Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الإهانات الروسية المتكررة للأسد.. عفوية أم عن قصد؟

القارئ لمجريات الأحداث السورية، يعرف جيداً بأن الأيام المقبلة، ستشهد حرباً طاحنة بين حلفاء بشار الأسد، بهدف الحصول على الامتيازات وفرض الهيمنة والولاء، فلا روسيا ستقبل بأن تنازعها إيران على الكعكة السورية، ولا إيران ستقبل بأن تزاحمها روسيا على حلمها، وأن تكون عائقاً أمام مشروعها الطائفي، ولهذا فإننا اليوم في مرحلة “كسر العظم” التي تسبق مرحلة “الطحن” الحقيقي، ولهذا نرى كلا من روسيا وإيران في مرحلة “عرض العضلات” والاستقواء على الحلقة الأضعف التي تجمعهما في وسوريا وهي بشار الأسد ونظامه.

باعتقادي أن صورة الجنود الروس الذين أهانوا جنود بشار الأسد و”دعسوا” على رؤوسهم “بالبوط” العسكري أمام مرأى المدنيين، هي رسالة واضحة وتعبير دقيق عن واقع الحال في سوريا، وتذكير جديد لقاعدة القوة والسطوة من صاحب كلمة الفصل على الأرض، فكل ديكورات الدولة الأسدية بدءاً من الرئيس ومروراً بالقادة العسكريين وانتهاء بمؤسسات الحكومة، واجهات لا تملك من أمرها شيء دون الرجوع للحاكم العسكري الروسي في حميميم، فهو سيد سوريا الفعلي، بيده الملك وكل من هم دونه بمرتبة عبيد حتى لو كثرت النجوم و”النياشين” على صدورهم.

قبل عام 2011، كان السوري يحتاج لموافقة كل فروع الأمن والمخابرات عند أي مشروع أو خطوة يقدم عليها، واليوم هذه الفروع نفسها تحتاج لموافقة وأوامر الممثل العسكري الروسي في أي أمر يخصها، الروس هم أصحاب القرار في المعارك والتخطيط لها، وهم المفاوضون والرعاة للمسار السياسي، وهم المخولون بالتصريح عما جرى وسيجري، حتى أنهم القادرون على شحن بشار الأسد كل ما اشتهوا بطائرة نقل البضائع من حميميم إلى موسكو أو سوتشي.

قبل عام 2011، كان السوري يحتاج لموافقة كل فروع الأمن والمخابرات عند أي مشروع أو خطوة يقدم عليها، واليوم هذه الفروع نفسها تحتاج لموافقة وأوامر الممثل العسكري الروسي في أي أمر يخصها، الروس هم أصحاب القرار في المعارك والتخطيط لها، وهم المفاوضون والرعاة للمسار السياسي، وهم المخولون بالتصريح عما جرى وسيجري، حتى أنهم القادرون على شحن بشار الأسد كل ما اشتهوا بطائرة نقل البضائع من حميميم إلى موسكو أو سوتشي.

لم يتدخل الروس في سوريا حباً بآل الأسد، ولا حفاظاً على حكمهم، بقدر ما كان تدخلهم بناء على ما فرضته مصالحهم وأطماعهم الاستعمارية والقيصرية التي يسعى بوتين لتحقيقها، ولهذا نراهم في كل فترة يوجهون أقوى الإهانات لبشار ورموز حكمه، حتى أنهم سعوا لتحجيم النفوذ الإيراني، وبالتأكيد سيكونون شركاء للغرب في مشروع إخراج إيران من سوريا، وهذا تمثل بداية بالرضى المطلق عن القصف الإسرائيلي للقوات الإيرانية، والتصريحات الأمريكية المطالبة إيران سحب جميع قواتها من سوريا.

منذ أن أعلنت روسيا عن تدخلها العسكري المباشر في سوريا نهاية سبتمبر/أيلول من عام 2015، توقع المحللون صدام روسي – إيراني لأن الأخيرة بدأت تشعر بأن البساط سيسحب من تحتها، لكن الروس استخدموها إلى أن وصلوا على هدفهم في محاربة الثوار والجيش الحر، وبعد ذلك ستعلن عن قرار طردها النهائي من سوريا، وهذا ما حدث بالفعل في 16 مايو/أيار الجاري، بعد إعلان بوتين في لقائه مع بشار بسوتشي، أنه “لا بد من سحب كل القوات الأجنبية من سوريا”.

الكلام ذاته تكرر على لسان مبعوث بوتين الخاص إلى سوريا، “ألكسندر لافرينتيف” الذي قال: إن “انسحاب القوات الأجنبية من سوريا يجب أن يتمّ بشكل كامل”، مما استدعى من إيران الرد والقول: “لا أحد يستطيع إخراج إيران من سوريا وإن وجودها العسكري سيستمر ما دام هناك طلب من الحكومة السورية، وإيران دولة مستقلة تتابع سياساتها على أساس مصالحها”.

مواقع إيرانية استشعرت الخطر على وجود قواتها مثل موقع “تابناك” التابع لأمين مصلحة تشخيص النظام “محسن رضائي”، الذي كشف عن أن النظام السوري وموسكو اتفقا على إقصاء إيران في مقابل إشراك الدول الغربية في الحل السياسي، كما قال الموقع ذاته إن “هناك تفاهماً مستجداً بين موسكو ودمشق هدفه إقامة شراكة اقتصادية تُقصى بموجبه الشركات الإيرانية من النشاط الاقتصادي، خصوصاً في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، ولكن يجب ألا نسمح بأن تتحقق أهداف بشار الأسد وأي طرف يريد إبعاد اليد الإيرانية… إن محاولاتنا لحفظ الأسد كانت مكلفة على صعيد الخسائر اللوجستية وفي الأرواح، وليحذروا من اللعب في أرض تمّ اختبارها سابقاً”.

المؤشرات جميعها تدل على اقتراب حدوث صدام بين روسيا وإيران، وهذا سيفرض على بشار الأسد ونظامه الانحياز لأحد الطرفين، مما سيؤدي لغضب الطرف الثاني عليه، وربما قبل رضوخ هذا الطرف لقوة الآخر، سينقلب على بشار الأسد الذي سيكون الحلقة الأضعف، وربما سيسحق في رحى هذا الصراع، لأنه لم يقدر التضحيات والبطولات والقوافل البشرية التي ذهبت هباء منثورا من أجل كرسيه.