Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في ذكراه الثالثة.. ما بعد اتفاق المنطقة الجنوبية ليس كما قبله

خاص - SY24

تصادف، اليوم الخميس، الذكرى السنوية الثالثة للاتفاق بين فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة الجنوبية، وبين النظام السوري برعاية روسية. 

ومنتصف العام 2018، سيطرت قوات النظام السوري وبدعم روسي وإيراني على محافظة درعا جنوب سوريا، بعد عملية عسكرية واسعة النطاق. 

وفي الأول من تموز/يوليو 2018، شهدت المنطقة الجنوبية توقيع اتفاق بين ممثلين عن المعارضة العسكرية في المنطقة الجنوبية، وبين ممثلين عن النظام السوري برعاية روسية. 

وتضمن الاتفاق عددا من النقاط التي تم وضعها والمتعلقة بالجانب الأمني والميداني والإنساني في عموم محافظة درعا. 

وتنفرد منصة SY24، بالتزامن مع الذكرى السنوية للاتفاق، بنشر تفاصيله نقلا عن “وثيقة الاتفاق” والتي وصلت إليها بشكل خاص. 

ونص الاتفاق على ما يلي: 

1- وقف إطلاق نار فوري وشامل. 

2- البدء بتسليم السلاح الثقيل ابتداء من تاريخ الاتفاق. 

3- عودة الأهالي إلى القرى والبلدات التي لا يتواجد بها الجيش بصورة طبيعية، وعودة الأهالي إلى القرى التي يتواجد بها الجيش برفقة الشرطة العسكرية الروسية والهلال الأحمر، وبضمانة من الشرطة العسكرية الروسية لسلامة الأهالي. 

4- البدء بتسليم السلاح المتوسط في المناطق المشمولة بوقف إطلاق النار. 

5- تسوية أوضاع أهالي المناطق المشمولة بوقف إطلاق النار. 

6- توزيع نقاط التسوية جغرافيا حسب الحاجة وضمن آلية متفق عليها. 

7- رفع العلم السوري بالتزامن مع دخول مؤسسات الدولة المدنية. 

8- المقاتلون الذين يسوون أوضاعهم ويرغبون بقتال (داعش) ينتسبون إلى فيلق الاقتحام، وبالدرجة الأولى في المنطقة الجنوبية. 

9- تسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين للخدمة الإلزامية وإعطائهم تأجيل لمدة 6 أشهر. 

10- العمل على عودة جميع الموظفين إلى وظائفهم الحكومية. 

11- حل مشكلة المعتقلين والمخطوفين ضمن مجموعة أستانا، وتبادل جثث القتلى من الطرفين. 

12- يشمل هذا الاتفاق المنطقة من درعا غربا وحتى بلدة صماد شرقا، ومن بصر الحرير شمالا حتى الحدود الأردنية جنوبا. 

13- الضامن لهذا الاتفاق هو الجانب الروسي. 

وبعد مرور 3 سنوات على توقيع الاتفاق، فإن ما جرى في درعا ويجري من بعد الاتفاق ليس كما كان الحال عليه لحظة توقيعه  في 2018. 

وبدأت عموم مناطق درعا بين الفترة والأخرى تشهد حالة من التوتر الأمني، سواء على صعيد الاغتيالات أو على صعيد سقوط ضحايا جراء الألغام والعبوات الناسفة. 

والبداية كانت بعد أيام قليلة من توقيع الاتفاق، وكان العنوان العريض هو خرق قوات النظام السوري لبند وقف إطلاق النار، إذ كان هذا البند من أبرز المطالب وأكثرها إلحاحا. 

وكان اللافت للانتباه عقب الاتفاق بأيام قليلة، هو خروج من رفض التسوية والمصالحة مع النظام السوري، من محافظة درعا إلى محافظة إدلب شمال سوريا. 

وكانت أول دفعة مهاجرين خرجت في 15 تموز/يوليو 2018، من درعا القديمة في مدينة درعا، باتجاه محافظة إدلب، وضمت القافلة حينها 15 حافلة على متنها 900 شخص معظمهم من المقاتلين وعائلاتهم. 

بالمقابل، وفي 8 تموز/يوليو، رصدت عدسة SY24، عودة النازحين من الحدود السورية الأردنية إلى مدينة “بصرى الشام” في ريف محافظة درعا، وذلك من أجل عودتهم إلى قراهم وبلداتهم في المنطقة الشرقية، التي يستعد النظام السوري وحلفائه للانسحاب منها بموجب الاتفاق المبرم بين المعارضة والجانب الروسي. 

وفي 29 تموز/يوليو 2018، عاد مئات المهجرين والنازحين من أهالي مدن وبلدات الحراك وبصر الحرير ومليحة الشرقية وناحتة في ريف درعا، إلى منازلهم بحماية الشرطة الروسية، وذلك بموجب الاتفاق المبرم بين المعارضة السورية والجانب الروسي. 

 

وفي 29 آب/أغسطس 2018، سمحت قوات النظام السوري لأهالي قرية “الشيخ مسكين” غربي درعا بالعودة إلى مدينتهم بعد ثلاث أعوام من التهجير القسري لسكانها وإبعادهم عنها بسبب هجوم عنيف شنته قوات النظام حينها بدعم جوي روسي أسفر عن سقوط المدينة تحت سيطرة الميليشيات التي كانت تقاتل إلى جانب قوات النظام. 

 

وفي وقت وثق فيه ناشطون عودة العديد من العائلات المهجرة إلى مدنها وبلداتها في محافظة درعا، أشاروا إلى أن  النظام السوري هجر آلاف الأشخاص من الجنوب السوري، عقب سيطرته على درعا والقنيطرة في تموز عام 2018. 

وواصل النظام خرقه لهذا البند في نص الاتفاق، إذ في آذار 2020، هجرت قوات النظام وروسيا، العديد من أبناء مدينة الصنمين في ريف درعا إلى الشمال السوري، بعد هجوم واسع لجيش النظام على المدينة. 

وفي 16 أيار 2021، اتفق وجهاء وأهالي المنطقة الجنوبية مع النظام السوري، على تهجير 30 شخصاً مطلوباً لقوات النظام السوري وعائلاتهم من قرية أم باطنة إلى الشمال السوري، مقابل إيقاف قوات النظام عملياتها العسكرية على القرية.

وفي حزيران 2021، فتح النظام ملف التهجير مجدداً في مدينة درعا والقرى المحيطة بها، عقب قيام الأجهزة الأمنية بإجراء دراسات أمنية عن مئات الأشخاص الذين خضعوا لاتفاق التسوية سابقاً”. 

وذكرت مصادرنا أن “التهجير سيطال كافة الأشخاص ممن أثبتت الدراسات الأمنية أنهم ما زالوا يرفضون النظام ويقفون في وجه قواته في درعا”. 

وأشارت مصادرنا إلى أن “المناطق التي يحتمل أن تشهد عمليات تهجير خلال الفترة القادمة، هي اليادودة والمزيريب وطفس وداعل ونوى وجاسم وصيدا والنعيمة وعتمان، كونها من أكثر المناطق التي يجري فيها الأمن الوطني دراسات أمنية”. 

ومنذ اتفاق تموز 2018، تشهد محافظة درعا بشكل مستمر هجمات ضد مواقع النظام السوري، واحتجاجات شعبية مناهضة للنظام ورافضة لاستمرار الانتهاكات بحق الأهالي. 

وكان من الخروقات التي ارتكبها النظام السوري وقواته، هو لجوئه إلى محاصرة المدن والتهديد باقتحامها عسكريا، في حين نفذت قواته والميليشيات الموالية له ومنذ سيطرته وحلفائه على الجنوب السوري، في تموز 2018، عدة عمليات عسكرية ضد مناطق متفرقة في ريف درعا. 

ومطلع العام 2021، ، قامت قوات النظام السوري متمثلة بـ “الفرقة الرابعة” التابعة لجيش النظام بإغلاق كافة الطرق المؤدية إلى مدينة درعا انطلاقاً من الريف الغربي، ومنعت المدنيين من المرور، كما احتجزت عشرات العائلات من البدو ضمن خيمهم، حيث يعملون في المشاريع الزراعية ويقطنون على الطرق الزراعية. 

وفي الفترة ذاتها، بدأت قوات النظام السوري، حملة عسكرية على مدينة طفس بريف درعا الجنوبي، مستخدمة الأسلحة الثقيلة في استهداف نقاط متفرقة فيها. 

وذكر مراسلنا في درعا أن قوات النظام استهدفت بالمدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات والمضادات الأرضية، أطراف مدينة طفس. 

وفي 15 آذار 2021، أرسلت “الفرقة الرابعة” تعزيزات ضخمة وشنت هجوم على بلدة “المزيريب” حيث حاولت دخول أحد أحياء البلدة، إلا أنها اصطدمت بمقاومة عنيفة وقُتل من جنودها ما لا يقل عن 22 عنصراً بينهم نقيب ينحدر من اللاذقية، وقياديين بارزين في “قوات الغيث”. 

ومنتصف حزيران 2021، أرسلت قوات النظام والميليشيات الموالية لروسيا، تعزيزات عسكرية ضخمة إلى محافظة درعا في الجنوب السوري. 

وأفادت مصادر مطلعة، بأن “النظام يجهز لعملية عسكرية في درعا البلد وبعض المناطق في ريف درعا، ومن المرجح أن تشارك تلك القوات في العملية القادمة”. 

ونهاية حزيران 2021، فرضت قوات النظام حصارها على درعا البلد، عبر إغلاق الطرق المؤدية إلى المنطقة، ومنع السكان من الدخول إلى مركز مدينة درعا. 

وأكدت مصادر خاصة لمنصة SY24، أن الفرقة الـ 15 قوات خاصة، نشرت تعزيزات عسكرية من المنطقة الممتدة من النعيمة وأم المياذن وصولا إلى درعا البلد، وعملت على رفع سواتر ترابية ونصب مرابط رمايات دبابة. 

وفي ملف المعتقلين، أصدر “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، نهاية 2018، إحصائية عن عدد النساء اللواتي تم اعتقالهن في درعا منذ سيطرة قوات النظام السوري على كامل المحافظة في تموز من العام نفسه.

ووثقت الإحصائية اعتقال 22 امرأة بالإضافة إلى سيدة وطفلها القاصر، دون الكشف عن مصيرهم .

وكان المكتب كشف حينها، عن ارتفاع وتيرة الاعتقالات في درعا، خلال الشهر شهر تشرين الثاني الماضي، حيث يسعى النظام إلى اعتقال أكبر عدد ممكن من الشبان بهدف سوقهم للخدمة الإلزامية والاحتياطية. 

ومطلع العام 2019، اعتقلت قوات النظام السوري اثنين من قيادات المصالحات بريف درعا، في استمرار ملحوظ للاعتقالات التي تنفذها قوات النظام ضد عناصر سابقين في صفوف المعارضة. 

وجاءت هذه الاعتقالات بعد أيام من اعتقالات في مدينة جاسم ونوى تم خلالها اعتقال قياديين في فصائل المصالحات، وقياديين سابقين في فصائل المعارضة، ونائب وزير الإدارة المحلية في حكومة الائتلاف سابقاً. 

وأكدت مصادرنا، أن مخابرات النظام واصلت اعتقالات جنوب سوريا بالرغم من الوعود بإيقافها، بعد عفو شمل جميع المطلوبين، حيث لم تستثن تلك الاعتقالات النساء أو الأطفال القصر، أو العناصر المنضمين لصفوف مخابرات النظام، بالإضافة إلى مدنيين وعناصر سابقين في فصائل المعارضة. 

وأواخر العام 2019، خرجت عدة مظاهرات في محافظة درعا تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وتوضيح مصيرهم. 

وتزايدت أعداد هذه المظاهرات لا سيما بعد ازدياد نفوذ حزب الله في الجنوب وإقدامه على عمليات تشييع واغتيال بحق أبناء الجنوب من جهة، وعدم وفاء نظام الأسد بتعهداته والتزاماته، حيث لم يخرج المعتقلين ولم تتوقف الاعتقالات وتزايدت عمليات الاغتيال التي تديرها أفرع المخابرات السورية بحق ناشطين ومقاتلين سابقين في المعارضة السورية. 

وفي الفترة ذاتها، خضع النظام السوري لمطالب أهالي درعا، بغية تهدئة الأوضاع والتخفيف من التوتر الذي تشهده مناطق الجنوب السوري، والحد من المظاهرات المناهضة للنظام وإيران.

وقالت مصادر خاصة لـ SY24، إن “رئيس النظام السوري في إطار مساعيه لإعادة تلميع نفسه وتهدئة الجنوب السوري، أصدر قراراً يقضى بإخراج 118 معتقل من محافظة درعا بينهم معتقلات من غالبية قرى وبلدات ومدن المحافظة”. 

وشهدت الأشهر الأخيرة التي تلت سيطرة النظام السوري على مناطق المعارضة جنوب سوريا، مئات حالات الاعتقال بقصد الابتزاز المالي أو القتل أحياناً، والتي تطال عناصر المصالحات وقادة التسويات المبرمة مع أفرع النظام الأمنية في محافظة درعا. 

واعتبر ناشطون أن الخلاف الروسي الإيراني على الأرض، وسيطرتهما على الأفرع الأمنية ورغبة النظام السوري بالانتقام من معارضيه، كانت السبب الرئيس في عمليات اعتقال واغتيال العناصر والقادة الذي كانوا يعملون ضمن فصائل المعارضة قبل تموز عام 2018. 

ومن الخروقات الأخرى التي شهدها الاتفاق والتي كان بطلها الضامن الروسي، هو تجنيد أبناء درعا وحتى السويداء والقنيطرة، أي أبناء المنطقة الجنوبية، للقتال في ليبيا، أو ضمهم لـ “الفيلق الخامس” ومن ثم نقلهم للقتال على جبهات الشمال السوري ضد فصائل المعارضة السورية هناك. 

وكان من المفترض أن يتم الالتزام، وحسب الاتفاق، بأن تكون الخدمة الإلزامية لأبناء المنطقة الجنوبية في المنطقة ذاتها، لكن ما حصل أن من تمت تسوية أوضاعهم وعادوا إلى صفوف الجيش تم توزيعهم على كافة الثكنات العسكرية التابعة للنظام في مختلف المحافظات السورية، وهذا الأمر يعتبر مخالف لنص الاتفاق. 

يضاف إلى كل ما ذكر حالة التهميش الخدمي المتعمد من قبل النظام وحكومته لمدن وقرى وبلدات المنطقة الجنوبية، إضافة الحالة الاقتصادية والمعيشية المتردية التي يمر بها الأهالي، والكثير من الأزمات التي يتعمد النظام عدم الالتفات إليها لحلها ومعالجتها. 

ووسط تسارع الأحداث واستمرار خرق الاتفاق من قبل النظام وداعميه في المنطقة الجنوبية، يبقى العنوان العريض لما يجري في محافظة درعا وبشكل يومي، هو عمليات الاغتيال التي تطال المدنيين والعسكريين في الفصائل سابقا، إضافة إلى قوات النظام وميليشياتها، وسط تباين الروايات حول الجهات التي تقف وراء تنفيذ هذه العمليات، الأمر الذي يشكل مصدر قلق يومي للسكان المدنيين.