Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الفنان التشكيلي أسعد فرزات لـSY24: الثورة غيّرت حياتنا وأعادت تشكيل ملامحنا النفسية والثقافية

أسامة آغي - SY24

المعادل التشكيلي لدى الفنان أسعد فرزات هو موهبة معجونة بماء الثقافة والفكر والتوجس، فاللوحة التي تولد على القماش عبر أبجدية لونية تولد قبل ذلك في منعرجات مخيلة تعيد تشكيل الواقع بطرق متعددة فتتضح الأوجاع والأحزان والرعب والفرح السرّي، هذه المخيلة هي من يستشرف حدوث الزلزلة قبل حدوثها، وهكذا هي مخيلة الفنان التشكيلي السوري أسعد فرزات الذي رشق روحه وألوانه على القماش والواقع ليأخذنا في فضاء فنه الجميل، فنتلمس انسانيتنا التي فقدناها في منحدرات الاستبداد وهوّاته السحيقات ولذلك حمل موقع SY24 أسئلته ووضعها أمام أسعد فرزات والذي أجاب عليها فكان هذا الحوار.

أنظمة الاستبداد تُقصي الإبداع والمبدعين

قلنا للفنان أسعد فرزات أن الفن التشكيلي هو أقدم الفنون البشرية فما أقرب مدارس هذا الفن إلى فنان يعيش في ظلّ أنظمة استبداد وقهر وديكتاتورية، فأجاب: الرسم هو لغة التعبير قبل اكتشاف الحرف، وكان صاحب الفن يعبّر به عن مكنونات انسانية تتعلق بالوجود والحياة بكافة أشكالها الاجتماعية والاقتصادية وحتى العسكرية والفنية حتى أصبحت تلك الرسوم شكلاً من أشكال الطقوس التي تتعلق بالروح والحرية، لذلك التعبير بالرسم والنحت والعمارة هو نتاج فكري وحضاري وإنساني.

ويضيف الفنان أسعد فرزات: هذا كان في العصر القديم، أما في العصر الحديث فقد ظهرت مدارس فنية عديدة سواءً مدارس تهتم بالأدب أو بالفنون، وأصبحت أدوات التعبير غير محدودة وغير مقيدة، وقد تجلى ذلك مع مفرزات العصر، فأعمال دولاكروا في لوحته “الحرية تقود الشعب” أو لوحة “الجورنيكا” لبيكاسو تعبّر عن روح مرحلتيهما، أما المعادلة الصعبة في ظلّ نظام استبدادي ديكتاتوري أن يكون لدى الفنان مشروع ثقافي بصري يحمل هموم الإنسان، لإن تلك الأنظمة تقوم على تكريس ودعم فن ساذج وتسويقه عن طريق بعض الصالات، أما بالنسبة لي فأنا لن أتخلى عن مشروعي الثقافي البصري الذي يحمل مكنونات ذهنية تتعلق بالوجود.

الثورات نتاج فكري متراكم

وسألنا الفنان التشكيلي أسعد فرزات فيما إذا يرى أن الثورة فعل تاريخي يبتغي تغيير أنماط الحياة التي وصلت مرحلة انسداد وتطور، فأجاب: جميع الثورات الحقيقية التي قامت في العالم وأهمها الثورة الفرنسية هي نتاج فكري متراكم وليست وليدة اللحظة، والثورة السورية هي ابنة هذه الحال لأن الثقافة في ظلّ الانظمة الاستبدادية تتحول إلى عصابة والمشهد يتحول إلى عين رقيب والمطلوب من الفن خدمة السلطة بينما المواطن يغرق في تفاصيل الحياة الاقتصادية اليومية المعقدة مما يؤدي إلى حرمانه من الحق الطبيعي لمواصلة الحياة، الحياة بكافة أشكالها، لقد ساهمت الأعمال الحقيقية للفنانين والأدباء الذين كانوا يعملون بصمت في ظلّ تلك الظروف الصعبة في رسم ملامح الثورة قبل انفجارها واشتعالها فيما بعد.

كنّا نتداول الكتب الممنوعة بالسرّ

وقلنا للفنان أسعد فرزات ماذا غيّرت الثورة فيك بعد مرور سبع سنوات على انطلاقتها، فأجاب: الثورة على الصعيد الفكري ليست ولادة حديثة العهد في عمري، هي منذ السنوات المبكرة لمراهقتي، مذ كان والدي يُغلق النوافذ عندما يتحدث بالسياسة، ومنذ أن كنّا نتداول الكتب الممنوعة بالسرّ، ومنذ أن فقدنا بعض الأصدقاء في أقبية الظلام لمجرد رأي أو انتساب لحزب محظور، أما بعد مرور سبع سنوات على الثورة فهي غيّرت الكثير ليس فقط على صعيد الحياة أو الثقافة، هي غيّرت بسيكولوجيتنا وحتى ملامحنا.

ويتابع: لا زلت كفنان أقف عاجزاً أمام مشاهد متتالية وسريعة في الدقيقة الواحدة فيها الكثير من المشاهد التراجيدية المؤلمة وفيها دراما الإصرار على النجاة، وبالنسبة لي لا أريد أن أقع في فخّ المباشرة فالمسألة هي عملية مركبة ومعقدة ذهنياً تحتاج إلى تحليل وتركيب وإعادة بناء واكتشاف أدوات جديدة.

نحتاج إلى بناء الفن في وعي الأجيال

وسألنا الفنان التشكيلي أسعد فرزات فيما إذا سيتغير موقع الفن التشكيلي من حالته النخبوية ليغدو فنّاً لكل الناس، فأجاب: المسألة ليست نخبوية أو لا نخبوية، المسألة تتعلق بالثقافة الفنية المعدومة في ظلّ أنظمة القمع وخاصة في المشهد التشكيلي وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة لوضع برنامج التثقيف الفني للأجيال القادمة، حيث تُصبح المادة الثقافية للفنون لا تقلّ أهميةً عن مادة الرياضيات مثلاً وهذا ما تتبعه أكثر الدول الحضارية بالعالم مما يساعد على قراءة وترجمة المشاهد الفكرية والجمالية التي يطرحها الفنان.

بطاقة تعريف بالفنان أسعد فرزات:

– خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق دورة عام 1986
– أقام العديد من المعارض الفنية داخل سورية وفي عدد من البلدان العربية
– شارك في ملتقيات فنية عالمية عدّة
– أعماله مقتناة من قبل المتحف الوطني وضمن مجموعات خاصة في كل من: سوريا – لبنان – الكويت – أمريكا – فرنسا – سويسرا.