Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

“حرب ناعمة” تدور شرقي سوريا.. من يقف خلفها؟

خاص - SY24

لم تكتفي الميليشيات الأجنبية التي استعان بها رأس النظام “بشار الأسد” للقضاء على الثورة السورية، بفرض سيطرتها العسكرية على الأرض، بل تخطتها لبسط نفوذها عن طريق فرض عادات جديدة استقدمتها بقوة السلاح، مستغلة ضعف الناس وحاجتهم، فمن قتلً ونزوح وتشريد إلى تشيع وتجنيد عقائدي.

الناشط “ريناس عثمان”، يقول في تصريح خاص لمنصة SY24، إنه “على رغم من السيادة المحدودة للنظام على أرض باتت فريسة لعدة قوى أجنبية متناحرة ، إلا أنه بات يفرض سيطرته بقوة السلاح وبدعم من المليشيات الإيرانية”.

وأكد أن “ملامح التغلغل الإيراني بدأت تظهر في هذه المناطق من خلال المزج بين أدواتها الناعمة وقوتها العسكرية فأخذ الطابع الثقافي والديني حيزاً من هذا التواجد”.

وأضاف أن “الوضع الاقتصادي المتردي وغلاء إيجارات المنازل في مناطق النزوح، ساهم في عودة الكثير من العائلات إلى ريف ديرالزور، بعد انسحاب داعش وفرض النظام وميليشياته سيطرته على المنطقة”.

مصادر محلية في المنطقة، لفتت إلى أن أثر “التغلغل أخذ طابع الحرب الناعمة التي شنتها إيران بلا رحمة على مختلف الأصعدة الدينية والتعليمية والاجتماعية، فبدأت بفرض الأذان وفق المذهب الشيعي منذ عام 2018 في مدينتي الميادين والبوكمال، إضافةً لقرى وبلدات أخرى محيطة بها”، مبينة أن “المليشيات رفعت أجور الأئمة والمؤذنين ممن وافقوا على إقامة الأذان وفق المذهب الشيعي، كما منحتهم بطاقات أمنية خاصة تسهل حركتهم واعتقلت الأئمة الذين رفضوا قرارها”.

وفي هذا الصدد، قال “أبو محمود” إمام أحد المساجد في منطقة “الجورة” بمدينة ديرالزور، إن “مديرية الأوقاف فرضت علينا منذ سنوات إتباع منهج موحد لخطبة الجمعة، يقومون بتوزيعه مساء كل خميس على الأئمة في المساجد وعلى الجميع إتباعه دون نقاش، والآن لم يتغير الكثير، إلا أنهم أضافوا  قصصاً عن كربلاء وبعض القصائد الشعرية في رثاء الحسين الذي قتل، منذ ما لايقل عن 1830 عام”.

وأشار إلى أن “قوات النظام عممت بالتنسيق مع المليشيات الإيرانية الأذان الشيعي على مناطق في ريف دير الزور الشرقي، إضافة إلى تحويل عدد من المساجد في المنطقة إلى حسينيات”.

أمَا “أبو عبدالرحمن” أحد المقيمين في مدينة الميادين، فيقول إن “أهالي ديرالزور اعتادوا على سماع الذكر والتمجيد كل يوم قبل صلاة الفجر وبعد المغرب من ليلة الجمعة، أما الآن ومنذ 3 سنوات لم نعد نسمع سوى اللطميات تصدح من مآذن المساجد وعلى أطراف بعض البرك الطينية حيث يسبح البكاؤون على الحسين في وحل هذه الأرض”.

وأضاف أنه “لم تشهد أي من شوارع ديرالزور مأساة الحسين خلال السنوات السابقة، إلا أننا اليوم بتنا نصحوا على مناسك خاصة يقوم بها الشيعة بشكل شبه يومي في الأسواق والساحات العامة، لجذب انتباه الشباب من خلال حملات التطوع والتبرعات لصالح الشعائر الدينية كما يدعون”.

مع ضيق السبل وتقلص الخيارات تحولت أنظار ماتبقى من الشباب في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام للتطوع في الحرس الثوري وفي محاولة للهروب من شبح الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، لاسيما وأن هذا التطوع يمنحهم جملة من المغريات من بينها الإعفاء من الخدمة إلى جانب مغريات أمنية ومالية أخرى.

اختفى “مصعب” المعيل الوحيد لأمه وإخوته الثلاثة الأصغر منه سناً، ولم تترك العائلة مكاناً في محافظة دير الزور إلا وبحثت فيه عن ابنها، تقول الأم: “بدأت البحث من مكان دراسته في الثانوية الشرعية وحتى بسطة الدخان والمازوت التي كان يعمل عليها، ليظهر بعد مضي شهرين من اختفائه ويخبرنا بأنه التحق بحركة النجباء العراقية”، التي تدين بالولاء للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ويعمل قسم من عناصرها في الأراضي السورية.

وأضافت “أم مصعب” أن “مصعب ليس الوحيد الذي التحق بهذه الحركة، أثناء بحثي عنه علمت بأن الثانوية الشرعية أصبحت تتبع الحوزات الشيعية، وأن الكثير من الفتية في المنطقة بدأنا بارتيادها اختصاراً لطريق التعليم، إضافة لحصولهم على رواتب شهرية وتأمين رحلات ترفيهية ومنح دراسية لهم”.

وفي عام 2014، أصدر النظام مرسومًا تشريعياً سمح من خلاله بتعليم المذهب الشيعي في المدارس إلى جانب المذهب السني، إضافة إلى افتتاح أول مدرسة شيعية عامة في البلد في سبتمبر/ 2014 “مدرسة الرسول الأعظم” على أطراف مدينة جبلة، ثم بلغت هذه المدارس في السنوات السابقة ما يقارب الـ44 مدرسة منتشرة بين دمشق و ديرالزور وأريافها، ضمت هذه المدارس الأطفال من الفئة العمرية التي تتراوح بين 8 و15 سنة، وتقدم المدرسة نحو 27 دولارًا للطالب المنتسب إليها.

 

وحول هذا الجانب يقول المحلل السياسي “حسان الأسمر” أحد العاملين في الشأن السوري، إن “إيران تسعى من خلال توطين هذه العائلات الشيعية إلى تثبيت الواقع الديموغرافي الجديد الذي تعمل على إحلاله في المنطقة، عبر نشر المذهب الشيعي ونقل عائلات شيعية وأفغانية إلى المنطقة، وافتتاح الحسينيات”.

وأضاف أن “إيران تولي دير الزور وريفها أهمية خاصة، نظراً لامتدادها التضاريسي مع الأراضي العراقية والذي يعتبر بوابة إيران على سورية، إلى جانب تركز النفط بكثرة في هذه المناطق، والروابط العشائرية ما بين سكان دير الزور والعراق”.

وأكد في ختام حديثه مع منصة SY24، أن “عدد الحوزات الشيعية في سوريا، تخطى 69 حوزةً تعمل على استقطاب الطلاب الشيعة وتقديم المنح الدراسية لهم، إضافة إلى تشجعيهم على الاستقرار في سوريا وممارسة الدعوة للمذهب الشيعي، إضافة لدورها السياسي والمذهبي في تعزيز الطائفية وتجنيد المقاتلين وتمويل المليشيات الشيعية العسكرية”.

يشار إلى أن عدد الميليشيات الإيرانية المتواجدة في سورية، يقدر بحوالي 50 ميليشيا، تتبع جميعها لـ “الحرس الثوري” وبشكل مباشر، في الوقت الذي يقدر فيه عدد عناصر هذه الميليشيات، بأكثر من 100 ألف عنصر أجنبي ومحلي، وذلك باعتراف قائد ميليشيا الحرس الثوري الإيراني السابق “محمد جعفري”.

ومن أبرز الميليشيات الشيعية والطائفية التي تتبع لميليشيا الحرس الثوري الإيراني في سورية هي ميليشيا حزب الله اللبنانية المصنفة على قوائم الإرهاب العالمية، ومليشيا زينبيون الباكستانية، وميليشيا فاطميون الأفغانية، وميليشيا الحشد الشيعي العراقية، وغيرها من الميليشيات الإيرانية الشيعية الموجودة في سورية.