Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تقرير حقوقي يكشف لأول مرة عن “جرائم الإبادة” داخل سجن “صيدنايا”

خاص - SY24

أطلقت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، اليوم الإثنين، تقريراً يسلط الضوء على الهرمية العسكرية وتسلسل القيادة والأوامر وتوزع المسؤوليات داخل سجن صيدنايا العسكري، “أحد أكثر الأماكن سرية في سوريا”. 

 

وكشف التقرير ولأول مرة، والذي وصلت نسخة منه لمنصة SY24، عن المسؤولين عن ارتكاب عمليات التعذيب والقتل الواسعة والممنهجة للمعتقلين في صيدنايا والتي ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية.  

وأعطى التقرير تفاصيل تتعلق بمخطط السجن ودفاعاته وهيكله الإداري بالتفصيل، وعلاقته مع باقي أجهزة ومؤسسات النظام السوري، إضافة إلى توضيح كيف يتم تحصينه عمداً لصد الهجمات الخارجية المحتملة وقمع المعتقلين داخله. 

 

وأورد التقرير تفاصيل جديدة مروّعة حول المعاملة القاسية للمعتقلين في السجن، ويقدر أن أكثر من 30 ألف معتقل إما أُعدموا، أو قضوا نتيجة التعذيب، أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018 في سجن صيدنايا. 

كما يسلط التقرير الضوء على كيفية إنشاء “غرف الملح” والتي كانت بمثابة مكان لحفظ جثث الضحايا ريثما يتم نقلها إلى مشفى تشرين العسكري. يُعتقد أن النظام قد أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل إضافي بين عامي 2018 و 2021 ، وفقًا لشهادات ناجين وثقتهم الرابطة. 

 

ويكشف التقرير كيف يتم حماية السجن على ثلاثة مستويات أمنية مع مئات الحراس المتمركزين في مواقع مختلفة عبر السجن. الجدران الخارجية للسجن يحميها موظفي سجن الشرطة العسكرية المعروفين باسم الشركة الخارجية والفرقة الثالثة للجيش السوري. هم خط الدفاع الأول للحماية من التهديدات الخارجية ومنع الهرب من السجون. يقوم حوالي 40-50 فردًا من اللواء 21 التابع للفرقة الثالثة بتأمين محيط السجن بين الجدران الداخلية والخارجية، وتتولى وحدات منفصلة مسؤولية تأمين الجزء الداخلي من السجن وكذلك مراقبة وتأديب المحتجزين. 

 

كما يحيط بالسجن حقلي ألغام، أحدهما داخلي يتكون من ألغام مضادة للأفراد والآخر حقل خارجي يتكون من ألغام مضادة للدبابات. حتى أن هناك وحدة مهمتها تحديدًا مراقبة جميع الاتصالات الأرضية واللاسلكية الواردة والصادرة إلى السجن والمنطقة المحيطة به، بالإضافة إلى جميع الاتصالات اللاسلكية القريبة. 

وحسب التقرير، فإن السجن يقع على قمة تلة في منطقة جبلية شمال دمشق. تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 1.4 كيلومتر مربع – أي ما يعادل 184 ملعبًا لكرة القدم – وهي مساحة أكبر بثماني مرات من المساحة الإجمالية لجميع ملاعب كرة القدم ذات الحجم القياسي الدولي في سوريا. 

 

, يسلط التقرير الضوء على الهيكل التنظيمي للسجن وعلاقته بالأجهزة الأمنية والمحاكم ووزارة الدفاع ومؤسسات النظام الأخرى، ويوضح دور السلطات التي ترتكب جرائم بحق المعتقلين وصلاتها بالفرع 227 والفرع  293 ، بالإضافة إلى غطاء الشرعية القانونية الذي تمنحه محكمة الميدان العسكري ومحكمة الإرهاب لهذه الإجراءات. 

 

ويظهر التقرير الدور الذي يلعبه مستشفى تشرين العسكري في التخلص من جثث المعتقلين عقب إعداماتهم، حيث تنقل جثث الأشخاص الذين تم إعدامهم في “شاحنات حفظ اللحوم” المبردة لدفنها في مقابر جماعية،  أما جثث المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت أو توفوا بسبب المرض أو الجوع في زنزانات السجن فيتم تجميعها والاحتفاظ بها لمدة تصل إلى 48 ساعة في “غرف الملح”، ثم يتم نقلها إلى مستشفى تشرين العسكري لفحصها وإصدار شهادة وفاة وإرسال الجثث للدفن في المقابر الجماعية في نجها والقطيفة وغيرها من الأماكن. لم تتسلم العائلات جثث أحبائهم. 

 

وغالباً ما تصدر أحكام الإعدام على المعتقلين عن محاكم عسكرية ميدانية بعد محاكمات موجزة في كثير من الأحيان، تستغرق دقائق معدودة، إذ يعتبر ذلك انتهاك للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة ولا يمكن اعتبارها إجراءات قضائية مشروعة، حسب التقرير. 

وقال “دياب سريّة”، المؤسس المشارك في الرابطة والمعتقل السابق في سجن صيدنايا: “اليوم نكشف أسرار واحد من أسوأ أماكن الاعتقال في العالم، واليوم نظهر حقيقة هذا المكان وطبيعته وعلاقته مع باقي أجهزة (الدولة)، واليوم نوضح بالمعلومات والوثائق الهرمية العسكرية والتسلسل القيادي وتوزع المسؤوليات في سجن صيدنايا”. 

 

وتابع “اليوم نضع بين أيدي المحققين في جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية والقضاة ولجان التحقيق الدولية، أداة مهمة تساعدهم على فهم طبيعة البنية الأمنية للنظام السوري وتركيب هذا المكان”. 

 

وختم بالقول “إلى كل المنسيين في جحيم سجون الأسد وفي ذكرى الشهداء الذين قضوا هناك، واحتراماً للناجين نقدم هذا العمل”. 

ونهاية العام 2021، كشف مصدر في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا الحقوقية، عن حجم الأموال التي صادرها النظام السوري من المعتقلين داخل معتقل صيدنايا بموجب قرارات محكمة الإرهاب والميدان العسكرية.

وحسب التقرير فإن “ما لا يقل عن 32 مليون دولار أمريكي، قيمة الأموال التي صادرها النظام السوري بموجب قرارات محكمة الميدان العسكري ومحكمة الإرهاب أو بوضع اليد عليها لمعتقلي سجن صيدنايا وحده، وذلك منذ العام 2011 وحتى نهاية 2021”.  

يذكر أنه حسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، ثمة ما لا يقل عن 131 ألفا و469 شخصاً ما بين معتقل ومختف قسرياً لدى النظام السوري منذ مارس 2011، بينهم 8037 امرأة و3621 طفلا،  علما أن 14360 شخصا قتلوا تحت التعذيب.