Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

مجلس الشّعب يقرّ تعديلات على القانون رقم 10.. وحقوقيون معارضون يصفونها بأنها احتيالية لا فائدة منها

أحمد زكريا - SY24

لا يزال القانون رقم 10 والذي أصدره رأس النظام بشار الأسد، في (2 نيسان/أبريل الماضي) مثار جدلٍ واضح بين أوساط النشطاء والحقوقيين المعارضين، وما يزال هذا القانون يتصدر واجهة الأحداث المحلية والقانونية والتنظيمية داخل سوريا وتحديدًا في قلب العاصمة دمشق.

ويلزم القانون رقم “10” لعام 2018، بحسب مصادر قانونية، مالكي العقارات بتقديم ما يثبت ملكيتهم لها في غضون شهرٍ واحد، وإلا فإنهم سيخسرون ملكية هذه العقارات وتصادرها الدولة، ويحقّ لها تمليك العقارات لمن تراه مناسباً.
وفي آخر المستجدات المتعلقة بهذا القانون، أفادت مصادر إعلامية تابعة للنظام، عن تعديلات أقرها ما يسمى بمجلس الشعب التابع للنظام على القانون رقم 10 وصفتها بأنها تعديلات هامة.

وبحسب ذات المصادر، فإن أعضاء مجلس الشعب ناقشوا في جلستهم التي عقدت، في 6 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، مشروع القانون المتعلق بتعديل بعض مواد القانون رقم 10 لعام 2018 والمرسوم والتشريعي رقم 66 لعام 2012.

وشملت التعديلات، بحسب تلك المصادر الموالية للنظام، رفع مدة تقديم الوثائق للتصريح عن ملكية العقار إلى سنة بعد أن كانت لشهر واحد فقط، يضاف إلى ذلك أنه يحق لأصحاب الحقوق الذين لم يتقدموا باعتراضاتهم أمام لجنة الخلافات، الادعاء بشأنها أمام القضاء العادي بعد انتهاء أعمال اللجان القضائية المنصوص عليها في هذا القانون.

وذكرت المصادر، أن المجلس بغالبية الأعضاء أقر هذه التعديلات وإحالتها للجهات المخولة لاستكمال إجراءات صدورها.

وزعم وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام ” حسين مخلوف” أن الهدف من مشروع القانون إتاحة الفرصة الكافية أمام المواطنين لتقديم طلباتهم بشأن ملكياتهم وحقوقهم العينية العقارية عند إحداث منطقة تنظيمية، وتكريساً للمبادئ الدستورية في صون الملكية وإعطاء الضمانات الكافية للمواطنين، ولا سيما في ظل وجود بعض المالكين خارج سورية، وفق ما تناقلته وسائل الإعلام التابعة للنظام.

جهود روسيّة لإعادة القانون 10 للواجهة:

وكان وزير خارجية النظام “وليد المعلم” كشف في مؤتمر صحفي له، منتصف العام الحالي، عن تعديل المدة الزمنية لإثبات الملكية من شهر إلى سنة وقال: إنه نتيجة للانتقادات الكبيرة التي تعرض لها القانون رقم 10 من وسائل إعلام عالمية ومن دول الجوار المستقبلة للاجئين السوريين، فقد تقرر تعديل المدة الزمنية لإثبات الملكية من شهر إلى سنة، لافتاً إلى أن ذلك يؤكد عدم نية النظام بمصادرة أملاك السوريين الذين اضطروا لمغادرة بلدهم”.

وفي هذا الصدد قال “أيمن دسوقي” الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية لسوريا 24: إن النظام أشاع عبر لسان وزير خارجيته بتعديل القانون رقم 10 فيما يتعلق برفع مدة تقديم الوثائق للتصريح عن ملكية العقار من شهر إلى سنة، لكن دون أن يكون هناك مستند قانوني يؤكد كلام وزير الخارجية، وأعتقد النظام أنه بذلك استوعب ضغوط المجتمع الدولي، بالوقت الذي كانت فيه الوحدات الإدارية تعلن عن إخضاع مناطق للقانون رقم 10 وهو ما أعاد القانون للواجهة من جديد والتشكيك برواية النظام ومصداقيته فيما أعلنه على لسان وزير خارجيته.

وأضاف، أن القانون عاد للواجهة إثر ممارسة “موسكو” ضغوطاً على النظام لإجراء تعديلات على القانون رقم 10 وإشهارها بشكل دستوري ووفق الآليات القانونية والتنظيمية المعمول بها، حيث تجهد موسكو في تهيئة البيئة اللازمة لدفع مشروعها لإعادة اللاجئين السوريين بما يتسق مع رؤيتها لتسوية الأزمة السورية، ويمكن لحظ دور روسي واضح في دفع النظام إلى إصدار قرارات تصب فيما تعمل عليه ومنها إصدار قانون العفو، إلغاء دعوات الاحتياط.

أداة لتحقيق مكاسب اقتصادية:

ويرى “دسوقي” أن النظام يتمسك بالقانون 10 باعتباره أداة قانونية يمكن استخدامها على نطاق واسع لتحقيق مكاسب اقتصادية، عبر إغراء شركات العقارية الخارجية سيما الخليجية منها على الاستثمار في سورية، باعتبار العقار حالياً مصدر الربع المتاح للنظام للتربح منه، وقد لوحظ بدء أعمال شركات خليجية في “ريف دمشق ودمشق” على سبيل المثال، كذلك باعتباره أداة وورقة تفاوضية مع المجتمع الدولي لنيل مكاسب تتعلق بفك الحصار عن النظام ورفع العقوبات، كذلك باعتباره أداة لمكافأة تحالف رجال الأعمال والسلطة من جراء المكاسب المتحققة عن تطبيق هذا القانون، وأيضاً باعتبار القانون أداة لإعادة الهندسة الديمغرافية في مناطق محددة.

النظام قادر على تفريغ القانون 10 من مضمونه:

وسبق تلك التعديلات، ما نقله مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى سوريا “يان إيغلاند”، الشهر الماضي، عن مسؤول روسي قوله: إن نظام الأسد سحب القانون رقم 10 “، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول هذا التصريح الروسي.

وأعرب “دسوقي” عن اعتقاده بوجود رابط بين تلك التصريحات الروسية وتلك التعديلات، وقال: أعتقد أن هنالك ارتباط وثيق، فالحديث الروسي عن سحب القانون رقم 10 قد قوبل بتشكيك أممي باعتبار أنه لم يرشح شيئاً من السلطتين التنفيذية والتشريعية بهذا الأمر، لنشهد عقب ذلك إخضاع القانون لمناقشات ضمن أروقة مجلس الشعب وإجراء تعديلات عليه، فيما يتعلق بالمدة المتاحة لتقديم الوثائق للتصريح عن ملكية العقار من شهر إلى سنة.

إلا أن “دسوقي” رأى أنه وعلى الرغم من هذا التعديل فإن النظام يستطيع وعبر آليات بيروقراطية وقانونية واشتراطه موافقات أمنية، وفي ظل قلة عدد القنصليات في الخارج لمتابعة أمور الوكالات القانونية وغيرها من الإجراءات، أن يفرغ هذا التعديل من مضمونه، ويكفي الإشارة إلى سكان منطقة “اللوان” ممن كانوا مقيمين داخل دمشق وومن طبق عليهم مرسوم 66 دون أن يمتلكوا آليات أو اجراءات لإيقاف تنفيذ طردهم من ممتلكاتهم دونما تأمين سكن بديل لهم أو تعويضهم مالياً بالشكل الكافي.

وسائل احتيالية لغصب العقارات:

وكانت “هيئة القانونيين السوريين الأحرار”، أصدرت في قبل شهرين، مذكرة وجهتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن، جاء فيها أن الشعب السوري يواجه أخطر جريمة يرتكبها بحقه بشار الأسد وأعوانه “إيران وروسيا”، من خلال إصرارهم على تنفيذ القانون رقم 10 من أجل تغيير البنية السكانية السورية وحرمان اللاجئين والمهجرين من العودة لعقاراتهم في سوريا.

ووصف رئيس “هيئة القانونيين السوريين الأحرار” القاضي “خالد شهاب الدين” تلك التعديلات على القانون رقم 10 بأنها وسائل احتيالية لغصب عقارات كل من نادى بإسقاط النظام أو تغييره، لافتًا إلى أن النظام يحاول ان يقنع العالم بأن هذا القانون وفق الدستور وصدر بموجب اقرار مجلس الشعب وحقق كل الشروط القانونية لصدوره، ويريد أن يقنع العالم ويبتعد عن الظروف الموضوعية التي تمهد لإصدار هكذا قوانين، لإعادة تنظيم المناطق التي دمرت.

وتابع “شهاب الدين” في تصريحات لسوريا 24 متسائلًا: عن أي قضاء يتم الحديث عنه ورأس النظام بشار الأسد هو رئيس مجلس القضاء الأعلى، وبالتالي فإن هذا القضاء غير مستقل ومسيس ومرتبط برأس النظام، كما أن هذا القضاء شرعن للأسد كل جرائمه، وكيف سيأتي من تم الاستيلاء على عقاره أو غصبه أو عدم دفع تعويض مناسب له أو عدم تخصيصه بمقسم بما يتناسب مع حصته وعقاره، لمراجعة هكذا قضاء في ظل النظام المجرم الاستبدادي والأفرع الأمنية التابعة له.

تعديلات لا فائدة منها:

بدوره، قال رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية “أنور البني” لسوريا 24″ إنه كان واضحا من المرسوم رقم 10 أنه صمم للاستيلاء على أملاك المهجرين واللاجئين، واستبدال الشعب الرافض للنظام بشعوب اخرى، وهذه جريمة توطئة لجريمة التهجير القسري التي جرت وبقرار من أعلى الهرم الذي صرح بشكل علني أنه سعيد بالحرب لأنها جعلت المجتمع السوري متجانس، أي ان جميع الباقين هم تحت هيمنته، والمعارضين أصبحوا خارج سوريا ولن يسمح لهم بالعودة.

أما المحامي “حسام السرحان” عضو مجلس الإدارة في “تجمع المحامين السوريين” فقلل من أهمية تلك التعديلات وقال: إن تلك التعديلات ليست هي “الحلّ”، لأن من يتواجد في ألمانيا أو السويد أو غيرها من الدول الأوروبية، لن يكون بإمكانه أن يعود لسوريا لإثبات حقه في التملك، ومن جهة أخرى لا يمكن اللجوء للقضاء طالما بقي كمؤسسة تابعة لنظام الأسد، مشيرًا إلى انعدام الثقة أصلًا بين المواطن ومؤسسة القضاء التي تعد أحد أركان النظام، لافتًا إلى أن تلك التعديلات “لا فائدة منها”.

الشيطان يكمن في التفاصيل:

وعن رأيه القانوني حول تلك التعديلات، وافانا القاضي السابق والمستشار القانوني “مصطفى القاسم” بعدد من النقاط أوضح فيها، أنه لم يثر “قانون تنظيمي” ما أثاره القانون رقم 10/2018، من نقاش وجدالات واعتراضات على الصعيد الداخلي وعلى المستوى الدولي، حيث سادت الخشية من أن هذا القانون مع ما احتوى عليه من إجراءات تعسفية سيكون وسيلة لتجريد السوريين من ممتلكاتهم الشخصية وقطع روابطهم بوطنهم الأم، وبالتالي سيمهد ذلك لبقائهم لاجئين في البلدان التي انتقلوا إليها.

وتابع، أنه نتيجة الاعتراضات الدولية فقد حاول النظام اختزال المخاوف في المهلة التي منحها القانون للمالكين لتقديم وثائق ملكيتهم، والتي حددها القانون بثلاثين يوما من تاريخ الإعلان عن إحداث المنطقة التنظيمية الجديدة التي تقع فيها العقارات، ثم زَعم وزير خارجية النظام في مؤتمر صحفي أنه تمّ تعديل هذه المهلة إلى سنة هكذا، ودون صدور أي قانون يقضي بالتعديل.

ويقول “القاسم”: إنه لاحقًا ونتيجة امتناع بعض الدول الغربية عن المساهمة في إعادة إعمار سورية، وتذكيرهم بالقانون المذكور كمثال على ممارسات النظام التي تشكل جريمة وفق أحكام القانون الدولي، زعم الروس أن النظام قد “سحب” القانون هكذا وبكل بساطة، وكان مصطلح “سحب” القانون فتحا جديدا في عالم المصطلحات القانونية، وقد نفى النظام قضية “سحب” القانون.

وأعرب المستشار القانوني عن اعتقاده، أن المسألة قد أدت إلى خلاف “داخلي” بين القيادة الروسية والقيادة الأسدية، سيما وقد تقدمت تركيا وألمانيا بشكوى باسم أكثر من أربعين دولة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بشأن “القانون 10” الذي أًصدره نظام الأسد لتشريع مصادرة أملاك النازحين واللاجئين السوريين، وأعربت الدول الأربعين (وهي أوروبية وعربية إضافة إلى الولايات المتحدة وأستراليا واليابان) عن قلقها البالغ بشأن تداعيات القانون –الذي صدر في 2 أبريل/نيسان الماضي- ورأت أنه جزء من “سياسة شاملة تهدف إلى تغيير التركيبة الطائفية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد”.

ويضيف “القاسم” أنه وبناء على كل ما سبق وبغرض امتصاص النقمة الدولية، وإرضاءً للحليف الروسي، فقد اجتمع “مجلس الشعب” التابع لنظام الأسد ليناقش ويقرّ تعديل المهلة إلى سنة، وفتح باب الاعتراض أمام القضاء، والقانون المذكور كان قد أغلق هذا الباب.

ولفت “القاسم” إلى أن هذا كل ما تسرب عن نقاشات المجلس، من دون أي تفاصيل -والشيطان يكمن في التفاصيل-ولا قانون قد صدر، مبينًا أنه طالما لم يصدر القانون فقيمة النقاش وما قرره المجلس تبقى صفراً.

وفي سياق حديثه تساءل “القاسم” ماذا لو صدر قانون يقضي بتمديد المهلة إلى سنة وفتح باب الاعتراض أمام القضاء؟ ستبقى آلاف المشاكل التي يتسبب بها هذا القانون قائمة، ولن يتمكن اللاجئون من العودة طالما بقي هذا القانون -رغم التعديل المزعوم-وهذا النظام، وأول هذه المشاكل أنه بمجرد إعلان منطقة تنظيمية في مكان ما فإن جميع هذه العقارات ستتجمد فورا، فلا بيع ولا رهن ولا تصرف ولا تراخيص بناء ولا تراخيص ترميم .. الخ.

وختم بالقول: إن مهلة تقديم الوثائق لن تغيّر هذا الواقع، وتقديم الاعتراضات أمام القضاء -في دولة يخضع فيها القضاء للنظام بشكل مطلق-لن تغيّر هذا الواقع أيضاً، بمعنى آخر لن يعود المالك مالكا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، ويبدو أن النظام بات مقتنعا بأنه لن يستطيع تنفيذ مخططاته بسرعة الضوء، لذلك يريد تجميد مصالح الناس وإذاقتهم مرّ الصبر، ومنعهم من العودة إلى وطنهم وبيوتهم.