Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

سوريون أم وحوش؟

سوريون أم وحوش؟

سوريون كثر تساءلوا بعد مشاهدتهم ما فعله أنصار بشار الأسد بالأطفال والنساء المهجّرين من الغوطة الشرقية، هل هؤلاء بشر أم وحوش؟ وهل هم من كنا بالفعل نعيش معهم في وطن واحد؟ خصوصاً بعد تقصدهم نشر عشرات مقاطع الإذلال، التي لم تكن لتتم لولا الاستقواء بروسيا وإيران وكل ميليشيات الأرض الطائفية، لسحق كل من طالب بالحرية ولتدمير المناطق التي خرجت عن سيطرة الأسد.

يظنون بذلك أنهم انتصروا، وحافظوا على كرسي سيدهم، متجاهلين وبكل وقاحة في خطاباتهم أنهم لم يتركوا أي نوع من السلاح إلا واستخدموه ضد أهالي الغوطة الشرقية، حتى أحد مراكز الأبحاث العسكرية قدرت حجم السلاح الذي طال الغوطة خلال الحملة الأخيرة بما يعادل ست قنابل نووية، ومتجاهلين أيضا أن هذه البقعة تعرضت لأبشع أنواع الإبادة والحصار والجرائم التي لم يعرف التاريخ لها مثيلا.

استغل بشار الأسد وأسياده تخاذل العالم عن نصرة السوريين للإجهاز على الغوطة الشرقية، وإعادة السيناريو الحلبي فيها، ولقد شاهد الأصدقاء قبل الأعداء التدمير الهائل الممنهج، فهو (بشار الأسد) غير مكترث لخطابات التهديد العالمية، ولا بقرارات الأمم المتحدة ومجلسها الأمني، بعد أن لمس وعرف جيداً أنه بعد كل تجاوز لخط أحمر وهمي، يرتفع سقف الإجرام لديه، ويرخص له فعل ما يشاء بالشعب الأعزل صاحب الثورة اليتيمة، رغم أن كبرى دول العالم اصطفت وأطلقت على نفسها لقب “أصدقاء الشعب السوري”، وهم يرون في كل ساعة كيف يذبح وينكل به، إلا بعض التصريحات الصادرة عنهم التي لا تغني من جوع.

صمود الغوطة الشرقية، لسبع سنوات تحت ‏مرمى المدافع ومنصات الصواريخ والطيران الحربي، لا يعد انتصاراً فحسب، بل يعتبر أسطورة من أساطير ‏الخيال التي ستروى يوما للصغار والكبار عن بطولة شعب أعزل عاش وسط الجحيم وخرج منتصراً، ‏رغم موت الكيميائي ودمار البراميل والصواريخ. ومن المعيب على أبواق النظام التغني بما حدث ‏على أنه انتصار لهم، ونظامهم استقدم ‏كل مرتزقة الأرض من إيران وروسيا والعراق ولبنان لينصروه على الشعب السوري الذي لم ‏ينصره أحد.‏

مئات الاجتماعات التي تمت في قصر بشار وفي حميميم خرجت بقرار واحد يقضي بوجوب الإبادة الجماعية لسكان الغوطة الشرقية، أما من بقي حياً ولم ‏يسجل على قوائم الكيميائي والبراميل فعليه المغادرة إلى غير أرضه. هكذا وبدون رادع ‏ستفرغ هذه المنطقة تحت مرأى ومسمع العالم الذي صم آذانه بالطين، رغم أن القانون الدولي والإنساني، أكد على أن التهجير القسري هو ممارسة تنفذها ‏حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية، ‏بهدف إخلاء أراضٍ معينة، وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها. ويندرج هذا ضمن جرائم الحرب ‏وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

المشاهد التي انتشرت يوم أمس على مواقع التواصل الاجتماعي، كافية لإشعال ألف ثورة ضد هذا النظام المجرم الذي امتهن إذلال الشعب وقهره وقمعه بكافة الوسائل، وعندما ثار الشعب السوري كان على حق بكل ثانية، لكن خذلان الجميع بدءاً من أشقاء الوطن الذين لم يوحدهم الدم، مروراً بقادة الثورة وساستها، وانتهاءً بالمجتمع الدولي الذي تجاهل المجازر وبارك القاتل وأيده، أطال في عمر المجزرة وفي عمر نظام قاتل جلب المحتلين وسلمهم البلد من أقصاه إلى أقصاه.

‏ أخيرا، من المؤكد أن المهجرين سيعودون إلى ديارهم طال الزمان أم قصر، ولن يبق بشار الأسد ونظامه القاتل في سدة حكم ‏سوريا، فهذه الأفعال تؤكد حتمية زواله ورحيله، فلا بقاء لقاتل، وبالنهاية ستنتصر مشيئة الشعوب رغم تكالب قوى الشر عليها.