Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

هل ستستمر فرحة النظام بـ”تأمين” دمشق؟

أعلن النظام قبل أيام ما اسماه “تأمين دمشق وريفها من المجموعات الإرهابية”، ويأتي هذا بعد أن ترك آخر منطقة خارج سيطرته في محيط دمشق بيد “داعش” لأكثر من خمس سنوات، في حين دمر معظم الريف الدمشقي خلال الست سنوات الماضية، وكان آخرها الغوطة الشرقية والتي هَجّر أهلها بعد أن دمر مدنهم وقراهم، ليبدأ بمعركة ضد “داعش” في مخيم اليرموك والحجر الأسود جنوب العاصمة دمشق.

وتنظيم”داعش” والذي تمركز في منطقة محدودة جنوب العاصمة، جاء بعد أن سهل له النظام دخول تلك المنطقة في العام 2013، ولم يحارب نظام الأسد وحلفائه، تنظيم “داعش” خلال السنوات الماضية، في حين كانت فصائل الثوار في قتال دائم على تلك الجبهات مع “داعش” والنظام وميليشياته على حد سواء، دون أن يدخل النظام في أي معركة تُذكر ضد “داعش” في اليرموك والحجر الأسود.

والمعركة الأخيرة والتي بدت أقرب للاستعراض من خلال الكم الكبير من الدمار، ضد بضع مئات من عناصر تنظيم”داعش” الإرهابي والذين خرجوا بالحافلات للبادية السورية، بعد أن انتهوا من تأدية مهمتهم، ويبدو أن النظام وحلفائه أرادوا من هذه المعركة أن تكون ذات بعد دعائي أكثر منها قتالي، وذلك من خلال جعل آخر موقع خارج سيطرة النظام بمحيط دمشق بيد “داعش”، وذلك كي يكون الإعلان للعالم عن “تأمين” كامل دمشق وريفها بمساعدة الروس والميليشيات الإيرانية، تم بعد القضاء على “داعش”، فيما الواقع يقول إن التنظيم لم يكن يُسيطر سوى على نحو 3% من مساحة محيط دمشق التي كانت خارج سيطرة النظام، فيما كانت المساحة الباقية موزعة ما بين الجيش الحر وفصائل إسلامية معتدلة، وجميع مقاتليها هُم من أبناء تلك الأرض، خاضوا معارك طاحنة باسلحة تبدو متواضع مقارنة مع جبروت الروس والميليشيات الإيرانية ونظام الأسد بما يمتلكون من سلاح جوي فتاك وكيماوي وعنقودي وغيره من الأسلحة التي قتلت من أبناء ريف دمشق أكثر من 100 ألف مدني وعسكري منذ بداية الثورة.

لكن هل فرحة النظام بهذا “الانتصار” ستستمر؟. الوقائع على الأرض والتطورات الدولية بما يخص بعض حلفائه في سورية، وقبل هذا تمسك أبناء الأرض بمبادئ الثورة الأولى، تؤكد بما لا يدعو مجال للشك، بأن هذه الفرحة ستكون مؤقتة وأن النظام الذي لا تزال نصف الأراضي السورية خارج سيطرته، سواء تلك التي تسيطر عليها ميليشيا “قسد” بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا في منطقة الجزيرة بمحافظاتها الثلاث (الرقة والحسكة ودير الزور) أو سيطرة الجيش الحر وفصائل إسلامية على معظم محافظات درعا وإدلب والقنيطرة، إضافة لمناطق واسعة من ريف حلب، تجعل من هذا النظام ضعيفاً متهالكاً، وفي أي لحظة تعود الأمور للصفر.

ولعل أكثر ما يخيف النظام في المرحلة المقبلة، هو إجبار الميليشيات الإيرانية على الخروج من سوريا خاصة بعد التصريحات الأمريكية الأخيرة والتي بدت أكثر جدية ومن خلالها مطالبتها صراحة بخروج إيران من سوريا، والذي سيكون مترافق مع عقوبات اقتصادية شديدة تجعل من خامنئي يفكر كثيراً في الاستمرار بتواجد عناصره في سوريا ودفع المزيد من المال والرجال.

وفي حال رضخت طهران لمطلب الخروج من سوريا -ويبدو أنها سترضخ في النهاية- فإن روسيا لن تعوض النقص الإيراني، ولن تضحي بجنودها وسيبقى دورها تأمين الجو، وتأمين بعض المناطق التي يسيطر النظام من خلال شرطة عسكرية لا يتعدى عدد عناصرها ألفي شخص، في حين أن المعارك تحتاج لعشرات الآلاف، كما هو الحال مع إيران وميليشياتها.

كذلك فإن القوة البشرية لجيش الأسد أصبحت في أقل عدد لها منذ بداية الثورة السورية، والاحصائيات غير الرسمية والتي تخرج بين الفينة والأخرى، تقول بأن مجموع مقاتلي الأسد ما بين جيش نظامي وميليشيات طائفية محلية وشبيحة، لا يتعدى الـ120 ألف في أحسن الأحوال وهو رقم يمثل أقل من الثلث مقارنة مع العام 2012، كذلك فإن اعتماد النظام الأكبر خاصة في السنتين الأخيرتين كان على الميليشيات الإيرانية والمرتزقة التي جندتهم طهران في ساحات المعارك من أفغان وعراقيين وباكستانيين ولبنانيين وغيرهم، في حين بقي دور قوات الأسد مساند لتلك الميليشيات، وإيران وذيولها اعترفوا بهذا في أكثر من مناسبة.

وفي حال سحبت إيران ميليشياتها، فإن النظام سيجد نفسه يسيطر على مناطق دون وجود عدد كافي من المقاتلين القادرين على حمايتها، فضلاً عن الحالة النفسية المتردية لهؤلاء المقاتلين بعد سبع سنوات من القتال، وحينها لن تستطيع الطائرات إيقاف زحف فصائل الثوار في الجنوب والشمال نحو تلك المناطق، والفصائل ذاتها التي استطاعت قبل العام 2015 من السيطرة على أكثر من 90% من محيط دمشق ونحو 70 % من كامل الجغرافية السورية بوجود جميع الميليشيات سواء الأسدية بكامل قوتها البشرية أو الميليشيات الإيرانية والمتعددة الجنسيات.