Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

قبل إطفاء الشمعة السابعة للثورة.. ما بين الثبات والانهزام

أسابيع قليلة تفصلنا عن إطفاء الشمعة السابعة للثورة السورية، ويبدو أن سنوات الثورة كلما طالت، كلما زاد الشرخ والتباعد بين السوريين، وهنا لا أتكلم بين المؤيدين والمعارضين للنظام، فهذا له كلام آخر، بل عن الشريحة السورية المعارضة أو الثائرة ضد النظام أو الفئة التي كانت تطالب ولا تزال منذ سبع سنوات بالحرية وبناء دولة ديمقراطية تتسع للجميع، وهي بلا شك تشكل غالبية الشعب السوري.

هذه الشريحة والتي بدا واضحاً في الفترة الأخيرة، أنها تعيش حالة خلاف فيما بينها، على الرغم من أن الهدف الذي يجمعها هو خروجها قبل سبع سنوات من أجل الحرية وإسقاط النظام الدموي الطائفي الدكتاتوري، وكان العنوان الأبرز للسنوات الماضية لهم جميعاً، هو الشقاء والمآسي وفقدان الأحبة والتهجير والعوز وتدمير مدنهم وقراهم.

ويبدو أن مواقع التواصل على اختلاف منصاتها، وكذلك المزاج العام على الأرض، كان كاشفاً لهذا الشرخ، والذي يزداد عاماً تلو عام، حتى بات الفرز “الثوري”، ما بين فئة أصبحت نوعاً ما أقرب للنظام منها للثورة، وفئات اتخذت موقفاً انهزامياً، ومجموعات ضاق بها الأفق، ووصلت إلى اتخاذ منهج تيارها أو مؤسستها، واختصار الثورة وأهدافها على نحو ضيق جداً.

ورغم ذلك، لا تزال هناك فئة تحافظ على حالتها الثورية البكر، متجاوزة كل التشابكات التي تمر بها الفصائل أو المؤسسات الثورية، وتعيش هذه الفئة سواء في الداخل أو في مخيمات وبلدان اللجوء حالة من التحدي والإصرار، على أن الثورة لابد وأن تنتصر وتحقق أهدافها، حتى لو استمر العالم بدعم النظام سنوات وسنوات.

في الأيام الماضية ومع انعقاد مؤتمر سوتشي، استطاعت الفئة المحافظة على نهج الثورة وأهدافها أن تعبر عن رأيها وترفع صوتها عالياً، وكانت سبباً غير مباشر لانسحاب العديد من الشخصيات المحسوبة على المعارضة من هذا المؤتمر، والذي تم برعاية روسية وتحت راية النظام، وأستطيع القول إنها الفئة الأكبر والأوسع بين السوريين من الشريحة المعارضة، وبفضل تحركها ورفع صوتها، تمكنت من إفشال هذا المؤتمر، والذي لا يمكن وصفه، سوى بأنه مؤتمر “تأهيل نظام الأسد عبر المعارضة المرضي عنها روسياً”.

وعلى وقع سوتشي نفسه، تبين بأن هناك فئات لا يستهان بها، دخلت تحت عنوان “نريد حلاً كيفما كان”، دون الدخول في التفاصيل، وهو ما يجعل الأمر معقداً، لأن الشيطان كان متواجداً في التفاصيل.

فإذا كانت التفاصيل تقول: إن رأس النظام سيبقى ومؤسساته الأمنية وميليشياته، فهنا نكون قد وصلنا لنقطة تجعل من الفئة المحافظة على حالتها الثورية، إلى درجة الصدام مع الفئات الأخرى، والتي بدأت تتراجع نوعاً عن هدفها الأول، تحت حجج وعناوين مختلفة.

وما يزيد من التعقيد أن بعض من دخل تحت عنوان “نريد حلاً كيفما كان” لا يمكن المزايدة عليه، من ناحية الشقاء والمآسي التي سببها النظام، وهو ما يجعلنا نفكر جلياً لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد، والبحث عن الأسباب التي جعلت البعض أن يصل به الأمر الى “حالة انهزامية”.

قد يقول أحدهم إن الأمر واضح بالنسبة لهذه الشريحة، ويعود للتشرذم بين الفصائل والمؤسسات التابعة للثورة، لكن هذا الواقع ليس بالأمر الجديد، فهو موجود منذ ثلاث سنوات على الأقل، لكن الحالة العامة للشعب السوري الثائر، كانت دائماً تلتقي عند أبرز هدف وهو إسقاط النظام ومن معه، وهو هدف لم يجرؤ أحد الاقتراب منه سابقاً، لكن مؤخراً يبدو أن البعض اقترب منه بل وتجاوزه وكأن الثورة انتهت في نفوسهم.

فهل الوضع على الأرض والمزاج الدولي الذي بدا واضحاً أنه ليس في وارد التحرك لمساعدة هذ الشعب رغم مرور سبع سنوات وهو يُذبح ويُقتل ويُهجر، وجعلت البعض منهم يعلن الانهزام على نفسه وثورته – إن كان في نفوسهم بالأصل ثورة – أم أنهم هم بالأساس ليسوا معها، والمآسي التي مروا بها جاءت لعدم تفريق براميل وقذائف النظام بين معارض ومؤيد له في المناطق المحررة.

أسئلة لا يمكن الإجابة عليها في الوقت الحالي، وقد تُجيبنا الأشهر وربما السنوات القادمة.