Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ما هدف إسرائيل من قصف إيران في سوريا ؟!

هل يُعقل أن يكون السبب في ترك إسرائيل لإيران وهي تسرح وتمرح في سوريا منذ سبع سنوات بميليشياتها ومرتزقتها، حتى وصلت تلك الميليشيات لمنطقة “مثلث الموت” (منطقة التقاء أرياف محافظات درعا وريف دمشق والقنيطرة)، والتي تبعد نحو 25 كم عن حدود الجولان المحتل، عبارة عن قصر نظر وسذاجة من قبل الكيان الإسرائيلي لدور إيران في سوريا؟.

وهل تحركها جاء بعد شعورها بخطر تلك الميليشيات بعدما باتت على مرمى حجر من حدود الجولان المحتل؟، ولماذا التحرك بهذا التوقيت وهل سيستمر حتى إخراجها من سوريا؟!.

وحتى نجيب على هذه التساؤلات لا يمكن أن نخرج باستنتاجات دقيقة، إلا إذا عدنا للوراء وعرفنا طبيعة العلاقة بين إسرائيل وإيران منذ وصول العمائم الطائفية لحكم طهران عام1979م بوجهها الحقيقي، لا الظاهري والتي عنوانها الأبرز التصريحات والزعبرات الخلبية سواء من الخميني ومن بعده خامنئي وعمائمه في طهران أو من ذيوله وأبواقه المنتشرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

وحتى نجيب على هذه التساؤلات لا يمكن أن نخرج باستنتاجات دقيقة، إلا إذا عدنا للوراء وعرفنا طبيعة العلاقة بين إسرائيل وإيران منذ وصول العمائم الطائفية لحكم طهران عام1979م بوجهها الحقيقي، لا الظاهري والتي عنوانها الأبرز التصريحات والزعبرات الخلبية سواء من الخميني ومن بعده خامنئي وعمائمه في طهران أو من ذيوله وأبواقه المنتشرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

 

إذا ما نظرنا للعلاقة بين تل أبيب وطهران من الناحية الظاهرية والإعلامية، سنجد بأن عمائم النظام الإيراني دأبت ومنذ قرابة40 عاماً، على مهاجمة إسرائيل باللغة الإنشائية المكررة والمملة والتغني بتحرير فلسطين وتدمير إسرائيل، إضافة لتشكيل ميليشيات تتخذ من القدس اسماً لأهم وأبرز تلك الميليشيات كـ” فيلق القدس”، إلا أن التاريخ لم يُسجل سقوط إيراني واحد في أي أرض عربية دفاعاً عن فلسطين أو في فلسطين نفسها، على مدى العقود الأربعة الماضية، في حين قتل نحو 10 آلاف إيراني منذ سبع سنوات في سوريا للدفاع عن نظام الأسد ضد ثورة الشعب السوري المطالب بحريته وكرامته.

كما تسجل لنا الوقائع على الأرض، بأن الميليشيات الإيرانية الطائفية تم إنشائها خدمة لمشروع التمدد الفارسي التخريبي في المنطقة، وفلسطين والقدس كانتا من وسائل الترويج لهذا المشروع، والتي وجدت قبول ومباركة من بعض الفصائل الفلسطينية لاسيما “الجهاد الإسلامي” و” حماس” والتي لاتزال تراهن على دور إيجابي إيراني في الدفاع عن قضيتهم، حتى لو كان ذلك على حساب دم مليون سوري، وتدمير دول عربية واحتلالها وتهجير أضعاف ما هُجر من فلسطين، دون أن تتساءل قيادات تلك الفصائل عن النتائج العملية – سلبية كانت أم إيجابية – للتصريحات الإيرانية المدافعة عن فلسطين بعد مرور كل هذه السنوات.

فإيران دخلت على الخط المعادي للثورة السورية منذ الأسابيع الأولى لاندلاعها، وتوالت بعدها بإدخال ميليشياتها وأذرعها في لبنان والعراق أو التي قامت بإنشائها لاحقاً من مرتزقة أفغان وباكستانيين، وكل هذا جرى تحت سمع وبصر الإسرائيليين، دون أن تخرج منهم في تلك المرحلة أي تصريحات تشير لتخوف أو تحذير من التمدد الإيرانيين، والذي وصل لمناطق قريبة من “حدودهم”، هذا الصمت يُشير لوجود تفاهمات غير معلنة بين تل أبيب وطهران ، لتواجد الميليشيات الإيرانية بسوريا دفاعاً عن نظام الأسد وعن مشروعها الطائفي التوسعي والذي يعتمد في المقام الأول على التغيير الديموغرافي في البلاد، وهذا التفاهم يدعمه تأييد إسرائيل لبقاء نظام الأسد، سيما أن الفضل الأول والأخير في بقائه إلى الآن يعود لإسرائيل، والذي تؤكده التصريحات من قبل مسؤولي هذا الكيان والتي تخرج بين الفينة والأخرى.

التفاهمات الخفية بين تل أبيب وطهران بقيت مستمرة رغم وجود تجاوزات من قبل الجانب الإيراني، كما حصل منتصف 2014 حين حاولت ميليشياتها طهران تجاوز منطقة “مثلث الموت”، وعادت لمواقعها بعد تهديد تل أبيب لها، لتعود الأمور إلى سابق عهدها.

لكن ما الذي طرأ مؤخراً على التفاهمات المتفق عليها في سوريا منذ سبع سنوات، على الرغم أن إسرائيل قامت بعشرات الغارات في سوريا، خلال السنوات الماضية، وكانت تستهدف مواقع للنظام وأخرى لميليشيا “حزب الله” الممولة إيرانياً، لكن بقيت المواقع التي تخضع مباشرة لإيران وكذلك جنودها في مأمن من تلك الغارات.

وجهة نظري تقول، إن ما جرى لا يعدو أكثر من لجم إسرائيلي لإيران في محاولتها الذهاب بعيداً في دورها في سوريا، بعدما استشعرت تل أبيب بتجاوز الإيرانيين لما هو متفق عليه، وهذا التجاوز يتمثل بإقامة قواعد عسكرية ونشر جنود في مناطق تعتبر من الخطوط الحمر لإسرائيل، خاصة في محيط العاصمة دمشق والخط الجنوبي الغربي لدمشق، كذلك رسالة روسية عبر تل أبيب بعد محاولة طهران تجاوز موسكو في بعض المناطق السورية من خلال نشر قواعد وميليشيات بأعداد كبيرة.

فإسرائيل أرادت من تلك الغارات والتي دمرت أغلب المواقع الإيرانية في الجنوب السوري، أن تعيد لكل طرف في سوريا حجمه، ويفسر تلك الرسالة، الصمت الروسي عن الغارات وكذلك حصولها بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لبوتين بأيام.

كذلك ما خرج في اليوم الثاني لحدوث الغارات من تصريحات إسرائيلية في مقدمتهم وزير دفاع الكيان الإسرائيلي حين قال: “لا مصلحة لدينا في الحرب مع إيران ونفعل كل شيء ممكن لمنع نشوبها”، أيضاً تصريحات المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر بعد حصول الضربة بأيام حين قال إن “طهران فهمت الدرس جداً من تلك الغارات”.