Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

سوريا في المونديال

الأول: سورية في مونديال موسكو 2018؟
الثاني: لا، ليست في المونديال، من حسن الحظ.
الأول: لا يا زلمة، حرام عليك، كيف تعتبر بقاء بلدك خارج المونديال ضرباً من ضروب الحظ؟
الثاني: لا أريدها أن تبقى خارج المونديال فقط، بل أتمنى ألا يتأهل منتخبُها لأي بطولة أو دورة عربية أو إقليمية أو دولية.. وأما من جهة أنها بلدي، نعم، بلدي، وعلى عيني ورأسي.. ولكنني لا أريد أن نتبهدل، ونتهزأ أمام شعوب الأرض أكثر مما نحن متبهدلون ومتهزئون في الواقع، وأنا هنا أحصر حديثي بالرياضة، يعني لن أحدثك عن الظلم، والنهب، والقتل بالتعذيب، أو بالبراميل، أو بالكيماوي، والتهجير، وبيع البلاد للروس والإيرانيين وتشكيلة الحثالات الطائفية القذرة.

الأول: يا سلام! تريد أن تحصر حديثك بالرياضة، ومع ذلك لم تترك كلمة عوجا إلا وحكيتها عن نظامنا الوطني. طيب قل لي، ما بها الرياضة؟
الثاني: قطاع الرياضة في سورية مثل بقية القطاعات فرد شكل، (لا قَلَمْ زاد ولا قلم نقص).. إلا أنها أكثر فكاهة وهزلية من القطاعات الأخرى، فإذا تأهل ملاكم سوري لبطولة عالمية تقام في كوبنهاجن، مثلاً، سرعان ما تبدأ المشاورات لتشكيل الوفد الذي سيرافق الملاكم الذي لا يجوز القول بأنه سيرفع رأس سورية الأسد في المحافل الدولية، بل سيُبْقي هذا (الرأس) مرفوعاً، باعتبار أنه مرفوع من قبل. وسرعان ما تبدأ خارطة العلاقات الاجتماعية السورية الدنماركية بالارتسام، والتحول من فكرة نظرية إلى حقيقة واقعة.

الأول: هه هه، يعني أنت تعرف كيف تشكل الوفود الرياضية؟
الثاني: طبعاً، إن أفضلية الذهاب في الوفد تكونُ لمَنْ كان له أقارب في الدنمارك، أو في أية دولة أوربية قريبة منها، ففي هذه الحالة تتم تقوية النسيج الاجتماعي الأسري، وإذا كان الذاهب في الوفد سيزور أمه وأباه فإن المسؤول على تشكيل الوفد سينال قسماً كبيراً من (الثَوَاب) الناتج عن وصل الأرحام، وبر الوالدين، وإذا كان ابنُ أحد المسؤولين يريد أن يتزوج ليكمل نصفَ دينه، وقد خطب وكتب كتابه على ابنة إحدى العائلات المحترمة، فإن بإمكانه أن يصطحبها معه، برفقة الملاكم البطل، ليمضيا شهر العسل في الدنمارك، أو أن يستغل فترة البطولة الرياضية فيدور مع عروسه الجميلة من دولة أوربية إلى دولة.. وأنت تعلم أنه لا بد من أن يضم الوفد مدرب الملاكمة، والمدلك، والمزيت، وطبيب الأسنان، وطبيب جراحة التجميل، وحامل المنشفة الخاصة بالتهوية، والفريق الإعلامي المؤلف من مصورين ومساعدين وعمال إضاءة، وسكريبت، وكلاكيت، وشاريو، ومذيع.. هذا كله وأنا لم أحدثك عن الفريق الأمني الذي لا ينزل اسمه صراحة ضمن القائمة الرسمية، حرصاً على أمن البلاد الذي تطمح الدول الإمبريالية والصهيونية العالمية إلى زعزعته.

الأول: بصراحة؟ أنا لستُ متأكداً من صحة المعلومات التي ذكرتَها، وأظنك تبالغ لكي تقلل من شأن شعبنا وقائدنا و..
الثاني (يضحك): على ذكر قائدكم، هل تعرف حكاية بطل الملاكمة الذي شارك في دورة ألعاب القوى العالمية؟
الأول: لا أعرفها.
الثاني: سأحكيها لك، عسى أن تكبر عقلك وتقلل من حماسك لمشاركة المنتخب السوري في مونديال 2018. يا سيدي، في سنة من السنوات، تأهل ملاكم من عندنا لملتقى عالمي لألعاب القوى، وقد رافقه الرفاق المناضلون الذين حدثتك عنهم، إضافة للفريقين الإعلامي، والأمني، والشباب كانوا واضحين منذ البداية، فاتفقوا مع الملاكم أن يعلن، فور فوزه على الملاكم الكولومبي الذي سينازله في المباراة الأولى، أن يهدي هذا الفوز للرفيق المناضل حافظ الأسد.

الأول: جميل.
الثاني: جميل في نظرك أنت، ولكن على قولة المثل “حسابات السوق لا تنطبق على حسابات الصندوق”، فالملاكم الكولومبي، منذ أول جولة (راوند)، استحكم بملاكمنا، ونفضه لكمة صرصعته، وجعلته يسقط على الأرض لا من تمه ولا من كمه. وعلى الفور هرع الفريق الإعلامي ليأخذ تصريحاً من الملاكم البطل، فقال، بينما الحكم يستعد لإعلان فوز الملاكم الكولومبي.

– أهدي هذا الراوند للرفيق المناضل حافظ الأسد!