتاح الاتفاق النووي لإيران مساحة كبيرة من الحركة في المنطقة العربية، لمواصلة مشروعها التوسعي، ومضاعفة أنشطتها الإجرامية والدموية بحق الشعب السوري والعراقي واليمني، ولعل قرب هذا الوحش القاتل من حدود إسرائيل هو ما استدعى هذا التحرك الكبير، فإيران موجودة منذ ثمان سنوات في سوريا، وتدعم منذ فترة طويلة ميليشيا حزب الله الإرهابية، لكن الوضع الآن تغير بعد اقترابها وسعيها لإنشاء قواعد عسكرية وصاروخية، لتحصل على مزيد من أوراق الضغط على المجتمع الدولي في سبيل تنفيذ مخططاتها الشيطانية، التي لا يكون البرنامج النووي فيها وحيدا هذه المرة.

ستشهد الأيام المقبلة أحداثاً متسارعة قبل الإعلان عن بدء الحرب، قد تستمر شهورا، وقد تضطر إيران أثناء هذه الأحداث التخلي عن برنامجها النووي والصاروخي، لأن الحرب إن قامت ستجعلها الخاسر الوحيد من دون شك، ولن تفيدها شعارات “الموت لأمريكا والموت إسرائيل” التي كذبت فيها على شعبها لعقود طويلة.