Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

صراعات ضفة الفرات اليمنى شرقي دير الزور.. مؤشراتها وأهدافها

بقايا داعش من أبناء المنطقة هم خلايا نائمة

أسامة آغي – SY24

شهدت مناطق الميادين والبوكمال شرقي دير الزور معارك بطريقة الهجمات المباغتة أو حرب العصابات استهدفت قوات النظام السوري وميليشياتها التي تسيطر على هذه المناطق.
وتحملُ هذه المعارك بصمات حرب استنزاف تجيدها داعش، ويبدو أن أبناء المنطقة ممن عملوا مع داعش هم من يقوم بهذه الهجمات المفاجئة، ولكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن طيران التحالف الدولي أسقط منشورات فوق الميادين والبوكمال تطلب من قوات النظام والميليشيات الانسحاب من المناطق الممتدة بين البوكمال والميادين، ومن هاتين المدينتين أيضاً وإلا فإنها ستتعرض إلى غارات مدمرة من طيران التحالف الدولي وإلى معارك برية من قوات حليفة.

وهنا يمكننا طرح الأسئلة التالية: ما الذي يحدث في تلك المنطقة من سورية؟ ومن هي القوى المحتملة في الصراع؟ وما أهداف هذه القوى واحتمالات تطور الأمور بينها واتجاهاتها النهائية؟

الضفتان والبادية الشامية هدفان أمريكيان

حين أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن حربها على داعش هو سبب وجودها في سورية كانت قوات التحالف الدولي الموالية لها إضافة إلى قوات “قسد” تقوم بطرد داعش من الضفة الشرقية لنهر الفرات شرق دير الزور وهذه المنطقة هي منطقة الإنتاج النفطي والغازي الأكبر في هذه المحافظة الهامة، لكن النظام وبمساعدة من حلفائه الروس والإيرانيين شعروا بالخطر الأمريكي فاتجهت قواته إلى بسط سيطرتها على الضفة اليمنى لنهر الفرات شرقي دير الزور على أمل أن تعبر النهر إلى الضفة اليسرى وتضع آبار النفط والغاز تحت سيطرتها، وهذا ما فعلته أكثر من مرة وكانت النتيجة سحق هذه المحاولات من قبل الأمريكيين وحلفائهم.

وبعد أن استقرت الأوضاع لمصلحة الولايات المتحدة على الضفة اليسرى لنهر الفرات أعلنت القيادة الأمريكية أن قواتها ستبقى في سورية بعد طرد داعش وذلك من أجل منع تشكل داعش من جديد ومن أجل الوصول بالبلاد إلى حلٍ سياسي لا يكون رأس النظام جزءاً منه، وهذا ما أظهرته اللاورقة الأمريكية ذات النقاط الخمس وهو ما أربك حسابات الروس والنظام، ولكن الأمريكيين كانوا أكثر وضوحاً حول ضرورة إخراج النفوذ الإيراني من سورية ولبنان والعراق واليمن، ولإضعاف هذا النفوذ وضع الأمريكيون في أولوية حساباتهم منع قيام الهلال الشيعي ومنع مروره في سورية، لذلك وبعد سيطرتهم على الضفة اليسرى لنهر الفرات بدأت التحضيرات الأمريكية للانقضاض على هذا الهلال في الجزء السوري، وهذا يتطلب حسب دراسات استراتيجية إغلاق الحدود العراقية السورية ومنع إيران من استخدامها لرفد قواتها وتقوية نفوذها.

هذا الإغلاق لن يكتمل بغير وضع قوات حليفة للولايات المتحدة على الضفة اليمنى وتحديداً من الحدود العراقية السورية عند البوكمال إلى مدينة الميادين، وإن سيطرة الأمريكيين على ضفتي الفرات والبادية الشامية من جهة دير الزور وسيطرتهم على منطقة التنف سيمنع إيران من أيّ امكانية لتحقيق حلم هلالها الشيعي وهذا ما نتوقع حصوله في الأيام القريبة القادمة.

من هي القوى المحتملة في هذا الصراع؟

إذا أردنا فهم سرّ الهجمة الدموية المدمرة على الغوطة الشرقية ينبغي فهم أن النظام وحلفاءه الروس والإيرانيين يريدون الإمساك بأوراق تفاوض في أي تسوية سياسية يعتقدون بحصولها قريباً، ولهذا نجد الروس في سباق مع الزمن لتحقيق هذا الشرط الضروري الذي يؤمن لهم مصالحهم في سورية ويجعل من الورقة السورية ورقة مساومة مع الغرب، ولكن الأمريكيين يعرفون ما يفكر به الروس ويدفعونهم للغرق في وحل الصراع السوري، ويأتي الفهم الأمريكي بضرورة السيطرة على الضفة اليمنى لنهر الفرات مدخلاً لقصم المشروع الإيراني الذي تسعى طهران بكل ما لديها من قوة لتثبيته على أرض الواقع عبر استخدامها لكل أذرعها العسكرية، إضافة إلى سياسة تحويل السكان من المذهب السني إلى المذهب الشيعي لضمان ولائهم لسلطة المرشد الأعلى.

ولهذا تتم التحضيرات في صفوف جيش مغاوير الثورة وباقي الفصائل المنضوية تحت سلطة الموك من أجل الانقضاض على قوات النظام السوري في الضفة اليمنى بمساعدة طيران التحالف، ويبدو أن بقايا داعش من أبناء المنطقة هم خلايا نائمة تقضّ مضجع القوات الأسدية والميليشيات الحليفة لها بسبب غاراتها المفاجئة هذه الخلايا قد تنضم إلى معركة طرد النظام وأعوانه بسبب ما فعلوه بأهالي المنطقة.

ما أهداف قوى الصراع؟

يبدو أن الأمريكيين اقتربوا كثيراً من فكرة توجيه ضربات مدمرة لقوات النظام الأسدي والقوات الحليفة له، وهذا ما دفع قوات كبيرةً من ميليشيا حزب الله اللبناني إلى الانسحاب من سورية نحو لبنان، توقعاً منهم بدمار هائل ستتلقاه قواتهم في حال بقيت في سورية، ولكن التسريبات عن الأمريكيين وحلفائهم تقول إن ضرب إيران سيتم في سورية ولبنان وهذا يعني تعرض نفوذ حزب الله اللبناني إلى الخطر والتفكك، فحزب الله الذي أعلن أمينه العام حسن نصر الله أن دخولهم إلى سورية سببه الحقيقي تشييع السوريين ليضمنوا الولاء لنفوذ المرشد الشيعي الأعلى، إلا أن هذا الحزب يجد نفسه اليوم في ورطة حقيقية قد تؤدي ليس فقط إلى تعرضه لهجمات بل قد تؤدي إلى إنهاء دوره العسكري والسياسي في هذه المنطقة الهامة.

إن ضرب الأمريكيين وتحالفهم ركائز حزب الله في سورية ولبنان يعني بالضرورة إضعاف نفوذ إيران وقصقصة أذرعها الميليشياوية، ويعني إضعاف النظام الأسدي وسحق قوته وإجباره على القبول باللاورقة الأمريكية، أما الموقف الروسي سيكون أمام احتمالين لا ثالث لهما إما النأي بالنفس وابتلاع الضربات بحق الإيرانيين والنظام وإما المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وهو ما لا تقدر عليه روسيا نتيجة اختلال ميزان القوى لمصلحة الولايات المتحدة بشكل ساحق.

ويبقى السؤال، هل نحن في انتظار حلقات صراع أكثر دموية وأكثر شراسة في ربع الخطوة الأخيرة من الصراع على سورية وفيها؟ الأيام القريبة جداً هي من تجيب على هذا السؤال.