Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

موائد السوريين شبه خاوية.. والغلاء يطال أبسط أصناف الطعام

خاص - SY24

يحضر على مائدة رمضان هذا العام، لدى كثير من الأسر في الشمال السوري، طبقاً واحداً كوجبة رئيسية للعائلة، فيما تغيب أصناف أخرى كانت تعد في السنوات الماضية من أساسيات الموائد الرمضانية مهما كانت الظروف المعيشية صعبة كـ “السلطات والمقبلات والشوربات والفتات” أيضاً، غير أن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه غالبية الأسر أثر بشكل مباشر على سفرة رمضان وباتت خالية من معظم تلك الأصناف.

عجزت السيدة “أم هلال” مقيمة في دير حسان شمال إدلب، عن صنع طبق واحد من السلطة جانب طبخة “المجدرة” في أول يوم رمضاني، واكتفت بشراء علبة لبن صغيرة، بسبب ارتفاع أسعار الخضار بشكل كبير، تزامناً مع قدوم شهر رمضان.

تقول لنا والحسرة بادية على ملامح وجهها، وكلمات الحمد لاتفارق لسانها رغم ضيق العيش: “استغنيت عن الطبخ باللحم منذ زمن، ولكن حتى الغلاء والاستغلال طال حزمة البقدونس والخس وهي أبسط شيء ممكن توفره على مائدة الصائم الذي يتطلب جسمه طبق خضار واحد على الأقل”.

ارتفاع أسعار الخضراوات وكثيراً من المواد الغذائية قبيل شهر رمضان، حرم كثيراً من العائلات من تحضير بعض الوجبات التي اعتادوا عليها، وهي أساسية بالفعل الصائمين.

منصة  SY24 تجولت في السوق، ورصدت بعض أسعار الخضار والمواد الغذائية ولاحظت الفرق الكبير في الأسعار خلال فترة بسيطة، إذ وصلت سعر حزمة البقدونس الصغيرة إلى 7 ليرات تركية، وسعر كيلو البندورة 20 ليرة، وكيلو الخس 10 ليرات والليمون 4 ليرات فيما وصل سعر كيلو الخيار إلى 18 ليرة تركية.

وبحسبة بسيطة نجد أن تكلفة صنع طبق من “السلطة” تصل حوالي خمسين ليرة تركية بشكل تقريبي، أي ما يعادل أجرة يوم عمل كامل لأي عامل في إدلب، هذا إن اكتفت العائلة بعد يوم صيام كامل بصحن خضار فقط، إذ تحتاج الأسرة من خمسة أفراد إلى 100 _ 150 ليرة تركية، لتحضير أي وجبة طعام أخرى، وهذا ما يعجز عنه اليوم شريحة كبيرة من الأهالي بسبب الغلاء.

تستذكر “أم هلال” أيام رمضان السابقة في بلدتها بجبل الزاوية قبل النزوح، و تخبرنا عن البركة والخير الذي كان حاضراً تقول :” كل ما أحتاجه من الخضار كنت أزرعه في حديقة منزلي، من خس وبقدونس وبقلة وبندورة، وغيرها من الخضروات، حتى أسعارها كانت رخيصة جداً في السابق، وبمقدور أي عائلة صنع أطباق متنوعة من الفتوش والتبولة والسلطات دون هذا العناء في التفكير بأسعار كل صنف”.

حال “أم هلال” يحاكي حال مئات الأسر في الشمال السوري التي يعيش ظروفاً مادية قاهرة، وتعتمد شريحة كبيرة منهم على المساعدات الإنسانية، التي تحتوي البقوليات والزيت والسكر فقط، فيما يبقى الحصول على اللحم والخضار واللبن مرهون بمقدرة كل أسرة على شرائها، أو الاستغناء عنها كما يحدث مع معظم الأهالي.

كما فرضت تلك الظروف المعيشة بالإضافة إلى تدني مستوى الدخل، التخلي عن عادات وطقوس لم يكن رمضان سابقاً يكتمل إلا بهم، عن هذه العادات تخبرنا السيدة السبعينية ” أم مصطفى” مهجرة من مدينة حلب تسكن في إدلب منذ خمس سنوات، أنها كانت من الأمهات التي تبدأ رمضان بصنع مائدة كبيرة فيها مختلف أصناف الطعام الحلبية الشهيرة، تجمع حولها أبنائها وبناتها وأحفادها جميعاً في وليمة رمضانية كبيرة، تصنع فيها أشهر الأطباق والمأكولات الشعبية، وتعد العزائم الرمضانية طيلة الشهر الكريم واحدة طقوس رمضان المفضلة لديها.

تفتقد اليوم “أم مصطفى” هذه الأجواء العائلية المفرحة بالنسبة إليها، منذ نزوحها إلى إدلب، فلم تعد لمة العائلة ممكنة كالسابق، بل أصبحت شبه مستحيلة بعد ما غدا كل فرد من العائلة بدولة، كحال معظم العائلات السورية التي شتت شملها الهجرة والنزوح والسفر بسبب الحرب.

تقول لنا: “لم أصنع الكبب الحلبية كعادتي أول يوم، ولم أتمكن من دعوة أحد أقاربي للإفطار معنا كما كانت أفعل في بيتي، واكتفيت بصنع طبق واحد من البطاطا إلى جانب صحن فتوش والذي بات أغلى من الكبب والمحاشي”.

 غابت العزائم الرمضانية عن أغلب الأسر في الشمال السوري، فمعظم العائلات تختصر موائدها على طبخة واحدة بالكاد تكفي أفراد الأسرة الواحدة، وغيرت الظروف المعيشية الحالية تلك العادات والطقوس التي كانت أجمل ما يميز شهر رمضان عند العائلة السورية، وباتت لقمة العيش شغلها الشاغل، ولم تعد قادرة على تأمينها كما اعتادت في السابق.