أهالي دير الزور: بين غلاء الدواء وتفاقم أعباء طبابة الأسنان

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

يواجه السكان في دير الزور، خصوصاً من ذوي الدخل المحدود، صعوبات متزايدة في تأمين أدوية أساسية، حتى لأمراض بسيطة كـ “الرشح” أو التهابات الجهاز التنفسي.

فاتورة دوائة تتخطى الـ 100 ألف ليرة سورية

وفي هذا السياق، يوضح الناشط المجتمعي جاسم العبد الله في حديث لمنصة سوريا 24، أن الفاتورة الدوائية لأبسط الحالات قد تتجاوز 100 ألف ليرة سورية، تشمل حبوباً مضادة للالتهاب، شراب سعال، ومسكّنات خافضة للحرارة.

ورغم وجود مراكز طبية ومستوصفات خيرية تقدّم أدوية مجاناً، فإنها تبقى محدودة القدرة على الاستيعاب، ولا تغطي سوى جزء ضئيل من الطلب المتزايد، ما يخلق ضغطاً هائلاً على هذه المبادرات الإنسانية.

طبابة الأسنان: تكلفة مرتفعة وبدائل غير رسمية

تُعد خدمات طب الأسنان من أكثر المجالات تأثراً بالانهيار الاقتصادي الصحي. ففي دير الزور، يُقدّر تكلفة علاج بسيط كخلع سن مصحوب بتنظيف وتركيب تاج، ما بين 400 ألف و600 ألف ليرة في العيادات المرخّصة.

هذا الواقع دفع شرائح واسعة من السكان إلى الالتفات إلى فنيي الأسنان غير المرخّصين، والمعروفين محلياً بـ”القرباط”، والذين يقدمون خدمات مماثلة بأسعار تتراوح بين 50 ألف و80 ألف ليرة.

وغالباً ما يتمتع هؤلاء بخبرة ميدانية مكتسبة عبر سنوات، رغم غياب الإشراف المهني أو المعايير الصحية الكاملة، حسب العبد الله.

ويشير العبد الله إلى أن هذا التوجّه لا يعكس رفضاً للمهنة الرسمية بقدر ما يعبّر عن عجز كبير في القدرة الشرائية، وغياب بدائل حكومية أو شبه حكومية ميسرة، ما يجعل “القرباط” خياراً واقعياً، وإن كان غير مضموناً تماماً.

المشافي العامة: تراجع في الأداء وانخفاض في الثقة

وعلى صعيد البنية التحتية، تشهد المشافي العامة في دير الزور تراجعاً ملحوظاً في جودة الخدمة، يعزوه بعض الأهالي إلى تراكم عوامل متعددة: ضعف التمويل، نزوح الكوادر الطبية، وصعوبات في تأمين المستلزمات الأساسية.

ويرى العبد الله أن هذا التراجع انعكس على ثقة المواطن بالقطاع العام، ما زاد الاعتماد على المشافي الخاصة، رغم ارتفاع تكلفتها، حيث باتت بعض الحالات تُحوّل إليها آلياً، خصوصاً عند الحاجة إلى فحوصات دقيقة أو تدخلات نوعية.

ويشير إلى أن بعض المراكز الخاصة قد أضحت واقعياً جزءاً من شبكة الاستجابة الصحية، نتيجة ضعف البدائل، ما يطرح تساؤلات حول آليات التنسيق بين القطاعين، وسبل دعم المرافق العامة لاستعادة دورها.

نحو منظومة صحية متكافئة ومستدامة

ما يعيشه سكان دير الزور ليس استثناءً محلياً، بل انعكاساً لتحديات هيكلية تواجه القطاع الصحي في مناطق متعددة، من أبرزها:  تآكل القدرة الشرائية وارتفاع كلفة الاستشفاء، وغياب آليات فعّالة لضبط أسعار الخدمات، أو دعم الفئات الأكثر هشاشة، ونزوح الكفاءات، وغياب برامج تدريب أو تحفيز للكوادر المتبقية.

وفي ظل غياب حلول جذرية، يبقى المواطن ،خصوصاً في المناطق الريفية أو شبه الريفية، مُعرضاً لاختيارات صعبة: العلاج بثمن باهظ، أو التحمّل، أو اللجوء إلى بدائل غير مضمونة.

مقالات ذات صلة