Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الأراضي الزراعية في درعا تتحول إلى مكب للنفايات والصرف الصحي!

النفايات في الأراضي الزراعية

فراس اللباد –SY24

تعتبر التربة في منطقة “حوران” بريف درعا من أهم الترب الخصبة في العالم، لما تحتوي من عناصر مناسبة للمزروعات، كما أنها تعتبر السلة الغذائية لكافة المناطق في سورية، لكن ظروف الحرب جعلت منها مكبات للنفايات ومياه الصرف الصحي، ما أثار غضب الأهالي في المحافظة مع غياب دور الرقابة والمؤسسات المتخصصة.

وقال المهندس “نزيه قداح” معاون وزير الزراعة في محافظة درعا سابقاً: إن “أضرار تلوث التربة تؤثر سلباً على صحة الإنسان، وتُساهم في القضاء على النباتات والحيوانات، وخسارة الأراضي الزراعية قيمتها الإنتاجية للمزروعات، وافتقار المنتجات الزراعية للمواد الغذائية الضروريّة لجسم الإنسان بالإضافة إلى انقراض بعض النباتات والحيوانات”.

أما بالنسبة للإجراءات التي يمكن اتخاذها قال قداح: “للوقاية من تلوث التربة يجب الحدّ من الرعي الجائر ومنع التعدّي على الثروة النباتية واستنزافها، والتقليل من انجراف التربة من خلال زراعة الكثبان الرملية بما تبقّى من النباتات”.

وأضاف: “كذلك إقامة الجدران الإسنادية في المناطق ذات الانحدار الشديد، واتباع الطرق الصحيحة في التخلص من النفايات الصلبة، وري المزروعات بمياه معالجة وصالحة للاستخدام، مع استخدام المبيدات الكيميائية بطريقة متوازنة وعدم الافراط به، ووضع قوانين صارمة للحفاظ على البيئة والتربة ومنع تلوثها”.

وأضاف أن ما تشهده السدود المائية في درعا اليوم لا يطمئن أبداً، خاصة أن هذه السدود واجهت مرحلة صعبة من الجفاف عبر السنوات الماضية التي أدت إلى نقص بالمخزون المائي.

وتأتي الصرخات الفلاحية الحادة من داخل المحافظة، وطالبت بالإسراع من أجل وضع حد لهذه المشكلة المتفاقمة، كما طالب الفلاحون بمعالجة مياه الصرف الصحي والإسراع بإنجاز محطاتها التي لا تزال قيد الإنشاء ووضعها بالاستثمار، وذلك لإبعاد شبح التلوث الذي بات يقض مضجع زراعتهم، فكل الدلالات تشير إلى اتجاه مسالة التلوث بالسير نحو الأسوأ، فالمزارع لا يمكن أن يرى محصوله يموت أمامه وهو يتفرج، مما يجعله يتخذ طرقاً غير شرعية لإيصال المياه إلى مزرعته.

ويرى قداح أنه “بحسب تقدير المحللين فان التلوث البيئي أظهر الكثير من الأمراض والأوبئة بسبب الأطعمة والأغذية المروية بمياه الصرف الصحي، وخاصة الخضار الطازجة، حيث يلجأ ضعفاء النفوس من المزارعين تحت أجنحة الليل السوداء إلى السقاية من هذه السدود رغم خروجها من الاستثمار الزراعي، غير سائلين بذلك عن قانون التشريع المائي والمسؤولية الجسيمة أو صحة المواطن الذي سيلحق به الأذى نتيجة السقاية غير المشروعة”.

وأردف أن المشكلة الأهم التي تواجه التجمعات السكانية المجاورة للسدود الملوثة؛ هي المشكلة الصحية حيث أن هناك العديد من التجمعات أصيبت ببعض الأمراض كالإسهال واللشمانيا والأمراض الجلدية والباطنية وإصابات الرئة الناتجة عن الروائح الكريهة الملوثة للهواء، كما أن هذا الوضع أدى لانتشار القوارض والحشرات السامة التي وجدت في مياه السدود الملوثة مرتعا خصبا لحياتها.

وإلى جانب هذه المخاطر والأضرار التي تولدها مياه السدود فان المياه المالحة تدمر عناصر التربة مع مرور الزمن وتقلل من خصوبتها وإنتاجها الزراعي وتزيد من ملوحتها، في حين أكد على مساهمة المعنيين وتحت اشراف وزارة الزراعة في المحافظة بإقامة جولات على مكبات النفايات وإجراء التدابير الوقائية للحلول دون تراكمها في الشوارع والمناطق المأهولة، إضافة إلى توعية السكان بخطر هذه النفايات على الصحة، وإجراء ندوات توعية للسكان وتجهيز آليات للتخلص منها بطرق متعددة، وفقاً له.

من جانبه قال الناشط الإعلامي “عبد الخليل” من ريف درعا في حديثه لـ SY24: “في ظل غياب القوانين والأنظمة وعجز السلطات الأمنية والمؤسسات المدنية عن سن تلك القوانين وفرضها والعمل بها، وفي ظل انحلال المبادئ والقيم والأخلاق وانعدام الضمير وغياب مبدأ الرقابة والمحاسبة والتوعية الاجتماعية والصحية؛ بات كل مواطن يتصرف على هواه فتجده يبرع في المخالفات والتجاوزات، ويتباهى بها أمام أعين الناس، فتجده ينثر مخلفات وقمامة محله أو بيته أو صنعته في أقرب مكان خارج بلدته، وعلى جوانب الطرق في الأراضي الزراعية راسماً بهذا الامر لوحة بشعة كبشاعة أخلاقه وتنبعث منها روائح نفسه الكريهة والأمارة بالسوء”.

وأضاف أن “مثل هكذا أمر يضفي على الطبيعة سوءاً فوق سوء بعد 7 أعوام حرب ليشكل مع أمثاله مكباً للنفايات والقاذورات بالإضافة للمياه الملوثة التي تفرعها سيارات الصرف الصحي في الأراضي الزراعية التي أقحلت من قلة المطر وأجدبت من جور البشر هذا ما خلفته الفوضى بعد أن غابت رقابة الدوائر والمؤسسات المختصة بالحفاظ على البيئة والأراضي الزراعية”.
الجدير بالذكر أن مساحة محافظة درعا تبلغ نحو 373 ألف هكتار مربع يتجاوز حجم الأراضي الزراعية فيها الثلثين، وتمتلك المحافظة أعداداً كبيرة من الأيدي العاملة في المجال الزراعي صاحبة الخبرة الطويلة، بالإضافة إلى توفر المياه والمناخ الملائم لغالبية أنواع المزروعات وتعرف بسلة غذاء سوريا.

وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من ازدياد نسبة الأمراض في سوريا بسبب المياه، حيث وصل عدد الإصابات بالأمراض المنقولة عبرها، مثل التيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي (أ)، بشكل كبير.

وكانت أشارت “الطبيبة إليزابيث هوف”، ممثلة منظمة الصحة العالمية، إلى أنه قد تم رصد أكثر من ثلاثين ألف حالة إصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي (أ) العام الفائت في سوريا، أكثر من ألف، وأضافت، أن ثلث المياه المستخدمة حالياً في سوريا صالحة للشرب، أما الباقي فهو ملوث.