في ذكرى التحرير: “ريف حمص الغربي” من معبر للتهريب إلى نموذج للعيش المشترك

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

شهد ريف حمص الغربي عشية تحرير سوريا وسقوط نظام الأسد السابق (8 كانون الأول 2024)، لحظة فاصلة في مساره الحديث: تحرير كامل المنطقة من سيطرة النظام السابق بعد عقود من التهميش والقمع.

لم تكن المعركة دموية بالمعنى التقليدي، بل جاءت كموجة سلمية مدعومة بحسم ميداني، حسب أبناء المنطقة في حديث لمنصة سوريا 24.

وبعد عام على تلك اللحظة، ترسم تلكلخ وقراها المجاورة صورة معقدة: أمن نسبي واستقرار مجتمعي نادر، يقابله تحدٍ تنموي عميق وغياب شبه تام للخدمات والاهتمام الحكومي.

كيف تم التحرير؟
وفقًا لأحمد الزعبي، المسؤول الإعلامي لريف حمص الغربي، في حديث لمنصة سوريا 24، فإن التحرير لم يكن نتيجة مواجهة عسكرية تقليدية، بل جاء بعد انهيار معنويات القوات النظامية في المنطقة.

ويضيف: “في 8 ديسمبر، عندما تقدم شبابنا الثائر من مناطق محررة مجاورة ودخلوا مدينة حمص، بدأ هروب عناصر الشبيحة من مصفاة حمص باتجاه الساحل، بعضهم ألقى سلاحه في الأرض، وبعضهم لجأ إلى أهله”.

وتابع: “في هذه الأثناء، عاد المقاتلون الذين كانوا قد انسحبوا سابقًا إلى لبنان، ودخلوا من الأراضي اللبنانية إلى الريف الغربي، تحديدًا عبر منطقة تلكلخ”.

ويؤكد الزعبي أن العملية تمت من دون إطلاق رصاصة واحدة في تلكلخ، فقد استسلم جنود النظام الهاربون، وتوسل بعضهم للعودة إلى ذويهم، منهم من عاد، ومنهم من سلم نفسه طواعية.

يوم التحرير: احتضان الأقليات وحماية المشاعر

لحظة دخول قوات الأمن الجديدة لم تُستغل للانتقام أو التصفية، بل سُخّرت لبناء حماية شاملة، حسب روايات متعددة.

يقول الزعبي: “الخطوة الأولى بعد دخول تلكلخ كانت نشر مجموعات شبابية لحماية الأقليات، وخصوصًا وادي النصارى والمناطق المسيحية المحيطة، ولم تُسجل أي شكوى، لا من المسيحيين، ولا من العلويين، ولا من المراشدة، طوال العام المنصرم”.

ويروي الزعبي أن بعض العائلات المسيحية والعلوية كانت تعيش كأنها في سجن، مشيرًا إلى أنه في الساعات الأولى، ساد خوف مشروع: من سينتصر؟ وما مصير المتعاونين السابقين؟ وما مصير الأقليات؟ لكن هذا الخوف سرعان ما تحول إلى ترحيب واسع، خصوصًا بعد سلوك القوة الجديدة.

ويشير الزعبي إلى مشهد متكرر اليوم: “بعض العائلات المسيحية والعلوية تدعو عناصر الأمن العام إلى بيوتها، وتقول لهم: الحمد لله أصبح عندنا جيش نخاف عليه”.

بعد عام: أمن في المنطقة وتنمية غائبة

رغم الاستقرار الأمني الملفت، فإن الوضع التنموي لا يزال يراوح مكانه، إذ تفتقر تلكلخ إلى أبسط مقومات البنية التحتية: مياه شرب نظيفة، كهرباء مستقرة، مستشفى حديث، أو حتى مدرسة ثانوية مجهزة.

ويجمع أهالي المنطقة على قضية مركزية: التهميش المتعمد، ففي عهد النظام السابق، سُخّرت المنطقة لتصبح معبرًا رئيسيًا لتهريب المخدرات (خاصة الحشيش)، ما جعلها تُصور إعلاميًا كـ”وكر للجريمة”، بينما أُهملت طاقاتها البشرية.

يضيف الزعبي: “في تلكلخ، لدينا أطباء، مهندسون، أساتذة جامعيون، مثقفون، لكن النظام أصر على إعطائها صورة مشوهة، فقط لأنها على الحدود، واليوم، الرسالة الموحدة للدولة والمؤسسات هي: انظروا إلينا، استثمروا فينا، لا تكرروا خطأ التهميش”.

عام مر على تحرير ريف حمص الغربي، ومعه بقيت تلكلخ وما حولها بريف حمص الغربي، نموذجًا نادرًا في سوريا اليوم: مناطق مختلطة تعيش بتناغم، أمن يُبنى على الثقة لا على الخوف، ومجتمع يُصوّت بالولاء لمن يحترمه — بصرف النظر عن الخلفية الدينية أو العائلية.

مقالات ذات صلة