Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

آثار حلب القديمة في قبضة إيران وميليشياتها تسرق أهم المخطوطات التاريخية

خاص - SY24

كشفت مصادر مطلعة ومتابعة للأوضاع داخل مدينة حلب، عن سرقات بالجملة قامت بها الميليشيات الإيرانية طالت “المكتبة الوقفية” في المدينة القديمة، مؤكدة أنه وعقب سرقة محتويات المكتبة وأهمها المخطوطات التاريخية، تم نقلها إلى لبنان عبر وسطاء يتبعون لتلك الميليشيات، إضافة لسرقة تماثيل ولقى أثرية تم العثور عليها في عدد من أحياء حلب القديمة.

وذكرت تلك المصادر نقلاً عن شاهد عيان، أن “عدداً من المكتبات التاريخية تعرضت للنهب والسرقة عقب دخول القوات الروسية إلى أحياء حلب القديمة لتمشيطها من الألغام والمتفجرات، وصلت إلى محيط الجامع الكبير وبالقرب من المكتبات الأثرية مثل المكتبة الشرعية والمكتبة الوقفية عدد من السيارات التي تتبع للميليشيات الإيرانية وبقيت في تلك المنطقة مدة تصل إلى نحو 5 ساعات، خرجت بعدها وهي تحمل مخطوطات تاريخية وتماثيل وقطع أثرية، تم نقلها إلى دمشق ومنها إلى إيران”.

وتعليقاً على ذلك قال الباحث التاريخي “عمر الحسون” لـ SY24، إن “عمليات سرقة المخطوطات التاريخية التي قامت بها الميليشيات الإيرانية ليست بمستغربة، فهي ميليشيات محتلة ما جاءت لتحافظ على تراث مدينة احتلتها وتكن لها العداء التاريخي والديني والعرقي، فحلب كانت من أهم المدن الإسلامية عبر التاريخ وكانت في العهد العباسي المملوكي عاصمة مهمة للسلاجقة والحمدانيين ومن بعدهم الدول والممالك التركية، فكانت تحوي على خزائن ضخمة جدا من الآثار والمخطوطات منذ قبل الإسلام إلى هذا اليوم، بالإضافة إلى أكثر من عشرات آلاف الكتب التاريخية الموجودة لدى المهتمين من أهلها، والكتب التي تم تهريبها من إسطنبول إلى حلب على يد موظف كان يعمل في الصدارة العظمى في إسطنبول بعد سقوط  الدولة العثمانية 1924″.

وأضاف “الحسون” أنه “منذ عهد نظام الأسد وبعد عام 1970، بدأت تهريب الآثار والمخطوطات على يد القيادات العليا لهذا النظام بحيث كان النظام يضرب بيد من حديد  أي مواطن يتهم ولو اتهام بالحصول على قطعة آثار أو كتاب أومخطوط،  وصودرت آلاف الكتب التاريخية والمخطوطات من بيوت ومكتبات خاصة ملك لعائلات عريقة في سوريا بعد 1980، بحجة الانتماء الى الإخوان المسلمين والرجعية العثمانية كما كان يسمي النظام هذه العائلات، ووجدت هذه الكتب بالصدفة في إيران وغيرها من دول حليفة للنظام السوري بما فيها روسيا”.

وكشف مصدرنا التاريخي أنه “بعد دخول إيران على خط الحرب الدائرة في سوريا، تمت أول عملية سطو على الآثار المكتوبة في دمشق حيث تم تهريب مئات المجلدات من دمشق إلى إيران عبر لبنان والعراق”.

وبالعودة إلى حلب قال مصدرنا، إن “الميليشيات الإيرانية وعند وصولها إلى حلب بعد تهجير أهلها، قامت بالبحث عن ما تبقى من مخطوطات ومجلدات في مدينة حلب القديمة ومكتباتها التاريخية، وبعلم سلطات النظام وربما بعلم الجيش الروسي الذي كان له أسبقية تاريخية في سرقة المخطوطات من بغداد وديار بكر بعد الحرب العالمية الأولى”.

تاريخ المكتبة الوقفية وأهميتها

كانت المكتبة الوقفيّة قد تعرّضت لحريق كبير من جرّاء الأعمال الحربيّة، كذلك تهدّمت مئذنة الجامع الأموي بسبب قصف الميليشيات الايرانية لها، وأدى حريق المكتبة الوقفيّة إلى خسارة محتوياتها من الكتب، وهي وفقاً لبعض المصادر كانت تضمّ قرابة 35000 عنوان.

أما المخطوطات فقد نجت لأنّ الحريق لم يصل إلى مستودع المخطوطات وفقاً لبعض المصادر، فيما تذهب مصادر أخرى إلى أن المخطوطات نجت بفضل حفظها في الحجرة المفرّغة من الهواء، وهي حجرة مخصّصة لمعالجة المخطوطات وترميمها عند اللزوم.

وقال الباحث التاريخي “عمر الحسون” إن “إيران قامت وعبر شخص يدعى (هاشم الموسوي) وهو حتما ليس سوريا بسرقة آلاف المخطوطات، ومن المعروف أن المكتبة الوقفية بحلب غنية جداً بالمخطوطات فهي تحتوي على 35 ألف مخطوط بالإضافة الى آلاف الكتب”.

وأضاف أنه “ليس غريبا أن تمرر إيران هذه العملية، فسبق وأن سرقت مخطوطات العراق بعد سقوط بغداد، وعادي جداً أن يتم سرقة المكتبة الوقفية في وضعية الحرب والدمار، وهذا ليس حديث عهد فعندما كانت المعارضة تسيطر على مدينة حلب  كانت هناك حالة اشتباك دائمة في المدينة القديمة حول قلعة حلب، وكانت أحيانا ساحة كر وفر”.

وأشار إلى أنه “كان هناك من المدسوسين داخل الفصائل نهبوا جزء من هذه الكتب وباعوها وتم تهريبها إلى الخارج، وعندما أحكم النظام سيطرته على المدينة لم يتوقف الأمر بل ازداد وقامت ميليشيات النظام وإيران بتفتيش ونهب كل ما يأتي في طريقهم من بيوت ومؤسسات ومكتبات، سبقها أن النظام أفرغ بعض الدور والمؤسسات التي تهتم بالتاريخ والآثار ومنها متحف حلب”.

ويعرف الكثير من الناس المثقفين وغيرهم، حسب مصدرنا، أن القطع الأثرية ومنها المخطوطات تقدر بثمن عالي، فلذلك لن يتوانى مرتزقة النظام وميليشيات إيران عن سرقتها وعرضها للبيع بمبالغ طائلة، وقد تكررت هذه التجربة في مدينة دمشق حيث تم تهريب آلاف المخطوطات من المكتبة السليمانية وغيرها وعرضت للبيع على صفحات التواصل الاجتماعي وبالعلن، كون هناك تجار وشخصيات تعمل لصالح النظام وإيران في هذا المجال ولقد صادرت الحكومة التركية آلاف المواد والقطع الأثرية التي تم سرقتها من سوريا من المهربين ومنها الكثير من المخطوطات.

وأكد الباحث التاريخي أنه “لن يكون أي محاسبة لإيران على هذه السرقات لأنها تدخلت بسوريا باتفاق دولي وارتكبت الفظائع دون أن يعاقبها أحد، لكن الأيام كفيلة أن تعود هذه المخطوطات لاصحابها بعد سقوط الدولة الصفوية الإيرانية التي ما إن يسقط كاهنها الأكبر خامئني إلا وتزول وقريبا بإذن الله وسيعود كل شيء لأصحابه”.

مديرية آثار النظام وإيران وماهر الأسد

وأشارت المصادر إلى أن أحياء حلب القديمة تحظى بأهمية كبيرة لدى تلك الميليشيات الإيرانية، التي نفذت عمليات تنقيب من دون حيب أو رقيب، كما أنها نهبت محتويات الجامع الكبير ونقلتها إلى لبنان وإلى إيران، مضيفة أن هناك عدة أطراف ضالعة بعمليات النهب للآثار ومنهم مديرية الآثار التابعة للنظام وأيضا “ماهر الأسد” وأعوانه.

وفي هذا الصدد قال الناشط المهتم بانتهاكات الآثار وتوثيقها “عمر البنية” لـ SY24، إنه “للأسف اليوم أصبح هذا الأمر مباح، وهذه التصرفات أصبحت أقل من عادية كون النظام اليوم يقدم البلد وما فيها للميليشيات الإيرانية والروسية”.

وأضاف أن “مديرية آثار النظام نفسها تعمل على سرقة الآثار والتستر على السرقات، وأكبر الميليشيات التي تعمل على سرقة الآثار هي ميليشيا حزب الله، كما أن روسيا أيضا تشترك بنقل وسرقة قطع أثرية سورية”.

وعن أهم الأماكن التي تعرضت للنهب في داخل مدينة حلب قال “البنية”، إن “متحف حلب تعرض للنهب على يد النظام وميليشياته، كما ارتكبت سرقات في متحف التقاليد الشعبية بحلب القديمة، وسرقة مخطوطات بعض المدارس القديمة بحلب أيضا”.

وأكد “البنية” أنه “من الواضح أن النظام فتح المجال للميليشيات الإيرانية للسرقات منذ فترة طويلة، وماهر الأسد هو المعروف بتعاونه مع إيران وميليشياتها في هذا المجال، كما أن هناك ضباط داخل القصر الجمهوري وهم من يؤمنون التغطية على سرقة إيران لتلك الآثار”.

وأجمع كثير من علماء الآثار على أن حلب القديمة إذا أحيطت بسور جديد، تعتبر متحفاً يضم أروع المباني المتمثلة بالمساجد والمعابد والخانات والأسواق الملتصقة والمتناسقة والممتدة إلى مسافات بعيدة، ومن أهم المعالم التاريخية: قلعة حلب الأثرية، وسوق حلب القديم، والجامع الأموي الكبير، وحمام يلبغا الناصري، والمدرسة العادلية.

يشار إلى أن أحياء حلب الشرقية والتي تعتبر ضمن نطاق المدينة القديمة سقطت بيد نظام الأسد في أواخر العام 2016، بعد أن قادت الميليشيات الإيرانية معركة برية مدعومة بغطاء جوي روسي، ليسقط أكثر من 25 حي من تلك الأحياء بيد النظام السوري وتصبح مرتعاً للميليشيات الإيرانية، وتصبح كامل حلب المدينة بيد الأسد وميليشياته.