Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

قصص مؤلمة ترويها ضحايا الأزمات في سوريا

خاص - SY24

دفعت الأزمة التي تعيشها سوريا من مختلف الجوانب الاقتصادية والمعيشية والتي تسبب بها النظام السوري وداعميه، بالمرأة السورية إلى تحمل المسؤولية وخوض معترك الحياة على غرار ما كان يفعله الرجل، الأمر الذي أوقعها في فخ التعرض لمضايقات لا تحمد عقباها، بسبب غياب المعيل واشتداد الأزمات.  

وحسب متابعة فريق منصة SY24 لملف المرأة السورية في مختلف المحافظات السورية، فقد باتت كثيرات منهن واللواتي كُنّ يحلُمن في إكمال تعليمهن والتفوق في مهنة ما، مجبرات على ممارسة أعمال غير مألوفة في السابق، الأمر الذي عرض كثيرات منهن للعديد من المضايقات، إضافة إلى إجبار أخريات على ممارسة ظواهر مهينة لم تكن مألوفة في مجتمعنا.

وفي هذا الجانب، توضح الأخصائية الاجتماعية “سلمى” لمنصة SY24، بأن “الحرب إحدى أبرز الإجابات الحاضرة في الأذهان كمسبّب رئيسي في خلق سياسة ممنهجة مارستها أطراف عديدة أدت إلى تفاقم عالم (الرذيلة) في سوريا، حيث أصبحتِ (الدعارة) اليوم مهنة تكاد تكون شبه علنية، بسبب ظروف كثيرة أفرزتها الحرب، وأهمها وصول الفقر إلى أدنى مستوياته تاريخيا”.

وأضافت أن “الظروف الاقتصادية المتردّية ساعدت على ذلك، إضافةً إلى الكبت الذي تعاني منه شرائح واسعة في مجتمعات وجدت نفسها مقيدة بتقاليد وأعراف صارمة، جعلت (العملية الجنسية) مرتهنة بالزواج فقط”. 

وتابعت “رغم وجود ما يسمى (بائعات الهوى) اللواتي يمارسن هذه المهنة بمساعدة رجال الأفرع الأمنية كما هو مألوف لدينا، لكنّ المواقف والظروف تتبدل”. 

وأشارت إلى انتشار هذه الظاهرة بشكل علني ما بعد عام 2011، “فعوامل عديدة كانت السبب في استفحالها، إضافة إلى السياسة الممنهجة التي اتبعها النظام السوري في تفقير الشعب وتجهيله، وحصر الوعي وتحجيمه في غالبية المناطق”. 

ودفعت تلك الظروف المتردية التي تسبب بها النظام وحلفائه، بـ “المستثمرين” في هذا النوع من التجارة لزيادة نشاطهم واستغلال الظروف المواتية لذلك. 

وأصبحت سجلّات الأمن الجنائي لدى النظام توثِّق حالات” دعارة “ لسيدات من بيئات محافظة لم يكنَّ يغادرن منازلهنَّ، لكن الظروف الاقتصادية الخانقة دفعت الكثيرات منهن للعمل. 

حيث شاع مؤخراً عمل سوريات كخادمات في المنازل، ولأنهن يختلفن من حيث الشكل عن العمالة المنزلية المستقدمة، أصبحن يتعرضن للكثير من حوادث الاستغلال من قبل أكثر من شخص من أفراد العائلة، حسب مصادرنا المتطابقة التي زودتنا بتلك التفاصيل. 

“حنان” البالغة من العمر (18 عاماً)، وتنحدر من إحدى المناطق السورية تقول لمنصة SY24، إنه “بعد وفاة والدتي بدأت تتردد على منزلنا إحدى السيدات من معارفها، وكانت هذه السيدة تتحنن علينا ببقايا طعام وبعض الملابس، وبعد فترة بدأت بإقناعي وأختي للعمل كخادمات في المنازل على اعتبار أن مردود هذه المهنة مرتفع مقابل وقت قصير، وبالفعل وافقنا على العمل ولم نكن نعلم حينها ماينتظرنا”. 

ومضت “حنان” قائلة “أخبرتنا حينها أنها ستكفل لنا عدم وجود أحد في المنزل وأنه بإمكاننا التحرر من حجابنا وبعض من ملابسنا ليسهل علينا التحرك والعمل براحة أكثر، لنتفاجئ بعد فترة إنه تم تصويرنا وبدأنا بسلسلة من الابتزازات، فلم نكن نعلم حينها أننا وقعنا في شبكة من الدعارة، لتبدأ سلسلة من التهديدات اليومية بنشر فيديوهات لنا تم تصويرها”. 

وأضافت “في بداية الأمر انتابنا شعور بالخوف والعجز ونحن على يقين بأننا لن نجد أحد ينصفنا، لكننا أخذنا قرارنا بمسايرتهم لمرة واحدة وتنتهي القصة، إلا أننا ارتكبنا خطأ أكبر إذ لم يكن بجانبنا أحد ننتصح منه، وتماشينا مع ما فرضته علينا ظروف العوز والفقر، وبعد مرور فترة من الزمن وارتفاع المردود أصبحنا نضع شروطنا مقابل الخروج، فلم نعد قادرات على إصلاح ماحصل ولا التخلي عن مستوى المعيشة التي وصلنا إليه”.

وفي ظروف مشابه تقول فتاة كانت تعمل سابقا في أحد الملاهي الليلية، إنها قابلت إحدى السيدات في صالون تجميل في مدينة ديرالزور، والتي حدَّثَتها عن عملها وكم تتقاضى، ثم عرضت عليها الحصول على مبلغٍ أكبر وبمخاطر أقل مع تأمين الإقامة والطعام، وأنها ستعمل بأمان دون أي مساءلة قانونية. 

وزادت الفتاة قائلة “ما دفعني للعمل هو الحاجة وضيق الحال، لم احتج الكثير من الوقت لأقتنع بالفكرة، وحين وصولي إلى إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، تسلمني شخص واصطحبني إلى بناية فخمة في تلك المناطق”.

وقالت أيضا “تبين لي حينها أن العمل المطلوب مني ليس ما كنت أمارسه كفنانة استعراضية، وأن المطلوب مني أن أقضي ليالي ساخنة مع الزبائن، والمشكلة أن الأمر لا ينتهي عند معاشرة واحدة، بل كان يُطلب مني في يوم واحد أن أنام مع ما يصل إلى 25 رجلاً، ناهيك عن الضرب والإهانات كما بقية زميلاتي ممن كنا يعملن معي، ولم تكن حصتي من كلّ هذا الابتزاز تتجاوز 40 دولار في اليوم”. 

وأضافت الفتاة “كان يتم عرض كل 10 فتيات مع بعضهن أمام الزبون لينتقي من يريدها، وأمام هذا الحال لا يكون أمام أي منهن حل سوى الهرب إذا تمكّنت كما فعلت إحداهن، أو الاستمرار حسب عقدها  شهر أو شهرين”. 

وتعقيباً على ذلك يقول المحامي “أيهم”: “يطول الحديث عن هذه المهنة، التي يراها معظم الناس مهنةً قذرة ومنهم من يعتقد أن مزاوليها هم ضحايا، ويجب انتشالهم ومساعدتهم بشتى الوسائل الممكنة”. 

وأضاف أنه “بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز،  تجاوز عدد العاملات في الدعارة بعد عام 2012 داخل سورية  25.000  ألف فتاة”، مبينا أن “هذا العدد يعتبر غير دقيق إذا ما تمت مقارنته بالمشهد المأساوي الذي حل بالسوريين”.

وتعاني جميع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري وداعميه من تهميش خدمي واقتصادي ومعيشي، في ظل القرارات المتخبطة من النظام وحكومته في ما يخص الأزمة الاقتصادية وسط غياب الحلول، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على حياة المواطنين المعيشية وانتشار كثير من الظواهر السلبية نتيجة الأزمة الاقتصادية، والتي تكون فيها “المرأة” هي الضحية الأكبر لتلك الأزمات.