Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

هنيئا لهم بشارهم!

هنيئا لهم بشارهم!

في الأمس قرأ غالبية السوريون خبر تضحية الضابط الفرنسي بحياته من أجل إنقاذ رهينة، كان قد احتجزها في أحد الأسواق التجارية إرهابي منتمي لتنظيم “داعش”، الضابط هذا خسر حياته بعد أن قرر أن يبادل نفسه بالرهينة (امرأة) ليتم إطلاق سراحها، بغض النظر عن التبعات التي قد تجري له لاحقاً، فالمهم عنده أن تكمل هذه السيدة حياتها، وأن يقوم هو بما يمليه عليه ضميره وواجبه الذي يأمر بحماية الشعب.

تضحية وشجاعة الكولونيل بالشرطة الوطنية الفرنسية “أرنو بلترام”، تزامنت مع مأساة أهالي الغوطة الشرقية، الذين هجروا قسراً عن بلادهم بعد قتل أكثر من 60 ألفاً منهم وجرح أضعافهم، وتدمير بلادهم في حرب همجية استهدفت وجودهم وكيانهم، مستخدمة جميع الأسلحة المحرمة دوليا والتي لا تميز بين رجل أو امرأة أو طفل.

ما أضحكني تعليق لأحد الأصدقاء، تساءل فيه متهكما: “هل بشار الأسد على استعداد أن يفعل كما فعل الضابط الفرنسي لحماية السوريين؟” والأحرى بالمتسائل أن يحدد “هل بشار الأسد مستعد للتضحية في سبيل من أيده وسانده وقدم فلذات أكباده في سبيل حماية كرسي الحكم وبقائه رئيساً؟، وأن يفصل في هذا السؤال هؤلاء عن أكثر من 12 مليون سوري تركوا منازلهم، لأنهم طالبوا بسورية عادلة، تضمن حرية المواطن وتصون كرامته.

الكلام عن احتمالية تقديم “تضحيات” من قبل بشار الأسد هي ضرب من الخيال والجنون، فهو لا يتخيل نفسه من دون سلطة وحكم، لا أن يخسر حياته من أجل شعبه، فالكرسي أهم من سوريا بما تحوي من بشر وحجر وشجر، وإلا لماذا أعلن الحرب ودمر أكثر من نصف البلاد ليبقى رئيسا ويفتخر في إطلالاته بأنه رئيس وأنه انتصر على المؤامرة الكونية.

لم يتجرأ بشار الأسد بالرد على مئات الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة الوطنية، ولم يخجل هو ونظامه عندما امتلأت السماء السورية بالطائرات متعددة الجنسيات، بل كان رده وبكل وقاحة موجه للشعب السوري، وبعد كل ذلك يدعي النصر وهزيمة المؤامرة، هزيمة النساء والأطفال المختبئين في الملاجئ خوفاً من البراميل المتساقطة من طائرات البطل المغوار والذي لم يعرف التاريخ له مثيلاً! ولعل أقرب مثال على بطولات بشار الأسد على شعبه ما قاله الشاعر:
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ، ربداء تجفلُ من صفير الصَّافرِ.

لو كان بشار الأسد شجاعاً وبطلاً كما يدعي موالوه، لقدم استقالته منذ سنين، فالقادة العظام الذين يحترمون أنفسهم وشعوبهم يعلنون التنحي عن منصبهم في حال تعرض بلدهم لنكسة عسكرية أو سياسية أو لمأزق اقتصادي، وحتى نكبة طبيعية، لا أن يدمر هو بلده من أجل منصبه.

لو كان بشار الأسد شجاعاً وبطلاً كما يدعي موالوه، لقدم استقالته منذ سنين، فالقادة العظام الذين يحترمون أنفسهم وشعوبهم يعلنون التنحي عن منصبهم في حال تعرض بلدهم لنكسة عسكرية أو سياسية أو لمأزق اقتصادي، وحتى نكبة طبيعية، لا أن يدمر هو بلده من أجل منصبه.

 

نظام الأسد جلب لسوريا الاحتلال الروسي والإيراني، واستعان بجميع عصابات وميليشيات الأرض الطائفية، ليقتل بهم أكثر من نصف مليون سوري، وبهمتهم دمرت حمص ودرعا وحلب وإدلب ودوما وداريا والزبداني وعشرات المدن السورية، وإن تحدثنا عن واقع الاقتصاد بعيدا عن الخسائر البشرية، لتبين حال النصر المزعوم، ففاتورة الحرب بحسب بعض الدراسات تقدر بنصف مليار دولار، وهذا الرقم يعني أن خسائر الحرب باتت تمثل تقريبا عشرة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السوري وذلك عام 2010.

الاقتصاد السوري انكمش خلال حرب الأسد بنسبة وصلت إلى خمسة وسبعين في المائة، وكل القطاعات أصيبت بالشلل، فإنتاج القطاع الزراعي انخفض بنسب وصلت إلى خمسة وسبعين في المائة والصناعة مثله، أما معدلات الفقر، تجاوزت ثمانين في المائة بحسب الأمم المتحدة، والبطالة تجاوزت ثمانين بالمائة، مع انهيار العملة، وندرة السلع التي قفزت إلى أكثر ثلاثة آلاف في المائة.

الحرب التي يشنها الأسد على الشعب جعلت البلاد تفقد أكثر من 60 بالمائة من قوتها البشرية مع خسارة عشرات الآلاف من الكوادر المتخصصة مما دفع صندوق النقد الدولي للقول إن إعادة الإعمار تحتاج لفترة طويلة جدا تصل إلى عشرين عاما على الأقل، وبعد كل هذا يدعي الأسد ونظامه النصر!