Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الإنترنت مصدر رزق لمئات السوريات

خاص - SY24

بين ضنك الحرب التي طال أمدها ومرارة سوق العمل والأجر المجحف والاستغلال، أخذ الكثير من السوريين يبحثون عن فرص للعمل والتعليم وفق حلول مؤقتة توفر لهم أبسط مقومات الحياة الكريمة، فبعد أن اختلط الواقع بالافتراض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وانتشرت الهواتف الذكية التي أصبحت متاحة لجميع الفئات، نجحت مجموعة من النساء السوريات في سلك طرق جديدة وفق ما يلائمهن، متحدين ما فرضته عليهن الحرب.

وتعقيباً على ذلك، تقول الناشطة الاجتماعية “سلام المصطفى” باحثة في الشؤون النسوية، إن الحرب أجبرت الكثير من النساء على أن يصبحن معيلات لأسرهن، فبدأ البحث عن بديل للوظائف يشغل حيز لديهن، وقد نجحت الكثيرات منهن في تكوين “بيزنس” خاص بها، مستغلة “ثورة وسائل التواصل الاجتماعي” التي أتاحت الفرصة للجميع لممارسة الأعمال الحرة وتبادل المعلومات والتعريف بالأعمال المختلفة.

وأضافت “سلام” في حديث خاص لها مع منصة SY24، أن “هذه الظاهرة ساعدت العديد من الفتيات في إثبات كفاءتهن في مجالات متنوعة كانت تصعب عليهن أحياناً، ولكن مازالت هناك تحديات تكتنف طريقهن في التسويق الإلكتروني، أهمها نقص الخبرة وعدم اعتبارها بديلاً كافياً للوظيفة”.

ومع ازدياد أزمة البطالة التي يعاني منها الكثير من السوريين، والانهيار الحاد في سعر صرف الليرة السورية وتدني الوضع المعيشي يرافقه الارتفاع الجنوني للأسعار، لجأت الكثير من النساء إلى استخدام الإنترنت، متجهين إلى إنشاء صفحات على منصة الفيس بوك أشبه ما تكون بماركة عالمية، باتت مصدر رزق لهنّ.

وحول هذا الجانب تقول “مريم”: “بدأت العمل بهذا النوع من التجارة منذ أكثر من ثلاث سنوات أمضيت ساعات طويلة في تصفح الإنترنت لأتعلم كيفية عرضي للبضائع ، وأحاول أن أجد الطرق الأميز في تسويقها لضمان الزبائن دائمين”.

وتضيف أنه “كان لدي معارف من أصحاب محلات الألبسة والأحذية، أتّفق معهم على أخذ عدة قطع وخلال أيام أدفع ثمنها بعد أن أبيعها، ولم يكلّفني العمل في هذه التجارة رأسمال كبير، ولم أكن بحاجة لمحلٍ لأبيع ما لدي، فعملي هو في المنزل”.

وزادت قائلة: إنه “رغم جميع الصعوبات والتحديات التي تواجه العمل في هذا النوع من التجارة الجديدة، إلا أنها بوابة مربحة لها وللكثيرات”.

أمَا “ليلى” التي بدأت بمشاركة متابعيها عبر صفحتها الشخصية على الفيس بوك “صور بضاعتها” من الألبسة والأحذية والحقائب الجلدية النسائية، فتقول: “انضممت مؤخراً إلى العديد من الصفحات العامة التسويقية والمنتديات، وأصبحت اتلقَى استجابة كبيرة من الزبائن، في بداية عملي اقتصرت بالتعامل على فئة النساء فقط أحدد لهم أسعار القطع وخدمة التوصيل للمنازل مقابل مبلغ إضافي، لكنني الآن بدأت أتوسع بأصناف بضاعتي لجذب جميع الفئات”.

وتابعت “ليلى” أنها تُكثّف عروضها خلال المواسم لاسيما الأعياد، وتحقق أرباحاً مادية في كل قطعة تصل أحياناً لضعف ثمنها وأكثر، وتضيف بأننا “نتعامل مع التجار الجملة على عدد قطع معين، لذا نحرص على أن تكون بضاعتنا مميزة لنكسب ثقة الزبائن الذين يعتمدون علينا في الحصول على الألبسة والأحذية التي تناسب أذواقهنّ”.

ولفتت إلى أن “التسوق الإلكتروني حلَّ مشاكل كثيرة، خاصةً لدى ربّات المنزل والعاملات اللواتي لا يملكن الوقت الكافي للبحث عمّا يناسبهنّ من الألبسة والأحذية، وقد يشترين ما لا يعجبهنّ بسبب ارتفاع الأسعار ومحدودية الخيارات، لكن الأمر مختلف في التسوق الإلكتروني فهنّ يخترن ما يرغبن به ويقمن بشرائه فوراً خلال فترة قصيرة”.

وتضيف أن “صافي أرباحها الشهرية يتفاوت بحسب المواسم وارتفاع الأسعار”.

تتشابه الظروف والتحديات التي تواجه النساء العاملات بهذا المجال، وحول هذا السياق تقول “سعاد ”في حديث خاص لها مع منصة SY24: “لقد واجهتٌ العديد من المشاكل في بداية العمل، لاسيما مع بداية ولوجي في عالم التسويق والتجارة الإلكترونية”.

تخبرنا “سعاد”، أن “البداية كانت صعبة، خاصةً مع ندرة الزبائن الذين لا يثقون بصور البضائع التي نعرضها على صفحات والكروبات، كما أن الغالبية منهم يشكَكون في جودتها، لكني تغلبت على المشكلة بكثير من الصبر والترويج من قبل بعض المعارف والمجتمع المحيط بي، وبذلك يزداد عدد زبائني وخاصة بعد أن زارني العديد منهن في المنزل، حيث كن يلمسن جودة البضاعة بأنفسهن، وهذا ما زاد من ثقتهن بكل ما أعرضه”.

وتؤكد أن “هذا النوع من العمل سلاح ذو حدين، إما ربح جيد أو النمطية بمعنى انتشار نفس السلع”.

الغلاء الفاحش وفقدان المعيل في عدد كبير من الأسر السورية، قلب المعادلة وأدار دفّة المسؤولية نحو المرأة، لتجد الكثيرات أنفسهن أمام ظروف معيشية صعبة.

وحول هذا الجانب تلقي الباحثة “ريم صباغ” الضوء على أسباب عمل النساء، قائلة: إنه “وبحسب التكوين المجتمعي لدينا في سوريا، لم يكن هناك وجود حقيقي للمرأة المعيلة، إلا في حالات قليلة جداً وضمن ظروف معينة”.

وأشارت إلى أن عمل النساء في مجال التسويق الإلكتروني ظاهرة جيدة  يوفر من خلالها الوقت والمجهود والتسويق المجاني، فهو أفضل من العمل كمندوبة مبيعات أو بائعة تتجول من منزل لآخر لتعرض بضائعها”، مضيفةً بأنه “أفضل من فتح محل تجاري من حيث التكلفة، فالتسويق مجاني عبر الإنترنت، بالإضافة إلى أن التسويق الإلكتروني يمثل أضمن وأسهل الطرق للوصول إلى المستهلك في ظل الظروف الحالية التي تشهدها البلاد”.

نتيجة للظروف الراهنة في البلاد تعددت الأدوار التي تلعبها المرأة السورية، والتي لا تزال تحمل معها تحديات قاسية في ظل غياب فرص العمل وتدني الأجور وتردي الأوضاع المعيشية، والتي فرضت عليهن خوض معركة جديدة للوقوف في وجه الجوع والعوز.