Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

حتى الفراشات تبكي.. للكاتب التركي “جلال ديمير”

صبحي دسوقي - SY24

التقى موقع SY24، رئيس “ملتقى الأدباء والكتَّاب السوريين” ورئيس تحرير “صحيفة إشراق”، ضمن معرض “الكتاب الرابع”، المقام في

مدينة غازي عنتاب التركية، مع الكاتب التركي “جلال ديمير” (Celal DEMIR) ‏مدير‏ ‏مخيم “نيزيب” للاجئين السوريين،‏ وجرى الحديث حول كتابه “حتى الفراشات تبكي”.

تحدَّث في بداية اللقاء عن معايشته للسوريين في مخيم “نزب” واطلاعه على مئات القصص التي رويت أمامه وكان لها تأثيراً كبيراً، مما دفعه لتأليف هذا الكتاب الموجه للشعب التركي، ويوضح خلاله مأساة السوريين ومعاناتهم من نظام طائفي وحشي خنقهم ولاحقهم من أجل قتلهم، مما دفعهم للرحيل بحثاً عن الأمان في الجبال والسهول والقرى والوديان السورية ثم نزوحهم إلى جانب المعابر التركية، ولاحقاً دخولهم إلى

تركيا بعد تهديد النظام المجرم لهم بملاحقتهم وتصفيتهم، وأوضح أن العلاقة بين الشعبين السوري والتركي تعود إلى زمن بعيد، حين دافع السوريين عن أشقائهم الأتراك وامتزجت دمائهم معاً في معركة “جناق قلعة”.

 

ثمّ وضَّح أن كتابه يشير إلى أن “معاناة السوريين مع النظام المجرم كان من زمن بعيد واستشهد الكثيرين منهم بمجزرة حماة وبسجن تدمر”، وأوضح أن “هناك أكثر من مليون شهيد سوري عدا المعاقين والمصابين”.

وقال إن “هناك أكثر من ثلاثة ملايين ونصف من السوريين يعيشون في تركيا، وأكثر من ثلاثمئة ألف طفل ولدوا على أراضيها، وأن مسؤوليتنا كبيرة اتجاههم، ومن باب رد الجميل لشهدائهم في معركة (جناق قلعة) أن نستمر في دعمهم حتى عودتهم إلى وطنهم بعد توفر الأمان”.

وعن الهدف من وراء تأليفه هذا الكتاب أجاب على سؤال موقع SY24، “هناك عدة أهداف من خلال هذا الكتاب، حيث تتفاوت هذه الأهداف من حيث الأهمية إلا أن الهدف الأساسي هو تسليط الضوء على القضية السورية ومعاناة الشعب السوري، والرفض القاطع للظلم والقتل الوحشي من قبل آل الأسد، أيضاً من الأهداف المنشودة إيصال رسالتين، الأولى إلى الشعب التركي، أما الرسالة الثانية فهي إلى الشعب السوري”.

الرسالة التي أريد أن أوصلها للشعب التركي هي:

من المعروف أن الشعب التركي منذ بداية الثورة السورية وازدياد موجة اللجوء إلى تركيا لم يدخر جهداً في مد يد العون والمساعدة للأخوة السوريين، وقد لبوا النداء مسرعين وقدموا كل ما بوسعهم أن يقدموه لتخفيف وطأة الحرب والنزوح، إلا أننا اليوم نشاهد عكس ذلك تقريباً حيث أصاب الشعب التركي نوعاً من الصدود والفتور، حتى أننا بتنا نسمع أحياناً بعض الأتراك، وقد تكونت لديهم فكرة مفادها أن السوريين قد فروا من الحرب وتركوا بلادهم للأجانب وأصبحوا عبئاً علينا، يقاسموننا أرزاقنا وساهموا في رفع مستوى البطالة عند المواطنين الأتراك ناهيك عن الفوضى والعشوائية التي يمارسها بعض السوريين.

طبعاً الكلام لا يعني العموم وإنما شريحة من المجتمع السوري، فأنا بدوري أردت أن أصحح الأفكار وأن أزيل الغموض لدى بعض الشعب التركي من خلال ردم الهوة الحاصلة لديهم، وأن أعكس صورة حقيقة للقضية السورية ومدى الظلم الذي مورس عليهم، وأن أبين السبب الرئيسي لهجرتهم إلى تركيا، وقد هجروا قسراً رغماً عن أنوفهم نتيجة الإجرام والبطش الوحشيين.

هذا كله وأكثر قد دفعني لأن أكتب عن معاناة الشعب السوري في الحرب الدائرة الآن، والظلم الذي تذوقوا طعمه على امتداد أربعون عاماً، بدءً من مجزرة حماة والظلم في أروقة سجن تدمر وانتهاء بالثورة السورية اليتيمة والسبب الحقيقي الذي جعل من السوريين لاجئين في دول الجوار وفي تركيا.

أما رسالتي الى الشعب السوري:

في هذا السياق علينا أن نذكر ونقدم بعض الإحصائيات أولاً:
عدد اللاجئين في تركيا: 4 مليون تقريباً، الولادات في تركيا: 224.750
وعدد الشهداء في الثورة السورية 1 مليون تقريباً.

تخيل شعباً تعرض للظلم في كل أنواعه، تخيل شعباً فقد وطنه وماله ووظيفته، تخيل شعباً ابتعد عن القراءة والمطالعة والدراسة، تخيل شعباً فقد 1 مليون إنسان لأجل قضية ٍما، والأجيال القادمة سوف تدفع ثمن هذا كله، فرسالتي هذه للأجيال القادمة علها أن تجد آذاناً صاغية ليجددوا العزم والعمل الدؤوب المتواصل للوصول إلى بر الأمان وإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الوحشية، والهدف الأخير ألا وهو تسهيل اندماج الشعب السوري بالمجتمع التركي.

تخيل شعباً تعرض للظلم في كل أنواعه، تخيل شعباً فقد وطنه وماله ووظيفته، تخيل شعباً ابتعد عن القراءة والمطالعة والدراسة، تخيل شعباً فقد 1 مليون إنسان لأجل قضية ٍما، والأجيال القادمة سوف تدفع ثمن هذا كله، فرسالتي هذه للأجيال القادمة علها أن تجد آذاناً صاغية ليجددوا العزم والعمل الدؤوب المتواصل للوصول إلى بر الأمان وإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الوحشية، والهدف الأخير ألا وهو تسهيل اندماج الشعب السوري بالمجتمع التركي.

 

وقد زرت سوريا عدة مرات بعد الثورة، واعتقد أن ّما يجري منذ سبع سنوات في سوريا ليس امتحاناً للشعب السوري فحسب بل هو امتحان للإنسانية جمعاء، فحينما زرت سوريا أيقنت أن المجتمع الدولي بأسره قد رسب في امتحان الإنسانية، وقد تولد لدي شعور حينئذٍ أكاد لا أجد له تعريفاً، أقل ما يمكن أن أصفه به هو حزنٌ مبكٍ، ففي أول زياراتي إلى الأراضي السورية نزلت من السيارة ووضعت قدمي على الأرض بجانب الطريق الرئيسي، وملأت كفيًّ بالتراب وأنا أنظر إليه نظراتٍ حانية، وحينئذ ٍعادت بي الذاكرة إلى العديد من القصص التي شاهدتها وسمعتها ممن التقيت بهم في المخيم وغيره.

هنا تبادر إلى ذهني سؤال وقد ردّدته بصوت خافت تتخلله شطحات خيال:
أيها التراب كم أنت غالٍ؟ وكم استشهد أناسٌ من أجلك؟ وكم أتعبت أهلك؟ الحقيقة لقد تولد لدي إحساسٌ غريب جراء ما شاهدته من دمار وحين وصولي إلى مدينة (جرابلس)، حيث نظرات الناس التشاؤمية والسوداوية للحياة جراء ما تعرضوا له من قصف ودمار، كما أن نظرات عيون الاطفال كانت مثيرة جداً كأن هذه النظرات تناديك، صعوبة العيش وضعف الإمكانيات تطغى على الموقف.

وأجاب عن سؤال حول انطباعه عن السوريين:
منذ سبع ِسنوات وأنا موظف في العديد من المجالات التي تخص أمور السوريين في المخيم وخارجه، فأنا عضو لجنة تعليم السوريين ومنسق لجنة الأخوة بين سوريا وتركيا ومدير لمخيم نيزب، ملاحظاتي كثيرة لكن من أبرز ملاحظاتي:
فتاة في مقتبل العمر يكاد عمرها لا يتجاوز سبع عشرة سنة وقد كلفتها بالمسجد كمدرسة للقرآن الكريم، وكانت ترتدي خماراً حينئذٍ وبعد فترة من الزمن وأثناء مراجعتها للإدارة بموضوع ما، شاهدتها من دون خمار وعند سؤالي لها عن السبب أجابت أن سوريا تكاد تختفي عن الخارطة ودماء مليون شهيد قد أريقت وأعراض نساء هتّكت وهذه الأمور كلها أكثر أهمية وتستحق الوقوف عندها، فقد أخذت وتعلمت من هذه السنوات السبع العديد من العبر والعظات.

ما الذي يجب على السوريين فعله برأيك لشرح قضيتهم للشعب التركي؟
هذه النقطة في غاية الأهمية حتى تتوضح الصورة للجميع ولكي تتكوّن صورة حقيقة عن معاناة الشعب السوري وحجم البطش والقوة التي وقعت على كاهلهم ولتبيان سبب نزوحهم ولجوئهم إلى دول الجوار، أيضاً في هذا الصدد ينبغي على السوريين المتواجدين على الأراضي التركية العمل بشكل جدي ودؤوب، واستخدام العديد من الطرق والوسائل لتقريب الصورة للشعب التركي، ورأب الصدع الحاصل وكشف الصورة الضبابية لدى الأتراك، وإظهار أن من يقوم بأعمال الشغب والفوضى والحركات المنافية للأخلاق هم قلة قليلة والشعب السوري منهم براء والمطالبة بمحاسبتهم محاسبة عادلة.

ولتحقيق ما تمَّ ذكره يجب على السوريين أولاً إتقان اللغة التركية التي هي العامل الأهم والأساسي للتفاهم بين الشعوب ولتحقيق الاندماج الصحيح بالمجتمع التركي، أيضاً بإمكان السوريين تأليف الكتب باللغة التركية لنقل الصورة الحقيقية لمأساتهم، ومن العوامل المهمة أيضاً النشر بالصحف والمجلات التركية الرسمية، كما يمكن إقامة لقاءات تلفزيونية وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي والحوارات واللقاءات حول الوضع السوري التركي، وتفعيل دور الجالية السورية في تركيا لتأخذ دورها الحقيقي في إيصال الصوت السوري للجهات المعنية.