Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ارتفاع كبير في إيجارات المنازل بدمشق وريفها.. والنازحون هم الضحية!

أحمد زكريا - SY24

 

 

أزمة سكن خانقة وارتفاع في إيجارات المنازل، هو العنوان الأبرز لما يعانيه النازحون من مختلف المدن والبلدات في سوريا باتجاه العاصمة دمشق وما حولها.

وفي حين يرى مراقبون أن ارتفاع ايجارات المنازل في دمشق وريفها نتيجة طبيعية للتضخم الاقتصادي وتدهور الليرة السورية أمام العملات الأجنبية الأخرى، إلا أن من يبحث عن منزل يؤويه هو وعائلته يرى أن الأمر يعود إلى جشع تجار الأزمات واستغلال بعض أصحاب المكاتب العقارية لحاجة النازحين والمهجرين.

وتعد فئة النازحين هي الفئة الأكثر تهافتًا اليوم للحصول على مأوى وفي حال تم تأمينه فإنه يكون غير صالح للسكن البشري، ليضاف هذا الهم إلى هموم الحياة المعيشية الأخرى.

وتصل أسعار إيجارات العقارات في العاصمة دمشق إلى أرقام خيالية، وفق ما ذكرت مصادر أهلية، وتتراوح بين 100 ألف و150 ألف ليرة سورية وما فوق، ويختلف السعر باختلاف مساحة الشقة وإن كانت مفروشة أم لا، كما تخضع تلك العقارات المراد تأجيرها لتحكم وسلطة صاحب العقار الذي يفرض الشروط على المستأجر وفق مزاجه دون أي اعتبار لحالة النازح أو المهجر.

وتعد “ضاحية قدسيا”، من أكثر المناطق احتضاناً للنازحين الذين تصل أعدادهم لنحو 800 ألف نازح بحسب تقديرات مصادر مطلعة، أغلبهم من مناطق الغوطة الشرقية، ويصل ايجار الشقة السكنية في تلك المنطقة إلى حدود 50 ألف ليرة سورية شهريا، ومن الممكن أن تجد العائلة النازحة منزلاً للإيجار بحدود 40 ألف ليرة سورية.

يقول “مصطفى أبو أيمن” وهو من سكان حي “الشاغور” في دمشق القديمة: إن من أهم العوائق التي تواجه من يريد أن يستأجر شقة سكنية في أحياء العاصمة دمشق هي “الموافقة الأمنية”، ويفترض أن يحضر المستأجر موافقة من المختار ومن فرع الأمن المسؤول عن المنطقة، وأغلب الموافقات الأمنية مسؤول عنها إما “فرع فلسطين” أو “السرية 215” التابعة لفرع الأمن العسكري.

وتابع “أبو أيمن” في حديثه لموقع سوريا 24: من الصعوبات الأخرى هو الشرط الذي يفرضه المؤجر على المستأجر وهو دفع أجرة 6 أشهر “مقدمًا”، الأمر الذي يثقل كاهل النازح أو المهجر، وهذا الأمر ينطبق على من يريد أن يستأجر في ضاحية قدسيا.

ومع موجة النزوح من محافظة دير الزور شرق سوريا، توجه عدد لا بأس به من سكان تلك المنطقة باتجاه دمشق ما أدى لارتفاع أسعار إيجارات المنازل لتصل إلى أكثر من 100 ألف ليرة سورية شهريًا، يقول “أبو أيمن”.

وبحسب المصدر ذاته، بإمكان من يريد أن يستأجر أن يجد منزلًا في منطق مثل “ركن الدين، وبرزة” بسعر 50 ألف ليرة سورية شهريًا، ولكن مساحة المنزل صغيرة جداً وغير مفروش، مبينًا أن تلك المناطق تؤوي عددًا لا بأس به من النازحين من مناطق “الحجر الأسود وسبينة والقدم” والمناطق الواقعة على طريق الكسوة وصحنايا.

وضرب “أبو أيمن” مثالاً عن تأجير أحد المنازل في دمشق القديمة بسعر خيالي وقال: قبل فترة ليست بطويلة تم تأجير منزل في أحد الأحياء القريبة من حي الشاغور في دمشق القديمة بسعر 200 ألف ليرة سورية في الشهر، علما أن المنزل مفروش نصف فرش ومساحته لا تتعدى 100 متر، لافتًا إلى صعوبة تأمين منزل للإيجار في قلب العاصمة دمشق في الفترة الحالية.

ولا تقتصر معاناة الأهالي في الحصول على منزل للإيجار في العاصمة دمشق وحسب، بل تمتد للريف الدمشقي كالغوطة الغربية على سبيل المثال والتي تصل أسعار إيجارات المنازل في بعض مناطقها إلى حدود 75 ألف ليرة سورية شهريا، وبعض تلك المناطق تؤوي مهجرين ونازحين من مناطق أخرى.

“أبو معاوية” أحد سكان الغوطة الغربية ذكر في حديثه لموقع سوريا 24، أنه من الممكن أن تجد منزلًا للإيجار في بعض مدن وبلدات الغوطة الغربية بسعر 12000 ليرة سورية شهريا وهناك منازل تصل أسعار إيجاراتها إلى أكثر من 70 ألف ليرة سورية ويكون المنزل من دون فرش كما يحتاج تنظيم عقد الإيجار لموافقة أمنية.

وبالانتقال إلى مدينة “التل” بريف دمشق والتي تؤوي عددًا لا بأس به أيضًا من المهجرين والنازحين من سكان الغوطة الشرقية وما حولها ومن باقي المحافظات، فإن أسعار إيجارات المنازل تفوق قدرة النازحين على دفعها.

“أبو سامي التلي” يقول لموقع سوريا 24: يوجد منازل للإيجار بنسبة 40 % صالحة للسكن ولكن بأسعار باهظة جدا ويفرض على المستأجر أن يدفع 6 أشهر كدفعة واحدة مقدمة.

أمّا “أبو محمد القلموني” فبيّن وضع إيجارات المنازل في تلك المدينة قائلًا: إن إيجارات المنازل في منطقة التل قبل اندلاع الثورة عام 2011 كانت لا تتجاوز 4000 ليرة سورية شهريا للمنزل الواحد، وفي بعض الأحيان يصل الإيجار إلى حدود 10 ألاف ليرة سورية.

وبعد العام 2012، بدأت إيجارات البيوت بالارتفاع حتى وصلت لما يقارب من 75 ألف ليرة سورية شهريا وما فوق، لتلامس في كثير من الأحيان حاجز 100 ألف ليرة سورية شهريا، لذلك تضطر أكثر من عائلة نازحة إلى مدينة “التل” للسكن في شقة سكنية واحدة بهدف تقاسم أعباء ” الايجار الشهري” المرتفع بالنسبة لهم والذي يعد من أكبر المشاكل التي تواجههم.

وعقب استعادة نظام الأسد السيطرة على الغوطة الشرقية، عاد جزء من النازحين إلى مدن وبلدات “حرستا وسقبا وحمورية وكفر بطنا” في القطاع الأوسط، في حين أن أهالي “دوما وعربين وزملكا وجوبر”، فإنهم لم يتمكنوا من العودة لمناطقهم بسبب قلة الخدمات وعدم وجود منازل صالحة للسكن يعودون إليها، وعلى اعتبار أن غالبية هؤلاء النازحين والمهجر غير قادرين على استئجار منزل في قلب العاصمة دمشق، فإنهم فضلوا البقاء في مدينة “التل”، معتبرين أن أسعار إيجارات المنازل فيها أرخص من باقي المناطق وخاصة في قلب دمشق.

ومع ازدياد الطلب على الشقق السكنية من قبل الوافدين، تواصل أسعار الإيجارات في مناطق بدمشق وريفها ارتفاعها، والحجة دائما ارتفاع الدولار وقلة العرض أمام كثرة الطلب، وسط غيابٍ واضح لأي دور لحكومة نظام الأسد في إيجاد الحلول المناسبة لأزمة السكن، ما فسح المجال أمام تجار الأزمات للتحكم بسوق العقارات.