Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

لماذا استبعدت روسيا عن اجتماع رؤساء أركان “سوريا وإيران والعراق” في دمشق؟

أحمد زكريا - SY24

تطور ملفت للانتباه شهدته العاصمة دمشق، يوم الاثنين، عنوانه الأبرز اجتماع ثلاثي لرؤساء أركان كل من إيران والعراق وسوريا لبحث سبل مكافحة الإرهاب، دون أن يكون للطرف الروسي أي حضور فيه، في خطوة أثارت العديد من إشارات الاستفهام.

ويرى مراقبون أن الاجتماع يحمل في طياته أهدافاً أبعد من محاربة الإرهاب على حد زعم المجتمعين أو وفق ما تتناقله وسائل إعلام النظام وإيران، بل يرمي إلى إيصال رسائل سياسية للأطراف الأخرى والتي تعتبر اللاعب الرئيس في الملف السوري.

وقبيل انعقاد الاجتماع، زار وزير الدفاع الإيراني وميليشياته العسكرية المنتشرة في عموم محافظة سوريا، في خطوة تحمل الكثير من الرسائل الاستفزازية إن كان للسوريين أو حتى للأطراف اللاعبة على الأرض السورية.

الهدف أبعد من مسألة مكافحة الإرهاب
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مصادر سياسية متابعة قولها: إن الاجتماع العسكري الثلاثي سيبحث على الأرجح تأمين الحدود “السورية ـ العراقية”، وتأمين خطوط النقل البري بين إيران وسوريا عبر العراق، وفتح معبري القائم والوليد، على الحدود السورية ـ العراقية، وإزالة مخلفات تنظيم “داعش” من المناطق الحدودية.

كما نقلت وكالة “سانا” التابعة لنظام الأسد عن رئيس الأركان العراقي ” عثمان الغانمي” عقب الاجتماع قوله: إن أمن الحدود مهم جداً وهو ممسوك من قبل القوات الأمنية العراقية والجيش العربي السوري، وستشهد الأيام القليلة القادمة فتح المنفذ الحدودي واستمرار الزيارات والتجارة بين البلدين وقد تم تشكيل لجان من الطرفين.

وفي هذا الصدد قال الكاتب والمحلل السياسي “سامر خليوي”: ليس الهدف من هذا الاجتماع هو مكافحة الاٍرهاب لأن هؤلاء هم أساس الاٍرهاب، وإنما هناك عدة أهداف ورسائل من هذا الاجتماع منها تأمين الطريق البري من طهران إلى دمشق مروراً بالعراق وهذا يترافق ما أعلنه العراق منذ ثلاثة ايّام عن تشكيل جيش شعبي يقدر 100 ألف مقاتل لنشره ما بين سوريا والعراق بحجة مكافحة الاٍرهاب.

وأضاف “خليوي” في حديثه لموقع سوريا 24، أن الهدف الآخر كما أعلنه رئيس الأركان الإيراني عقب الاجتماع وهو استعادة كامل المناطق السورية تحت حكم الأسد.

وتابع بالقول: إن هناك رسالة اخرى لروسيا وتركيا بأن إيران لديها هيمنة على العراق والأسد ويمكنها أن تتصرف بعيدا عنهم، إذا لم تشترك بشكل فعلي مع روسيا وتركيا ويأخذ بمصالحها.

شيء ما يدور تحت الطاولة
ونقلت وسائل إعلام النظام عن رئيس الأركان الإيراني “محمد باقري” قوله: إن الأمن في المنطقة مسألة كلية وليست جزئية، مشيراً إلى أن الدولتين السورية والعراقية طلبتا من إيران وقواتها المسلحة أن تقف إلى جانبهم وتقدم مساعدة استشارية ولوجستية، مؤكدًا على ضرورة احترام سيادة الأراضي السورية وعلى عدم دخول أي دولة بصورة غير شرعية إليها، وقال: سنبقى إلى جانب سورية ما دامت الدولة السورية تطلب ذلك.

وفي هذا المجال يرى الخبير والمستشار القانوني القاضي “خالد شهاب الدين”، أن هناك شيء ما يدور من تحت الطاولة وحتى باتفاق روسي، معتبرًا أن الاجتماع ما هو إلا أوراق ضغط جديدة سواء تجاه الولايات المتحدة أو حتى تركيا وهدفه إيصال رسائل للتحالفات الأخرى مفادها أنه إذا تم الضغط أكثر فلدينا حلفاء، مؤكدا في ذات الوقت أنها رسائل بعيدة لما يحضر لإيران مستقبلاً من أجل إخراجها من سوريا.

كما يرى الخبير القانوني خلال حديثه لموقع سوريا 24، أن الرسائل المراد إرسالها من وراء هذا الاجتماع هي رسائل فاشلة وضعيفة كون الدول الغربية وحتى أمريكا لن تلتفت لهذا الاجتماع ولتلك اللعبة التي تحاك من تحت الطاولة.
وأعرب “شهاب الدين” عن اعتقاده بأن روسيا ليست بعيدة عن هذا الاجتماع، وأن بشار الأسد لا يمكنه أن يغامر بهكذا تصرف نهائياً.

وتابع في هذا السياق، بأن روسيا تلعب على الحبل سواء مع إيران أو مع أمريكا، وحتى إن كانت راضية عن الاجتماع إلا أنها تبغي منه مكاسب وتريد أن ترمي الآخرين في مطبات لا يستطيعون الخروج منها من خلال هكذا اجتماع.

أما عن دور العراق في هذا المجال، فرأى “شهاب الدين” أن العراق غارق في فتنة وفي الانحدار العسكري والاجتماعي والاقتصادي، متسائلًا عن الدور الذي ستلعبه العراق في تقوية هذا التحالف العسكري مع نظام الأسد المتهالك والنظام الإيراني الذي يريد كل العالم إزاحته؟

روسيا لم تستبعد وإنما لم تكن راغبة بالحضور

ولم تكد تمضي ساعات على انتهاء الاجتماع العسكري الثلاثي في دمشق، حتى سارعت روسيا للتحرك من خلال إيفاد الرئيس الروسي “بوتين” وزير دفاعه “سيرغي شويغو” إلى دمشق ولقائه برأس النظام بشار الأسد، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها تأتي كردة فعل من قبل روسيا على هذا الاجتماع.

وبحسب وكالة “سانا” التابعة لنظام الأسد، فقد تم خلال اللقاء بحث الأوضاع في منطقتي إدلب وشرق الفرات، إلا أن مراقبين اعتبروا أن “شويغو” حمل رسالة روسية إلى بشار الأسد دون الكشف عن مضمونها، وأن اللقاء ليس لبحث مسألة إدلب وشرق الفرات وحسب، بل يتعداه إلى قضايا وأمور أخرى تهم روسيا.

وتعليقًا منه على الموقف الروسي إزاء اجتماع رؤساء الأركان الثلاثة في دمشق قال الخبير في الشأن الروسي “سامر إلياس” لسوريا 24: بداية يجب التأكيد على أنه لم يتم استبعاد روسيا من الاجتماع بل الأهم من ذلك أن روسيا لم تكن ترغب بحضوره، والذي كان يمكن أن يوجه رسائل خاطئة إلى الأطراف الاقليمية والدولية الفاعلة في الأزمة السورية، ولأنه يمكن أن يعطل رؤيتها للحل السوري بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية والجدولية.

وتابع: إن هذا اللقاء يأتي بعد حدث مهم وهو زيارة بشار الأسد المفاجئة إلى طهران، بما يعني أنه يريد الانحياز إلى الطرف الإيراني بعد الضغوط التي تلقاها من الجانب الروسي، أو أنه ربما أراد إهداء ما يمكن تسميته بين قوسين “الإنجازات” في الفترة الماضية للإيرانيين بشكل أكبر.

ويرى “إلياس” أن وزير الدفاع الروسي “شويغو” أراد أن يقول للأسد: إننا نحن من حققنا النصر وساعدنا في تحقيقه”، مضيفًا أن روسيا بذلك تريد أن ترسم الخط السياسي والحل السياسي، وهذا كان واضحا عندما قال “شويغو”: إن هذا النصر تحقق معنا وإننا نريد ضمان الأمن في منطقة الشرق الأوسط، واستطعنا توفير البنى والأسس من أجل إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار.

وحول مخرجات الاجتماع الثلاثي والتصريحات التي أفاد بها رؤساء الأركان الثلاثة عقب الاجتماع ومن أبرزها موضوع المطالبة الإيرانية بسحب القوات الأجنبية من سوريا ومسألة إعادة فتح المنافذ الحدودية العراقية مع سوريا وغيرها من المسائل الأخرى قال “إلياس”: إن الرسائل التي خرجت من الاجتماع فيما يخص اسرائيل وإعادة فتح خط “طهران بغداد دمشق بيروت” فهذه رسالة لا يمكن أن تشارك فيها روسيا ولا يمكن أن تسمح بها.

وأضاف، أن روسيا تتوافق مع أمريكا بشكل مطلق بشأن عدم تمكين إيران في سوريا، وبشأن الحفاظ على المصالح الإسرائيلية وبقاء دولة إسرائيل، لذلك هي ستعمل بكل جد من أجل منع وجود إيران وميليشياتها ومن أجل منع إعادة فتح طريق “طهران بيروت”.

وفي ختام حديثه أعرب عن اعتقاده من أن غياب روسيا عن حضور الاجتماع نتج عنه أن “بوتين” أراد أن يعيد الأمور إلى نصابها، وأراد أن يُذكر بشار الأسد بأنه هو صاحب القرار في سوريا وليس إيران مع النظام، وأنه هو صانع الانتصار وأن ما يجب أن ينفذ في سوريا يجب أن يكون وفق الرؤية والخطة الروسية وليس حسب أهواء إيران.