التل تستعيد وجوه أبنائها: “وفاء للشهداء” في الذكرى الأولى للتحرير

Facebook
WhatsApp
Telegram

منيرة بالوش - سوريا 24

بمشاعر يختلط فيها الفخر بالحزن، يحيي أهالي مدينة التل في ريف دمشق الذكرى السنوية الأولى لتحرير المدينة، عبر فعالية شعبية حملت عنوان “وفاء للشهداء”، نظمتها تنسيقية مدينة التل بمشاركة واسعة من ذوي الضحايا وعائلاتهم.

على دوار البانوراما، أحد أشهر معالم المدينة وأكثرها ارتباطًا بذاكرة سكانها، تجمع العشرات من الأهالي حاملين صور أبنائهم الذين قضوا خلال سنوات الثورة. جرى تنظيف اللوحة المخصصة للفعالية وتغليف الصور بعناية قبل تعليقها، لتتحول سريعًا إلى لوحة كبيرة مليئة بوجوه شابة رحلت باكرًا، وتركت خلفها حكايات مليئة بالفقد والصمود.

تقول اللجنة المنظمة إن اختيار هذا المكان لم يكن عبثيًا، فهو “نقطة تتقاطع فيها ذاكرة المدينة جميعها”، وموقع يمر منه الجميع يوميًا، ما يجعل صور الشهداء حاضرة في الوجدان لا تغيب.

أبيّ نجمة، أحد القائمين على المبادرة، أوضح لـ”سوريا 24” أن الهدف من هذه الخطوة هو “الإبقاء على ذكرى الشهداء حية، والوفاء لدمائهم الزكية التي كانت ثمنًا للحرية”. وأضاف: “عوائلهم أمانة في أعناقنا، ونحن باقون على العهد مهما طال الزمن”.

وفي زاوية قريبة من اللوحة، وقفت أم خمسينية تحمل صورة ابنها الذي قُتل قبل سنوات، تحاول بيد مرتجفة تثبيت إطارها جيدًا. تقول لـ”سوريا 24” وملامحها تجمع بين الحزن والقوة:

“ابني كان يحلم يشوف مدينته حرة.. كان يقول لي دائمًا إن الظلم ما بيبقى. اليوم لما علّقت صورته حسيت إنو رجع للدوار يلي كان يحب يمر منه. نحنا خسرناهم، بس هني أعطونا معنى للحياة… وكرمال أرواحهم رح نظل واقفين وما مننساهم لو مرت سنين”.

ويضيف نجمة: “لولا تضحيات أبنائنا لما وصلنا إلى هذا النصر، هم من فتحوا لنا الطريق بدمائهم، ومنحوا المدينة فرصة جديدة للحياة”.

الفعالية تحولت إلى مساحة للتلاقي بين الأهالي، وتبادل الذكريات، واستعادة الحكايات التي تحمل الكثير من القهر والكبرياء في آن واحد. البعض حضر وهو يحمل صورة أحد الأبناء أو الإخوة، بينما جاءت أمهات يحملن صور ثلاثة أو أربعة من أبنائهن دفعة واحدة، في مشهد يلخص حجم التضحيات التي قدمتها المدينة.

ورغم بساطة المبادرة، فإن رمزيتها طغت على المشهد؛ فقد جاءت لتؤكد، وفق ما يقول الأهالي، أن “التحرير ليس لحظة تُحتفل ثم تُنسى، بل مسار طويل تُرعى فيه تضحيات الشهداء ويصان عهدهم”.

ويأمل منظمو الحملة أن تتوسع المبادرة سنويًا، لتشمل فعاليات أخرى تخلد ذكرى أبناء المدينة، وتقدم دعمًا معنويًا لعائلاتهم التي ما تزال تعيش آثار الفقد حتى اليوم.

مقالات ذات صلة