Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الغوطة الشرقية.. صمود أم تسويات دولية لإنتاج النظام من جديد

ليس من الغريب أن يجيش النظام آلته العسكرية كاملة في عمليته العسكرية للسيطرة على الغوطة الشرقية، لا سيما أنه سيحقق عملياً أول انتصار حقيقي له طيلة سبع سنوات من القتال، إلا أن الغريب في الأمر هو حالة فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية ذاتها، التي اتخذت موقع المدافع فقط دون وجود أي رد فعل هجومي، ربما يجنب الغوطة آثار هذه العملية المأساوية، لا سيما في ظل القرب الجغرافي من العاصمة دمشق، والذي يمكن تلك الفصائل من وضع بنك أهداف للنظام وضربه أقلها في منطقة ضاحية الأسد التي تعتبر منطقة إسكان عسكرية يقطنها عدد كبير من الضباط رفيعي المستوى.

من جهة أخرى، يزداد الأمر غرابة مع اتخاذ فصائل الجبهة الجنوبية المعارضة التي اتخذت حتى هذه اللحظة موقف المراقب دون أن تحرك ساكناً رغم قدرتها على تحريك جبهة ريف دمشق الجنوبي، لاسيما وأن تلك الفصائل تدرك تماماً أن مدينتي درعا والقنيطرة هما وجهتا النظام القادمتين فيما لو سيطر على الغوطة، على اعتبار أنهما آخر معاقل الثورة المسلحة في سوريا، وما يثير أكثر هو تبريرات قيادات تلك الجبهة بوجود ضغط دولي لعدم التحرك باتجاه العاصمة أو شن أي عملية عسكرية ضد النظام في الوقت الحالي، ما يدفع للتساؤل وإطلاق مئات إشارات الاستفهام حول ما يجري في الغوطة وأي مآل ستنتهي إليه؟

هنا يمكن القول بان الغوطة ووفقاً للمعطيات السابقة أمام سيناريوهين لا ثالث لهما، الأول أن الضغط الدولي على الفصائل عموماً بما فيها فصائل الغوطة لعدم مهاجمة النظام بالتزامن مع التقدم السريع الذي تحققه قواته داخل المنطقة مرتبط برغبة واشنطن بتوريط النظام أكثر داخل الغوطة وإجبار الروس على الغرق أكثر في المستنقع السوري قبل توجيه أي ضربات عسكرية لأهداف داخل دمشق على الثوار، على مبدأ أن التصدي للحملة من بدايتها قد يلغيها ما يفوت على الأمريكان فرصة توجيه ضربات موجعة للروس.

أما السيناريو الثاني والأخطر والذي يبدو أقرب للواقع مع شطر النظام الغوطة لثلاث أقسام فيرتبط بسيناريوهات الحل النهائي في سوريا، فدخول النظام إلى الغوطة يعني صدور قرار دولي بوضع سوريا تحت النفوذ الروسي الكامل وتصفية الثورة بما يمهد لعودة الأمور خلال العام القادم إلى ما كانت عليه قبل 2010 حتى وإن استبدل الأسد بقاتل آخر من قلب النظام ذاته كسهيل الحسن أو غيره، لاسيما وأن دخول النظام إلى الغوطة الشرقية، لا يمكن أن يتم إلا بموافقة من الولايات المتحدة، خاصة وأن الفصائل الموجودة داخل الغوطة وتحديداً جيش الإسلام يمتلك قوة عسكرية هائلة وعتاد عسكري يكفل له الصمود أياماً وأشهر، وربما يُمَّكنه من الانتقال من وضعية الدفاع إلى الهجوم، وهو الذي “أي جيش الإسلام” تمكن خلال العام الفائت من فتح جبهة دمشق عدة مرات والوصول إلى مشارف ضاحية الأسد.

باختصار وبشكل أوضح، فإن دخول النظام إلى الغوطة الشرقية يعني أن كافة العقد بين الروس والامريكيين امام الحل النهائي في سوريا قد تذللت وان اتفاقاً لتقاسم النفوذ بين الجانبين قد تم، وهو يقضي بأن تتولى روسيا زمام الحل في سوريا بما يتناسب مع هذا الاتفاق الذي سيعترف بسوريا ضمنياً كمحمية روسية على البحر المتوسط.