Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الملف الإنساني في الشمال السوري.. المشاريع والتحديات

خاص – SY24

في اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي صادف يوم أمس 19 آب/ أغسطس، أجرى موقع SY24 مقابلة مع السيد “براء الصمودي” مدير برنامج إحسان للإغاثة والتنمية، للوقوف على آخر تطورات العمل الإنساني والبرامج الداعمة لمنطقة شمال غربي سوريا.

قال الصمودي لـ SY24: “مستعدون لتعاون استراتيجي مع المنظمات الأممية والدولية لإعادة إحياء العجلة الاقتصادية في الشمال السوري، و من الضروري أن تستمر المساعدات الإنسانية بالتدفق لشمال غربي سوريا بوجود قرار أممي أو عدمه”.

وعن مؤسسة “إحسان للإغاثة والتنمية” قال الصمودي: “لقد بذلنا جهداً كبيراً منذ تأسيس المنتدى السوري من ما يقارب الـ 10 سنوات أن يكون لبرنامج إحسان دور أساسي في مشاريع التمكين الإقتصادي والمجتمعي والدعم الإنساني، كما أننا وضعنا ضمن سلّم أولويات عملنا دعم قطاع التعليم بشكل كبير بالإضافة إلى دعم مشاريع التمكين الإقتصادي في مجالات الزراعة وتربية المواشي وإعادة تأهيل المرافق الخدمية العامة كمحطات الصرف الصحي والمياه للمدن والقرى التي تضررت من خلال الحرب والقصف العشوائي”.

وأضاف الصمودي: “اليوم لدينا العديد من المشاريع التي نعمل عليها ضمن قطاعات المؤسسة المختلفة مثل تأهيل البنية التحتية للمدارس في عدد كبير من المناطق بالإضافة إلى تأهيل محطات المياه في عدد من المدن وإدخال مفهوم الاعتماد على الطاقات المتجدة مثل الطاقة الشمسية لتشغيل المرافق العامة من أجل ضمان استمرار عملها دون الاعتماد على مولدات الطاقة والوقود”.

وأشار في حديثه قائلاً: “لدينا مشاريع تمكين المجتمعي والتي لها أولوية كبيرة في الوقت الحالي مثل مشاريع حماية الطفل وحماية ودعم المرأة وبرامج التدريب المهني مثل دورات الحاسوب والتمريض والخياطة، بالإضافة إلى المساعدات الشخصية لبعض الحالات الخاصة والصحة النفسية للنساء والأطفال”.

وأكد الصمودي في حديثه أن من أهم أولويات العمل أيضاً تنشيط الزراعة ومشاريع الثروة الحيوانية في سوريا من خلال دعم المشاريع الصغيرة للفلاحين وتشجيعهم على الزراعة وتزويدهم بالبذار والمبيدات الحشرية والسماد بالإضافة إلى دعم مربي الحيوانات وتزويدهم باللقاحات الضرورية والأعلاف حتى يتمكنوا من إطلاق أعمالهم وتفعيل الحركة الاقتصادية في عدد من مناطق الشمال السوري”.

ما هو دور الحكومة التركية؟

قال الصمودي إن “الحكومة التركية تعاونت مع عدد كبير من منظمات المجتمع المدني السورية في مناطق الشمال السوري في خطة دعم البنية التحتية في عدد من المجالات الخدمية وتحديداً مشاريع تعزيز البنية التحتية عبر مراكز الولايات في كيليس وغازي عينتاب”

وأكد الصمودي قائلاً: “نحن نتعاون بإستمرار مع المديريات التركية المختصة ضمن خطة دعم البنية التحتية في هذه المناطق، و قد نفذنا عدد كبير من المشاريع الخدمية كإعادة تأهيل عدد من المحطات وأنظمة المياه في عدد من المدن، كما قمنا بتأهيل البنية التحتية ل35 مدرسة في عدد من المدن بالإضافة إلى مشاريع تأهيل المنازل المتضررة وبناء مساكن جديدة للمدنيين”.

وعن مشروع المياه الذي تم تنفيذه في مدينة الباب بريف حلب قال الصمودي: “مازلنا ندعم مشروع محطة مياه مدينة الباب وهو من أكبر المشاريع التي تم تنفيذها مؤخراً وفق معايير ومواصفات مؤسسة المياه التركية حيث تم ربط أكثر من عشرة آبار مياه في محيط مدينة الباب لإيصال خط مياه رئيسي لتغذية المدينة التي تعتبر من أكبر مدن الشمال في سوريا”.

سأل مراسل SY24: “لديكم دور أساسي في دعم البنية التحتية للتعليم في مناطق الشمال السوري وإدلب، حدثنا عن ذلك؟

أجاب الصمودي قائلاً: “بالتأكيد دعم العملية التعليمية في المناطق المحررة يعتبر أولوية مطلقة بالنسبة لبرامجنا في مؤسسسة إحسان بالرغم من وجود العديد من العقبات والعوائق في هذا القطاع ونحن نعمل بهذا الإطار على شقّين، الأول يتعلق بالبنية التحتية من الناحية المعمارية والإنشائية وإعادة تأهيل المدارس المتضررة لتصبح جاهزة ومؤهلة من كل النواحي مع بداية العام الدراسي القادم”.

وعن المشروع الثاني قال الصمودي: “الثاني تقديم الدعم الكامل لبعض المدارس وذلك من خلال تأمين رواتب الكادر التعليمي والإداري بالإضافة إلى المصاريف التشغيلية لاستمرار العملية التعليمية بشكل سليم خلال العام الدارسي، ولدينا تعاون في هذا الإطار مع العديد من المنظمات الإنسانية العاملة بقطاع التعليم حيث أن عدد المدارس والطلاب بازدياد، وعلى الرغم من هذا التعاون والتنسيق في دعم قطاع التعليم بين جميع المنظمات السورية الفاعلة في شمال غرب سوريا”.

وعن أهم العقبات التي تواجه عملهم قال الصمودي: “مازال هناك فجوة كبيرة للأسف في تغطية العملية التعليمية بشكل سليم وكامل بسبب عدم وضع ملف التعليم في سوريا ضمن الأولويات بالنسبة للدول والمنظمات الداعمة حيث أنها لا تعتبر ملف التعليم من المساعدات المنقذة للحياة وبالتالي تواجه جميع المنظمات الإنسانية ضغوطات وتحديات وكبيرة في دعم هذا القطاع”.


في ظل انحسار الدعم الدولي في الفترة الأخيرة وتحديداً في ظل فترة انتشار الوباء المستجد كوفيد19 كيف تصف علاقتكم مع شركائكم الدوليين وما هي أهم مصادر الدعم المالي لديكم؟

أجاب الصمودي قائلاً: “خلال السنوات الأخيرة ومع انتشار كوفيد 19 (كورونا) لاحظنا جميعاً انخفاض التمويل باتجاه سوريا بشكل كبير وقد كان لهذا الانخفاض آثاراً سلبية كبيرة على جميع مشاريع الدعم الإنساني والإغاثي التي تعتبر من أولويات الحياة في الشمال السوري وبالتأكيد يُعتبر انتشار وباء كورونا أحد الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض، حيث أن العديد من الحكومات التي تقدم الدعم عبر المنظمات الدولية والأممية اضطرت لتخفيض المبالغ المخصصة للعمليات الإنسانية في سوريا وذلك نظراً للأوضاع الاقتصداية الداخلية لهذه البلدان”.

كيف أثّرت الحرب الأوكرانية على الملف الإنساني؟

قال الصمودي: “لعبت الحرب الأوكرانية دوراً في خفض الدعم تجاه سوريا حيث وقد توجه اهتمام الحكومات الداعمة لدعم الحالة الإنسانية في أوكرانيا وانخفض معها التمويل المخصص لسوريا، وتعتبر هذه من الأزمات التي نحاول أن نجد لها حلول واقعية وضرورية سريعة من حيث تنويع مصادر الدعم المقدم لسوريا من خلال زيادة التواصلات مع المؤسسات الإنسانية حول العالم، أيضاً نسعى للحصول على التمويل الأهلي من المغتربين السوريين والعرب المهتمين بالمساهمة في دعم المشاريع الإنسانية لإخوانهم داخل سوريا”.


طرح مراسل SY24 سؤالاً: “مجلس الأمن في جلسته الأخيرة حول سوريا جدد قرار إدخال المساعدات الإنسانية لمدة ستة أشهر فقط، وفشل في تجديد مشروع قرار إدخال المساعدات الإنسانية لمدة عام بسبب الفيتو الروسي، هل لديكم رؤية كمنظمات محلية تقدمت بها للجهات الداعمة تقترحون آليات جديدة لتقديم المساعدات؟

أكد الصمودي قائلاً: “لقد قام مجلس الأمن الدولي بجلسته الأخيرة بتجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى لمدة 6 أشهر فقط وفشل بتجديد القرار لمدة عام هذا يعني أننا مع بداية العام القادم 10 يناير 2023 سنواجه خطر إغلاق برنامج المساعدات عبر الحدود وهذا وقت ضيق جداً”.

وتابع قائلاً: “بالتأكيد لبرامج الأمم المتحدة ثقل كبير في الاستجابة لاحتياجات السوريين في الداخل السوري وهذه المساعدات يستفيد منها ملايين السوريين المحتاجين ويعتمدون عليها في تأمين إحتياجاتهم الرئيسية منذ سنوات وبذلك جميع المنظمات الإنسانية التي تقدم خدماتها بالتعاون مع برامج الأمم المتحدة ستواجه فجوة كبيرة في الاستجابة للمستفيدين وتقديم الخدمات لهم”.

وأردف الصمودي قائلاً: “يجب علينا زيادة الحشد والمناصرة من أجل القضية السورية، ورصد احتياجات الشعب السوري اليوم أولوية قصوى وخاصة الاحتياجات الانسانية والطبية، ونحن اليوم نعوّل بشكل إيجابي على وجود الإرادة القوية من المجتمع الدولي التي تهدف إلىى استمرار المساعدات الإنسانية لمنطقة شمال غرب سوريا بغض النظر عن الآلية البديلة”.

وتابع: “نحن مستعدون للتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بشكل بناء، خصوصاً مع التسهيلات التي تقوم بها الحكومة التركية عبر المعابر المشتركة مع سوريا وتقدم لنا تسهيلات كبيرة ولديهم انفتاح كبير على عمل كل المنظمات التي تقوم بواجباتها الإنسانية”.

ما هي الرسالة التي توجهونها للمجتمع الدولي؟

قال الصمودي: “رسالتنا واضحة، على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب السوري، الشعب السوري هو الضحية الأساسية نتيجة الأوضاع المأساوية في سوريا،و لا شك أن الأعمال العدائية والقتالية في سوريا قد انخفضت ولم تعد كالسابق ولكن المأساة مازالت مستمرة ونحن اليوم نواجه أزمات حقيقية نتيجة الفقر والغلاء وانتشار فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية التي تنعكس على الشعب السوري بشكل مباشر ، حيث أن مناطق الشمال السوري لا تملك اقتصاد أو حركة اقتصادية فعّالة وذلك أدى إلى انتشار الفقر بشكل كبير ، ما نراه اليوم ضمن أولوياتنا هو العمل على تفعيل هذه المناطق اقتصادياً وتشغيلها وإخراجها من دائرة المساعدات التقليدية وإعادة هذه المناطق والمقيمين بها لدائرة العمل والإنتاج للحصول على انتعاش اقتصادي وهذا دور وواجب المجتمع الدولي”.

واختتم الصمودي قائلاً: “أما برامج المساعدات التقليدية خلال العشر سنوات الماضية لا شك أنها ساهمت في إنقاذ الملايين من خطر المجاعة ولكن يبقى أثر هذه المساعدات التقليدية قصير الأمد وتعود العائلة المستفيدة لحالة العوز من جديد ، والواجب اليوم على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العمل معنا على وضع الخطط الاستراتيجية التي تهدف إلى تفعيل العجلة الاقتصادية وإحيائها من جديد وبناء قدرات الشعب السوري في هذه المناطق وإعادتهم إلى أشخاص منتجين كما كانوا سابقاً، وإخراجهم من دائرة العوز والاعتماد على المساعدات التقليدية، مع التأكيد على أهمية دور السوريين في الخارج والإشادة به، من دون أي شك للسوريين والجاليات السورية في كل دول العالم ، دور كبير واستراتيجي في أي خطة تمكين اقتصادي ممكن العمل عليها في المستقبل القريب داخل سوريا، فإن لم يكن المجتمع الدولي حاضراً بقوة في دعم السوريين فالسوريين بأنفسهم قادرين على فعل ذلك”.