Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في الذكرى السابعة.. ما الذي تبدل وهل تشعل درعا شرارة الثورة الثانية؟

قواعد على المياه الدافئة واستعادة المجد الضائع واللعب بمساحة أكبر في قضايا العالم، ربما هذه هي أبرز الأهداف التي تسعى إليها موسكو من خلال حربها في سوريا، والتي لا يغفلها أي من متابعي الشأن السوري والناظرين اليه بعين المعارض أو الموالي على حد سواء، لكن يبقى السؤال المفتوح والمحير ما الذي تريده الولايات المتحدة من الحرب السورية؟، هذا السؤال الذي قد يساعد إلى حد كبير على فهم أسباب طيلة أمد الحرب في سوريا وربما يكشف شيئاً من مآلاتها المستقبلية.

لا شك بأن الولايات المتحدة كانت ولا زالت تسعى لإغراق روسيا أكثر فأكثر في المستنقع السوري، وهو ما يمكن وصفه بواحدة من أكبر المصالح الأمريكية في سوريا منذ اندلاع الثورة، إلا أن بوتين على ما يبدو كان أكثر انتباها من قادة الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الأفغانية، وأذكى من التورط في المستنقع السوري، وهذا ما قد يفسر نقطتين هامتين محوريتين في الثورة السورية.

أولها الانتشار الكبير للفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا وتحديداً “جبهة النصرة” وسيطرة هذه الفصائل على المشهد الميداني، في خطوة من شأنها تحفيز الروس “الشيوعيين” على التدخل السريع ضد العدو الأزلي، لاسيما مع تشابه الظروف في ذلك الوقت بين الحالة السورية والأفغانية بالنسبة للروس الذين يعتبرون الإسلاميين أكبر خطر يهدد أمنهم وأمن مصالحهم.

النقطة الثانية، هي طول أمد الأزمة السورية، على اعتبار أن حذر الروس وتأنيهم في الانخراط العسكري المباشر وعدم انزلاقها بقتال بري سريع أدى إلى محاولة الامريكان إطالة أمد الحرب والضغط أكثر على النظام ومنح الفصائل الإسلامية فرصة أكبر للسيطرة على مساحات أوسع من سوريا لإجبار الروس على التدخل، وهو ما كان واضح في المشهد الميداني بين عامي 2013 وحتى 2016، والذي كانت التنظيمات الإسلامية تسيطر خلالهما على أكثر من 60 في المئة من مساحة سوريا، مقابل تراجع كبير وملحوظ لفصائل الجيش الحر التي كانت تعتبر الممثل الأساسي للثورة.

اليوم ومع مرور سبع سنوات من الحرب يبدو أن إدارة ترامب بدأت تتخلى عن هدف توريط الروس بمواجهة مع الإسلاميين، وتتجه نحو سياسة جديدة للتعامل مع النفوذ الروسي الإيراني المتعاظم في سوريا، هذه السياسة التي يمكن القول إنها ستعتمد على إعادة الأمور لنقطة الصفر، عبر تصدر الجيش الحر للواجهة الثورية من جديد لاسيما بعد التقهقر الكبير للفصائل الإسلامية عموما خلال الأعوام الماضية وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم جبهة النصرة.

وفق هذا التصور يمكن القول إن الولايات المتحدة أرادت من خلال الدخول الروسي على الأقل خلال العام الماضي، القضاء على الحركات الإسلامية بشكل كامل دون تحريك أي جندي أمريكي باستثناء الحرب على داعش التي كانت مهمة بالنسبة للأمريكان لزرع قواعد لها شمال شرق سوريا، وبالتالي فإن السيطرة الروسية على مساحات واسعة من الأراضي السورية يمكن اعتبارها واحدة من خطوات السياسة الأمريكية الجديدة في سوريا، وليس تفوقا روسياً في المعادلة السورية، خاصة وأن نظرة على خريطة المناطق التي سيطرت عليها روسيا تكفي للقول بأن معظمها كانت تحت حكم فصائل إسلامية.

أما بالنسبة لمآلات الثورة السورية، فربما لن يكون من المبالغة الاعتقاد عبر هذا السيناريو بأن سوريا خلال الصيف أو ربما الخريف القادم ستشهد انتفاضة مسلحة جديدة تعيد الجيش الحر إلى الواجهة عبر عمليات عسكرية تعيد بدورها حالة توازن القوى على الأرض بين المعارضة والنظام، تترافق مع تعاظم الدعم العسكري الأمريكي والروسي للطرفين، بما يسمح للولايات المتحدة بالشروع لمفاوضات الحل النهائي مع الروس بما يتوافق مع الرؤية الأمريكية، وعلى رأسها إخراج الميليشيات الإيرانية والتخلي عن شخص الأسد.

باختصار، فإن السيناريو السابق وبحسب بعض التطورات الحالية يمكن القول بأن سوريا ربما تكون على موعد اندلاع شرارة ثورة ثانية قد تشتعل مجدداً من درعا كما كان الحال في آذار 2011، إلا أنها ثورة ربما ستكون فيما لو اندلعت أكثر زخماً وحدة مما كانت عليه سابقاً.