Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

بعد بحث مطول لسماحة السيد.. ترامب يعثر على طريق القدس!

دون أن يمر بالقلمون ولا بالقصير ولا غيرها من الطرق الوعرة على امتداد الجغرافيا السورية، استطاع دونالد ترامب أن يجد طريق القدس وباتجاه مباشر من واشنطن إلى فلسطين المحتلة، فيما لا يزال حسن نصر الله وأفراد عصابته وميليشياته تائهين في مجاهل الصحراء، عالقين في الطرق الفرعية التي لا منفذ لها لا على القدس ولا على أي مدينة فلسطينية أخرى.

هكذا يتوج نصر الله خلاصة رحلته الطويلة بالبحث عن القدس بإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل، الإعلان جاء على لسان الرئيس الأمريكي مدعوماً بإجراء عملي يتمثل في نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس.

خطوة استفزت الكثير من الدول التي لم تدّعِ في يوم من الأيام مناصرتها للقضية الفلسطينية، ولكنها لم تستفز حزب الله وباقي أعضاء المافيا في حلف الممانعة، ولم يدفع الحدث الكبير سماحة السيد إلى تحريك منظومة صواريخه باتجاه ما بعد حيفا، إلا إذا كانت حسابات سماحته الجغرافية تتعامل مع ما بعد حيفا على أنها مدن القصير والقلمون والزبداني، وغيرها الكثير من المدن السورية التي طالتها صواريخ المقاومة خلال السنوات السبع الماضية بحجة حماية القدس التي يتم اعتمادها اليوم عاصمة أبدية لإسرائيل.

ورغم ضخامة الحدث في حقيقته ورمزيته، إلا أن قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وتنفيذه لهذا القرار رسمياً بالأمس، لم يحرك شعرة في جثة سماحة السيد السياسية التي تعفنت وتفسخت وخنقت برائحتها الكريهة كلاً من دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت.

ليس ثمة مناسبة أكبر مما حدث بالأمس ولا سبب أكثر مباشرة لإعلان حالة الحرب مع العدو الذي ارتكز مشروع حزب الله على ذريعة مقاومته، غير أن ردة فعل الحزب اقتصرت على المضي في مشروع احتلال سورية ومنعها من التحرر من نظام الإجرام في دمشق، وهو فعل الممانعة الوحيد والحقيقي الذي قام به الحزب بعيداً عن تمثيليات العامين 2000 و2006

سنوات من البحث المكثف عن طريق القدس، ابتدأت بزراعة كيان فارسي مجاور للكيان الصهيوني، وانتهت بحرب إبادة ضد الشعب السوري بحجة القدس، وكانت النتيجة على النحو الذي رأيناه بالأمس، مزيداً من ضياع الحقوق، ومزيداً من الدماء الفلسطينية، ومزيداً من الانتصارات لنتنياهو، دون أن يخسر الأخير جندياً واحداً، والفضل كله في ذلك يعود لجهود سماحة السيد ولعصابة حلف الممانعة التي ساهمت بشكل أساسي ليس في ضياع القدس وحسب، بل وضياع أربع عواصم عربية حتى الآن.

ليس من الغريب إذن أن يعثر ترامب على طريق القدس، في الوقت الذي تاه فيه حسن نصر الله عنها رغم قرب مواقع الحزب وملاصقتها للأراضي الفلسطينية، فالخرائط الجغرافية تشير بوضوح إلى بداية تلك الطريق ونهايتها، والجغرافيا السياسية أكثر وضوحاً، حيث لا تزال الولايات المتحدة داعماً أساسياً لحق إسرائيل في التهام المزيد من الأراضي العربية.

غير أن الفاصل بين حسن نصر وهدفه المزعوم، هو الجغرافيا النفسية، وجغرافيا الانتماء، فخريطة القتل والتهجير والإبادة التي رسمت في طهران هي وحدها التي يتقيد بها سماحة السيد ويمشي على هديها.

غير أن الفاصل بين حسن نصر وهدفه المزعوم، هو الجغرافيا النفسية، وجغرافيا الانتماء، فخريطة القتل والتهجير والإبادة التي رسمت في طهران هي وحدها التي يتقيد بها سماحة السيد ويمشي على هديها.

 

ها هي القدس تنتهك من جديد على مرأى ومسمع حلف الممانعة الذي أسس شرعيته على أنقاض الشعارات الكاذبة والعقائد المصطنعة، وإنه لمن المفارقة أن يتم انتهاك القدس بهذه الطريقة والاحتفال بها كعاصمة رسمية لإسرائيل وطي صفحة الحق الفلسطيني، في غمرة بحث حزب الله عن طريق القدس ودخوله في حرب طويلة الأمد كان ضياع القدس أول تجلياتها الملموسة وخلاصة انتصاراتها.

إن سقف ردة الفعل لسماحة السيد هو أن يطلق بعض التصريحات باتجاه العدو المفترض (أميركا وإسرائيل)، بينما يصوب كل أسلحته الثقيلة إلى القدس ذاتها التي يدعي الدفاع عنها من خلال مهمته المحددة والتي لم تتضمن أي بند ينص على الدفاع عن القدس، بل على العكس تماماً، المشاركة في قتل كل الاحتمالات التي يمكن أن يعول عليها في استرداد القدس من المحتل.

أما نظام الأسد، فيقتصر دوره على مساعدة حزب الله في إيجاد طريق القدس في سورية، ويفتح للحزب وميليشياته بوابات المدن، ويضع الشعب السوري فريسة سهلة في طريق وحوشه التي جاءت لتثأر للحسين، فاختصاص نظام الأسد هو ضرب عملاء إسرائيل في الداخل السوري، وهم كل من طالب بالحرية والعدالة والدولة المدنية.

وفي الوقت الذي يبيد فيه نظام الأسد معظم القوى الثورية (عملاء إسرائيل) بمساعدة الروسي والإيراني وحزب الله، يترك إسرائيل تنعم باحتفالات نقل السفارة فلا يجد نفسه معنياً بالتدخل في شأن القدس إلا من خلال المتاجرة والتصريحات الفارغة المناصرة لحزب الله.

لم تعد الشعارات الكاذبة والمفضوحة لحلف الممانعة محور بحث أو جدل، فكل المعطيات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك سقوط تلك الشعارات، ولكن الإشكالية التي لا يمكن فهمها تتجسد في سؤال جوهري: من أين يأتي حلف الممانعة بكل تلك الصفاقة التي تمكنه من الاستمرار في رفع شعار ساقط وفاقد لأية قدرة على الإقناع،وهل سيستمر الحلف بمحاولات إعادة تسويق ذلك الشعار بعد كل ما حدث!!