Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

سوريات يبدعن بسبب الضائقة الاقتصادية

خاص - SY24

عشر سنوات عجاف عانت فيها المرأة السورية الأمرين، سنوات سلبتها ما لم تسلبه لغيرها من نساء العالم، حيث فقدت خلالها رفاهية المطالبة بحقوقها فمنذ اندلاع الحرب السورية كانت المرأة أبرز المتضررين فيها، ولطالما عانت المرأة مع اشتعال الحرب مختلف ألوان المعاناة وكانت حاضرة في مقدمة التقارير التي كانت تتحدث عن الانتهاكات والاعتقالات والاختفاء القسري.

لكن بعيداً عن ضجيج الحرب وصمت المنظمات الدولية إزاء هذه الانتهاكات استمرت المرأة السورية بحمل عبء معاناتها في الملاذات الآمنة مع كل ما تعانيه من شقاء وعناء وتعب بدني في سبيل توفير مستلزمات عائلتها، إضافةً إلى التعب النفسي الناجم عن النزوح والتهجير القسري في غالب الأوقات.

تدني الوضع المعيشي للسوريين عامةً، والنساء خاصةً اللاتي أصبحنا بغالبيتهن معيلات لعوائلهن جعل الكثير منهن ينخرطن في سوق العمل، ويبتكرن مشاريع اقتصادية فردية، ووسائل عيشً جديدة لم يعتادوا عليها قبل الثورة لإعالة أسرهم وتأمين حياة كريمة لها.

لم  يكن عمل المرأة مألوفاً لدى الكثير من الفئات المجتمعية المحافظة، وكل امرأة تعمل سابقاً هي بالضرورة مضطرة لحاجة تفرضها الأوضاع الإقتصادية السيئة، هكذا بدأت حديثها الناشطة “ديمة العبدالله ” من “جمعية البر” في مدينة ديرالزور , في مقابلة خاصة لها مع منصة SY24.

وأضافت “العبدالله”، بأنه لا يخفى على أحد اهتمام المجتمع السوري بتعليم المرأة في السنوات الأخيرة، لكن رغم ذلك اقتصر دورها لدى الأسر الميسورة الحال على أن تكون معلمة وطبية ومهندسة، تحمل شهادة جامعية عليا بعيداً عن الأعمال المأجورة والبعيدة عن تخصصها، لكن ظروف الحرب مؤخراً فتحت أمام النساء أبواباً  كثيرة، فلم يعد العمل ثقافة وتطور، إنما بات واجباً تفرضه الأوضاع المعيشية الصعبة التي فرضت عليها.

وأشارت إلى إنه رغم الحرب والحصار الإقتصادي إلا إننا نعمل الآن مع العديد من النساء لمساندتهن في مشاريعهم المنزلية الصغيرة وتشجيعهم عن طريق الأسواق والبازارات الخيرية لتقديم منتجاتهم القائمة على الأعمال اليدوية والمأكولات الطازجة والمجففة و صناعة الصابون والشمع وبعض المنتجات الحرفية الأخرى.

إعادة التدوير …. صانع البهجة

“أم أحمد” معيلة لـ 4 فتيات، في الأربعين من العمر، نازحة في الريف الغربي من ديرالزو، أثقلت الحرب كاهلها مع فقدانها منزلها وزوجها، مروراً بالتشرد والنزوح، ووصولاً إلى العمل في الظروف الصعبة، تخبرنا بأن تباين الأسعار بين سوقاً وآخر دون فارقاً كبير يعمق من ظاهرة العزوف عن الشراء لدى الكثيرين منا، فتسميت السعر المعقول باتت تجعل من عملية الشراء في حدودها الدنيا، قطعة الملابس التي يفترض بها أن تكون سترً لم تعد كذلك إذا كان سعرها يتطلب بيع الغالي والنفيس لامتلاكها.

وأضافت “اضطرني برد الشتاء ومجموعة من جاراتي لابتكار طرق جديدة للحصول على ملابس جميلة وبأسعار معقولة نبهج بها أطفالنا، بعضنا يمتلك خبرة جيدة وآخرون ليست بكثيرة في حياكة الملابس، بدأنا العمل منذ أربع سنوات على تدوير الملابس الصوفية القديمة لأولادنا مع إضافة بعض الإكسسورات البسيطة والغير مكلفه لها، أما اليوم فنحن نمتلك ورشة عمل صغيرة ندرب من خلالها بعض الفتيات ونتعاقد مع بعض المنظمات العاملة على فئة الأطفال في المخيمات لحياكة الزي الموحد لهم مع بداية كل عام دراسي”.

مهن يدوية … للحد من الهدر

بالرغم من أن ثقافة عمل المرأة السورية هي ثقافة جديدة في بعض الأوساط، لا يتجاوز عمرها البضع السنوات، إلا ان الكثير منهن لم يتوقف عن الإبداع والإصرار على المتابعه رغم مشقة الطريق.

بيداء الناصر، ربة منزل، تقييم في منطقة الجورة الواقعة تحت سيطرة النظام، في حديث خاص لها مع منصة SY24، تخبرنا بأن زوجها لديه عربة لبيع الخضروات والفواكه، ومع إرتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف، فأن معظم السلع تهدر ويتم رميها أو يضطر على بيعها بسعر متدني، تلافياً للهدر والخسارة، بدأنا العمل على تصنيع بعض منتجات المؤونة المنزلية من المربيات والمخللات والخل، وقمنا بالتعاقد مع بعض المطاعم لبيعها مضيفة بأننا الآن نقوم على تصدير بعض المنتجات للمطاعم في مدينة الرقة.

وأشارت “الناصر” إلى أن “مشروعها نتج عن تحدٍ يتمثل بعدم تمكن زوجها من العمل بعد خروجه من المعتقل، لكن الاجتهاد والصبر هو مفتاح النجاح”.

 

نور الجميل … طالبة

وفي سياق آخر تخبرنا “نور” طالبة ثانوية، بأن تدني الوضع المعيشي لعائلتها فرض عليها متابعة تحصيلها العلمي في الثانوية الصناعية فرع ميكانيك.

تقول نور لمنصة SY24، بدأت أعمل على تصليح بعض القطع الكهربائية في المنزل وأعمل على تمديد الليدات الضوئية، وابتكر بعض الطرق من خلال جهاز الإنفرتر لتشغيل بعض الأجهزة الكهربائية في منزلنا، أما اليوم فأنا أقوم بتصليح الأجهزة لبعض الجيران واتقاضى أجري عليها.

وأضافت أنه لدي صفحة على الفيس بوك يتم التواصل معي من خلالها، وأقوم بنشر بعض المعلومات التي تهم ربات المنزل للتعامل مع التقنين وضعف الكهرباء.

لما الحسن معلمة … ناشطة مجتمعية

إن الدافع وراء العمل الدؤوب كان تلبيةً للحاجات التي رأيت نقصانها، فمع تحدي معوقات نقص الدعم المالي وضيق الوقت بالمسؤولية التي يفرضها الواقع السوري على عاتق أبنائه، عملت مع مجموعة من المتطوعين لتأمين الكتب والدورات المجانية لطلاب الشهادة الثانوية لمتابعة تعليمهم، افتتحت غرفة من منزلي استضيف من خلالها الطلاب والأساتذة المتطوعين لإعطاء الدورات المجانية خلال فصل الصيف، أثناء تناقل الخبر بين الطلاب تم دعمنا من قبل بعض المغتربين من أهل البلد المهتمين باستمرارية التعليم.

تحديات كثيرة لا تقتصر على الصمود في وجه القصف والتهجير وتداعياتهما لا يزال على المرأة السورية مواجهتها لتحقيق هدفها بالمساواة والعدالة وإبراز دورها في عملية التنمية الاقتصادية عبر دحر التمييز والاضطهاد بشتى صوره والذين لا تزال تعيشهما بذريعة العادات والتقاليد المجتمعية الموروثة في معظم الأحيان.