Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

المرض مقابل الدفء في الشمال السوري!

خاص - SY24

أجبرت الظروف المعيشية المتردية في الشمال السوري، كثيراً من الأسر على اللجوء لوسائل تدفئة بديلة أفرزتها سنوات الحرب والحصار، كالتدفئة على الفحم والمازوت الرديء و البيرين الذي يصنع من “مخلفات الزيتون”.

لا يكتفِ “أبو رائد” أحد سكان المخيمات في “دير حسان” بريف إدلب، بالاعتماد على الفحم في التدفئة، بل يضع ما جمعه أطفاله طيلة الصيف، من علب بلاستيكية فارغة، وأحذية قديمة وأكياس النايلون في المدفأة.

يقول في حديث خاص لمنصة SY24:إنه “منذ خمس سنوات نستعمل كل ما يمكن حرقه في المدفأة، لا نوفر خشبة ولا قطعة نايلون إلا نضعها، لعجزنا عن شراء الحطب أو المازوت أو حتى البيرين”.

ارتفعت أسعار مواد التدفئة في الشمال السوري بشكل ملحوظ عن السنين الماضية، تجاوز سعر طن الحطب 150 دولار، وتحتاج العائلة لـ 2 طن في الشتاء أي حوالي 300 دولار، وهو مبلغ يعجز عنه كثير من الأهالي في ظل الغلاء الفاحش، وتدني مستوى الدخل.

فيما يصل سعر ليتر المازوت الأوروبي إلى 11 ليرة تركية، تحتاج العائلة إلى 400 ليتر طيلة الشتاء، أما طن قشر الفستق وصل سعره إلى 170 دولار وهو في ارتفاع بسبب كثرة الطلب عليه.

يقضي “أبو رائد” معظم أيام الأسبوع في المشافي والمراكز الصحية، بسبب التهاب الصدر والحلق الذي يصيب عائلته، وخاصة أطفاله الصغار، نتيجة استنشاق الغازات السامة، التي تنتج عن حرق مخلفات النايلون والفحم والمواد البلاستيكية.

يحذر الطبيب “زهير فجر” أخصائي صدرية وأمراض الجهاز التنفسي في مدينة إدلب، من استخدام الألبسة والأحذية للتدفئة، وكذلك مخلفات الحراقات وبعض اللدائن البلاستيكية، يقول في حديث خاص لمنصة SY24، إن “احتراق هذه المواد يطلق غازات وروائح سامة، تسبب تخرش مباشر في الجهاز التنفسي، وبعضها يطلق غاز أول أوكسيد الكربون، وهو غاز سام يؤدي استنشاقه إلى التسمم والاختناق، وقد يسبب الموت”.

أصيب الطفل الأصغر عند “أبو رائد” بـ “التهاب قصبات” حاد، بقي قرابة أسبوع في المشفى، يخضع لجلسات الرذاذ حتى تحسنت صحته، بسبب رائحة مواد التدفئة السامة التي استنشقها.

عائلة “أبو رائد” واحدة من آلاف العائلات في الشمال السوري، التي تستخدم وسائل تدفئة تقليدية بديلاً عن المحروقات، بسبب ارتفاع أسعارها، وعدم قدرتهم على شرائها.

يؤكد الطبيب “فجر”، أن عدد حالات المرضى التي تزور عيادته في الشتاء جراء تأثرها بمواد التدفئة، ارتفع كثيراً خاصة مرضى الربو، وأصحاب الأمراض المزمنة والأطفال.

بالنسبة لأعراض التسمم بأول أكسيد الكربون، يشير الطبيب إلى أن الشخص يصاب بأعراض التسمم ولا يعرف سببها، ومنها الصداع، الضعف العام، التوتر، الغثيان، الخمول، الدوخة، نقص مستوى الوعي، واضطراب دقات القلب.

عانت السيدة الثلاثينية “أم سعيد” من هذه الأعراض الشتاء الماضي في خيمتها بمنطقة “كفر لوسين” شمال إدلب، تقول لنا :”أصيبت طفلتي ذات الأربع سنوات، بمرض الربو التحسسي، نتيجة استخدام الفحم في التدفئة، ورافقتها السعلة الجافة والتهاب الجهاز التنفسي”.

لم تتوقف أضرار مواد التدفئة البديلة على الأمراض، بل سجلت المنطقة عدداً من الحرائق لكثير من الخيم والمنازل، وسببت خسائر بشرية ومادية تعود  إلى الاستخدام غير الآمن لوسائل التدفئة.

ومنتصف كانون الأول العام الماضي، وثق فريق “منسقو استجابة سوريا”، 74 حالة احتراق اندلعت في مخيمات النازحين في الشمال السوري، الأمر الذي تسبب بأضرار مادية ومعنوية للنازحين، مناشدا المنظمات الإغاثية والإنسانية التحرك ومد يد العون.

وذكر منسقو الاستجابة في بيان على حسابه في “فيسبوك”، اطلعت منصة SY24 على نسخة منه، أن حرائق جديدة سجلت، في مخيمات الشمال السوري في بلدتي كللي وتل الكرامة بريف إدلب الشمالي، نتيجة استخدام مواقد الطهي واحتراق المدافئ، كما سجلت حرائق سابقة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة سابقاً، مما يرفع عدد الحرائق ضمن المخيمات خلال ثمانية أشهر إلى 74 حالة حروق.