Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الجنوب السوري.. وسباق اللحظات الأخيرة

ارشيف/ انترنت

يبدو أن الروس متعجلون على وضع اليد مع حليفهم النظام الأسدي وداعميهم الإيرانيين على محافظة درعا وعلى الحدود الأردنية السورية وبوابات العبور. الروس يريدون إنجاز هذه المهمة قبل اللقاء المرتقب بين بوتين وترامب في السادس عشر من تموز/ يوليو الجاري في “هلسنكي بفنلندا “، فإذا استطاع الروس إنجاز هذه المهمة فإن بوتين سيضع هذه الورقة مع بقية الأوراق الخاصة بملف الصراع السوري على طاولة محادثاته مع ترامب.

الروس ولإنجاز هذه المهمة يدركون قيمة أمور عديدة يمكن أن تلعب بنتائج معركتهم في منطقة حوران، فبالإضافة إلى عامل الوقت الذي أشرنا إليه، يضع الروس في حسابهم الموقف الإسرائيلي من تواجد أية قوات إيرانية أو ميليشياوية في هذه المنطقة الحساسة بالنسبة لأمن إسرائيل.

ولهذا يحاول الروس كعادتهم في السيطرة من تشغيل أسلحتهم المختلفة في آن واحد، ففي معركة محافظة درعا الجارية تقوم طائراتهم وطائرات النظام الأسدي بأشدّ الغارات وحشيةً على المناطق المدنية الآمنة بغية إحداث خلخلة سكانية تخلق مشكلة لفصائل المعارضة وللأردن المجاور.

الحلف الروسي الأسدي يُدركُ أنّ فصائل المعارضة المسلحة في حوران تمتلك قدرات عسكرية على مستوى السلاح والتدريب والإدارة، ليست كباقي حالات الفصائل الأخرى التي سبق وتعاملوا معها، ففصائل حوران المسلحة تمتلك خبرات ضباط عاملين سابقين، إضافة إلى طبيعة سكان هذه المنطقة السورية التي تمتاز بوحدة سكانها وامتداد عشائرهم نحو الأردن المجاور.

ولهذا يعمد الحلف الروسي الأسدي على تشغيل أسلحته وهي (القوة النارية الكبرى – سلاح الإعلام الذي يمارس بثَّ الأكاذيب وخلق البلبلة – سلاح ما يسمى ” الضفادع ” الذي ينشر اليأس ومحاولة شقّ الصف المحلي بالدعوة إلى المصالحات، التي هي استسلام).

“المصالحات ” هي استسلام مشروط بتسليم الأسلحة وعدم وجود ضمانات حقيقية لحماية السكان أو تسوية وضع عناصر الفصائل المسلحة. إنّ إدراك الفصائل لعامل الزمن مهم جداً، ولا يمكن وضعه في خانة الأفكار الطوباوية، فبالقدر الذي تستطيع فيه فصائل المعارضة المسلحة الجنوبية من تشكيل قيادة عسكرية واحدة تدير عملياتها من غرفة واحدة، وتشكيل قيادة سياسية واحدة، ومنبر إعلامي واحد، فإنّ هذه الفصائل تستطيع إفشال المخطط الروسي الأسدي، وبالتالي منع بوتين المتغطرس من الفوز بورقة الجنوب الهامة للاستفادة منها في فرض أمور عديدة أثناء محادثاته مع ترامب حول الملف السوري.

إنّ إفشال الجهد الروسي ممكن وواقعي لأسباب يدركها أهل الجنوب وفصائلهم، هذا الإفشال يتمّ من خلال وحدة الصف وتوفر القدرات العسكرية المميزة والإرادة الصلبة، فإذا تمسّكت فصائل الجنوب بضرورة بقائها في مناطقها وقبول وضع إدارة البوابات الحدودية بإشراف حكومي مدني، فإنّ هذا الموقف يُضعفُ المخطط الروسي الذي يعمل بدأب من أجل إعادة إنتاج هيمنة وسيطرة النظام الأسدي على البلاد ولو إلى حين محدّد.

إنّ إفشال الجهد الروسي ممكن وواقعي لأسباب يدركها أهل الجنوب وفصائلهم، هذا الإفشال يتمّ من خلال وحدة الصف وتوفر القدرات العسكرية المميزة والإرادة الصلبة، فإذا تمسّكت فصائل الجنوب بضرورة بقائها في مناطقها وقبول وضع إدارة البوابات الحدودية بإشراف حكومي مدني، فإنّ هذا الموقف يُضعفُ المخطط الروسي الذي يعمل بدأب من أجل إعادة إنتاج هيمنة وسيطرة النظام الأسدي على البلاد ولو إلى حين محدّد.

إنّ فصائل الجنوب بعدم وحدتها كأنها تقول للمخطط الروسي الأسدي: “الطريق سالكة إلى كلّ حوران” وأنّ مصير هذه الفصائل هو مصير شقيقاتها السابقات في الغوطة الشرقية والوعر الحمصي ووادي بردى. وحدة فصائل الجنوب تعني ببساطة تعديلاً عميقاً في اتجاهات الحل السياسي المنشود لسورية، هذا الحل الذي يضمن بدرجةٍ ما انتقالاً سياسياً على قاعدة وثيقة دستورية يقبل بها الشعب السوري تضمن له تغييراً مقبولاً في بنية الدولة وطبيعة نظام الحكم وتطور البلاد.

إنّ هذه الخطوة الهامة، ليست هامةً لحوران والجنوب السوري فحسب، بل هي هامة كضرورة لإعادة إنتاج الرؤية السياسية في البلاد، من خلال الإصرار على رفض هيمنة النظام الأسدي، وعدم قبول حلٍ تساومي دولي تريد أن تفرضه مصالح الدول الكبرى والإقليمية المتصارعة على الساحة السورية على حساب شعبنا السوري.

إنّ مكان الحل السياسي هو ساحة القرارات الدولية (بيان جنيف1 والقرار 2118 والقرار 2254) وإنّ الإصرار على مقاومة المخطط الروسي، يعني دفع الروس وغير الروس إلى مراجعة حساباتهم السياسية والعسكرية في بلادنا، وهذا ممكن من خلال وضع استراتيجية مقاومة شعبية تتمسك سياسياً بثوابت الثورة السورية، وإن كانت هذه الثوابت بالحدود الأقل (الانتقال السياسي).

فهل تُدرك فصائل الجنوب السوري أهمية منع بوتين من الفوز بورقتهم الجنوبية قبل قمة هلسنكي؟

هذا ما ننتظر أن نراه كحركة واقع وليس مجرد شعارات وهتافات لا تُطعمُ ولا تغني عن الخلاص من الاستبداد.