Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ما سر التبديلات في أجهزة النظام الأمنية والعسكرية؟

أحمد زكريا - SY24

كشفت مصادر مطلعة لسوريا 24، عن عملية تبديلات وتنقلات كبيرة طالت عددًا من الضباط كانوا في مواقع حساسة في الأجهزة الأمنية والحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في قوات أمن وجيش نظام السوري.

ورجحت ذات المصادر بأن يكون السبب وراء ذلك هو خشية إيران على رأس النظام من ضباط يشغلون مواقع هامة والذين بدأوا يشعرون بالامتعاض من تنامي الدور الإيراني ومن إشاحة الوجه عن تضحياتهم للمحافظة على النظام مقابل زيادة دور الوافد الإيراني الذي تغلغل في كل دوائر القرار، ومخاوف إيران من أن يكون هؤلاء الضباط قد تكون لهم توجهات روسية أكثر منها لإيران، ما دفع بإيران للإملاء على بشار الأسد لتنفيذ عمليات التنقلات الكبيرة التي حصلت مؤخرًا.

تبديلات عسكرية وأمنية بعصا روسيّة

ويرى مراقبون أن إيران سعت وماتزال لتعزيز وجودها في أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، من خلال نسبة كبيرة من الضباط الذين باتوا من المحسوبين عليها بشكل ملحوظ، إلا أنها تبقى دائما في حالة قلق وخوف في ظل وجود منافس لها على الساحة السورية ألا وهو الطرف الروسي الذي لا تخلو أجهزة النظام ومؤسساته الأمنية من عملاء له، والذي بدوره يضغط على نظام الأسد لإجراء تبديلات تخدم مصالحه.

النقيب “رشيد حوراني” الناطق العسكري لحركة تحرير الوطن قال: تعتبر الشخصيات التي طالها التبديل على رأس أشدّ الوحدات العسكرية في جيش النظام ولاء وخصوصية وامتيازات ومنهم على سبيل المثال نقل العميد الركن “مالك عليا” إلى قيادة “الحرس الجمهوري”، وتعيين العميد “ميلاد جديد” رئيسا لأركان “الحرس الجمهوري”، واللواء “مفيد حسن” قائدا لـ “الفرقة 14″، واللواء “بركات بركات” قائدا لإحدى ألوية الحرس الجمهوري، وهذا يدل على تجاوز روسيا شوطا كبيرا في عملية إعادة هيكلة الجيش وربما يكون ذلك تمهيدا للحل السياسي الذي تسعى لتحقيقه من وجهة نظرها، مشيرًا إلى أن الروس يضغطون على مليشيات الأسد لإجراء تغييرات في مفاصل نظام الأسد بعد التغلغل الإيراني فيها.

وذكر “حوراني” لسوريا 24، أنه تم نقل العميد “غسان بلال” مدير مكتب أمن الفرقة الرابعة إلى رئيس أركان المنطقة الجنوبية، وتم تعيين العقيد “حسين مريشه” بدلا عنه، كما تم تعيين العميد “مالك عليا” قائدا للحرس الجمهوري بدلًا من اللواء “طلال مخلوف”، وتم نقل اللواء زيد صالح من الحرس الجمهوري وتعيينه كقائد للفيلق الخامس.

وتُحسب قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة من قبل الثورة، بحسب “حوراني” على إيران، وكانت إيران تنشط في صفوفهما ثقافيا وتوزع لضباطهم كتاب نهج البلاغة والقرآن المطبوع في إيران وكتيبات منها: “نظرية اللاعنف عند الإمام علي” مستغلة التركيبة الطائفية العلوية فيهما.

صراع روسي إيراني على هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية

ويرى ” حوراني”، أن التبدلات التي حصلت أخيرا في جيش النظام يمكن إرجاعها لعدة أسباب من أهمها: أن ذلك يُعد إحدى صور الصراع والتنافس بين روسيا وإيران في سوريا، ولهذا الصراع وجهين ناعم وخشن، الناعم يتمثّل في شكل النفوذ ورؤية كلّ منهما لسوريا المستقبل، فروسيا تحرص على دولة مركزيّة يشكّل الجيش المنظم عمادا لها، أما إيران حاولت العمل على خصخصة الميليشيات الشيعية المنتشرة في سوريا وربطها مباشرة بالحرس الثوري الإيراني دون مرور أو الرجوع إلى نظام الأسد، وبدأت روسيا بتحجيم هذا الأمر بدءا بالقاعدة وصولا إلى رأس الهرم.

وأضاف “حوراني”، أن الميليشيات التي كانت لها السطوة الكبيرة على الأرض مع بدء التدخل الروسي وتتبع لإيران لا نرى لها هذا الدور اليوم، وبالتالي تعمل روسيا على تحجيم دور القيادات التابعة للنظام وتميل إلى الجانب الإيراني وروسيا، وهي اليوم في عمليتها إعادة هيكلة الجيش بشكل عام تقوم بتعيين من يدينون لها بالولاء، خاصة إذا علمنا أن معظم التدريبات والدورات العسكرية التأهيلية لعناصر جيش النظام كانت تتم في روسيا، بسبب التسليح الروسي لجيش النظام، وتندرج هذه التبدلات ضمن هذا الإطار، خاصة أن روسيا تعمل على نزع الصلاحيات والميزات الممنوحة لبعض وحدات النظام، كالفرقة الرابعة مثلا التي تعمل على حلها وتحويلها لإحدى الوحدات وكغيرها من وحدات الجيش.

وتابع بالقول: أما فيما يخص الصراع بوجهه الخشن ضد إيران فليس هناك شيء يدل عليه من تصريح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء “ايغور كوناشينكوف” تم فرض تقييد على استخدام الجيش السوري لوسائل الدفاع الجوي والحرب الالكترونية بخصوص الضربات الاسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع ايرانية في محيط دمشق، حيث يعكس هذا التصريح مدى النفوذ الروسي في جيش النظام، والتنافس الروسي الإيراني أيضا.

ومن الأسباب الأخرى، بحسب “حوراني”، هو أن النظام يقوم بإقالة بعض أزلامه عندما يشعر لازدياد نفوذهم ومحاولتهم استخدامه كما فعل مع “علي حيدر وعلي دوبا” على سبيل المثال سابقا، وممكن أيضا أن تندرج هذه التبدلات ضمن هذا الإطار.

حالة فريدة واستثنائية

وفي تعليق منه على موضوع التبديلات في مؤسسات النظام الأمنية والعسكرية والتي تثير العديد من التساؤلات قال العقيد الركن “مصطفى الفرحات” لسوريا 24: نحن نعلم كعسكريين أنها ظاهرة مستجدة ودخيلة على نظام عمل القوات المسلحة السورية، ونؤكد أن اليوم من يتخذ القرارات بحجم هذه القرارات والتعديلات الكبيرة ليس بشار الأسد على الإطلاق رغم أنه هو من يقوم بعملية التوقيع وهو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة.

وأضاف: كلنا يعلم ويدرك أن الجيش والقوات المسلحة كمؤسسة عسكرية محكومة عبر مفاصل قرارها جميعا عبر النظام الإيراني أولا والنظام الروسي ثانيا، وإيران لم تكتفي بالتغلغل في صفوف القوات المسلحة تحت مسميات عدة إن كان خبراء أو قوات تعاون أو ارتباط، بل دخلت حتى في مفاصل القرار السياسي وفي مفاصل التعليم وتصدير الأيديولوجية المذهبية والدينية، حتى إن بناء الحسينيات وظاهرة التشيع الحاصلة في دمشق ودير الزور وغيرها من الأماكن، ظاهرة أصبحت واضحة للعيان ولجميع المراقبين.

وأشار، إلى أننا اليوم أمام حالة استثنائية في الجيش والقوات المسلحة، قام النظام وبإيعاز من الجانب الإيراني بتلك التبديلات التي طالت عددًا من الشخصيات كانت في مناصب حساسة ورئيسة في أجهزته الأمنية والعسكرية.

وبيّن، أن التعديلات طالت العديد من الضباط في الحرس الجمهوري وفي الأفرع الأمنية خاصةً رؤساء أفرع أمنية في ستّ محافظات، إضافة لعدد من الضباط تم تبديل أماكنهم ونقلهم إلى قطع عسكرية أو أمنية أخرى.

التركيز على أجهزة النظام الأمنية

ولفت، إلى أنه وبسبب خشية النظام والإيرانيين من أي تطورات لاحقة، كون الإيراني ربط وجوده بوجود النظام فهي بموضع الخطر عندما يزول نظام الأسد إن كان عبر تسوية سياسية أو انتخابات أو أي ظاهرة أخرى، أما الوجود الروسي فهو معترف فيه من قبل المجموعة الدولية الفاعلة، وبالتالي أوعز الإيرانيون للنظام بعملية التبديل الكبيرة في صفوف القوات المسلحة طالت العديد من مراكز القرار في الحرس الجمهوري وبقية أنواع وصنوف القوات المسلحة، وكان التركيز بشكل خاص على الأجهزة الأمنية حيث تم تعديل أماكن العديد من قادة الأجهزة الأمنية وتبديل أماكن تواجدهم أو تنقلهم من مكان لأخر حسب مقتضيات الحاجة.

كما أن الأمر لم يقتصر على مجرد تبديلات وتعديلات، بل امتد لتصفية عدد من الشخصيات الأمنية التابعة للنظام، وقال “الفرحات”: نحن نعلم كيف قام النظام من قبل بتصفية العديد من قادة الأجهزة الأمنية الذين لديهم المعلومات عن الجرائم المرتكبة في هذه الأفرع الأمنية.

وفيما يخص الموقف الروسي من تلك الإجراءات التي تتم بتوجيهات إيرانية أوضح “الفرحات”، أن الروس يدركون ما يجري ولكن للأخذ بالعلم أن الطرف الروسي لا يملك كما يملك الإيراني من قوات على الأرض بحجم القوات الإيرانية، بل الروسي لا يتدخل بمفاصل القرار كثيرا، ولكنه يقوم بالتغطية السياسية والجوية فقط، أما على الأرض فاللاعب الرئيس هم الإيرانيون ومن يتبع لهم من ميليشيات إيرانية.

وختم بالقول: إننا اليوم أمام حالة من التوتر والاحتقان غير ظاهرة للعلن بين روسيا وإيران، وكلٌ له ضباط يتبعون له أو ينفذون أجنداته ضمن ستار لم يظهر للعلن، كي لا ينهار جيش النظام المتهالك بالأساس، والذي لم يبق منه إلا النذر اليسير.