Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ذوي الاحتياجات الخاصة.. فئة منسية ودعم محدود!

خاص - SY24

تستمر معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا، ومأساتهم تكبر وتتفاقم مع ندوب نفسية تضاف إلى وضعهم الخاص، في مخيمات النازحين يكابد هؤلاء الأشخاص لمواجهة حياة باتت أصعب من قدراتهم، فمنهم من يعاني الإعاقة قبل الحرب، ومنهم من بترت الحرب أطراف جسده، ليصبح بذلك عاجزاً عن الحركة كلياً أو جزئياً.

وتعقيباً على ذلك تقول الأخصائية النفسية “ ديمة الأبرش”: “تركت الحرب في سوريا آثاراً مرئية وأخرى غير واضحة، تجلت بعض آثارها في ولادة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ناهيك عن معاناة هذه الفئة في الحرب، وفي ظل ارتفاع الأسعار وعدم وجود أماكن مخصصة لهم، ازدادت معاناة العديد منهم جراء فقدان ذويهم، إضافة إلى الإصابات الجسدية التي حملوها في رحلة النزوح واللجوء”.

وأضافت “ديمة” في حديث خاص لها مع منصة SY24، “على رغم من اختلاف تفاصيل المعاناة من شخص إلى آخر، إلا أنها تجتمع عند حقيقة معاناة هذه الفئة الهشة والتي تعد الأكثر تعرضاً لارتدادات الواقع المر والأكثر تضرراً في ظل هذه الأوضاع التي تشهدها البلاد”.

داخل خيمة مهترئه على أطراف مخيم “النيروز” تجلس “رويدا” مع ابنها الذي يعاني من شلل دماغي، والذي تسبب له بإعاقة حركية وتأخراً في النمو العقلي.

لا يتجاوز عمر الطفل العقلي الخمس سنوات، وهو منفصل عن محيطه تماماً، تضع له مريلة لكي تمتص اللعاب الذي يسيل من فمه المفتوح بشكل دائم، بسبب ارتخاء عضلات الفك لديه.

تقول الأم: “فقدت الأمل في تأمين ظروف تلائم معيشة ابني، خلال السنوات السابقة كنت أذهب للعلاج في دمشق وأخبرني الأطباء أنه قد يتحسن، إلا أن  النزوح والتدهور المعيشي منعني من متابعة علاجه، حتى إنني أصبحت عاجلة عن تذكر اسم الدواء الذي كنت اشتريه له”، مضيفةً أنها لم تتلقى أي مساعدة “ولا بخمس ليرات”، عدا السلة الغذائية التي تقدم لكافة العائلات في المخيم، ولا شيء آخر يراعي حالته ابنها، بل إنها تعتمد على عمله في تعبئة التبن إن توفر لتأمين بعض احتياجاته.

وفي ظروف مشابهة لسابقتها، تقول “أم حسن”، التي تقيم في مخيم “الهول”، إن “النزوح ضاعف من معاناتي ومأساة بناتي المصابات بمرض وراثي، فالخيمة التي نعيش فيها لا تمنع عنهن حر الصيف ولا مطر الشتاء، والطرقات غير معبدة، فمتى ما تساقط المطر وأوحلت ازدادت المعاناة مع الطين، ما يصعّب التنقل بين الخيمة والمرحاض القماشي، مما يضطرني إلى حملهن إليه بين الحين والآخر”.

وتضيف “أم حسن ” أنها “لا تستطيع الغياب عنهن ولو للحظات خوفاً من أن يضعن منها، وإذا ابتعدنا عن الخيمة لا يستطعن العودة إليها، فأنا بينهن وبين أخيهن المريض أيضاً ولا معيل لنا”.

وعن الخدمات المقدّمة، تقول: إنها غير كافية، فبناتها بحاجة للعلاج والمستلزمات الخاصة وكل هذا غير متوفر، كما أن وجود كراسي لذوي الاحتياجات الخاصة، أو مرحاض مجهز قريب من الخيمة قد يقلّل من معاناتها ومعاناة الفتيات، وهو أمر طالبت به عشرات المرات على “حد قولها” لكن دون مجيب.

ومع استمرار العمليات العسكرية التي تشارك فيها جميع أطراف الصراع في سوريا، تتزايد أعداد المُصابين بإعاقات جسدية ونفسية، وتشتدّ الحاجة لتقديم الدعم والمساعدة لهم لكي يتمكنوا من الحياة بصورة مستقلّة وكريمة.

“أبو محمد” أحد المقيمين في مخيم “تل السمن” ، يحدثنا عن معاناة ولده المصاب بشظية استقرت في عموده الفقري وتسببت له بعجز تام، يقول الأب: إن ”العلاج الطبيعي أو الفيزيائي قد يسهم بحلّ الجزء الأكبر من مشكلة ولدي بحسب الأطباء، ولكن ارتفاع تكاليف علاجه وعدم وجود هيئات تتكفل بنفقاته حال دون مقدرته على المشي حتى الآن، إضافة إلى ندرة مراكز المعالجة وبعدها عن المخيم حتى أن المدارس هنا رفضت استقبال ولدي لأنها غير مهيأة لذوي الإعاقة”.

وحول هذا الجانب يقول الطبيب “أنور الجوري” أحد العاملين لدى منظمة “Humanity inclusion”، تسبّبت الحرب بتحويل الكثير من الأشخاص الأصحاء إلى أشخاص من ذوي الإعاقة، وسط غياب كبير للمنظمات التي تعنى بشؤونهم، حيث تكاد أن تكون هذه الفئة منسية في المخيمات المنتشرة، فدعم هذه الفئة بات محدوداً من كافة النواحي، وحياة المخيمات الصعبة تزيد المشقات عليهم.

مشيراً إلى أن “منظمة الصحة العالمية كانت قد أصدرت مؤخراً تقريراً ذكرت فيه أن مليوناً ونصف مليون سوري أصيبوا بإعاقات دائمة خلال الحرب، منهم 86 ألفاً تعرّضوا لحالات بتر لأحد الأطراف ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية، في ظلّ غياب تام لبنى تحتية فلا طرق مجهّزة لهم ولا مناهج تعليمية خاصة بهم، ولا وجود لأساسيات الحياة تتناسب مع هذه الفئة”.