Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

“محمد زاهد غل” لـ SY24: بقاء الأسد في السلطة شكلي.. وعهده انتهى إلى غير رجعة

"محمد زاهد غل" المحلل السياسي والإعلامي التركي

أسامة آغي - SY24

يعتقد الأتراك أن السوريين هم أقرب الشعوب إليهم، وأن الصراع الجاري على الأرض السورية لم يعد صراعاً داخلياً فحسب، بل غدا صراع أجندات دولية وإقليمية بامتياز، فالوجود العسكري الحقيقي لروسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية يعكس رؤية ومصالح كل طرفٍ من هذه الأطراف، إضافةً إلى تدخلات أخرى لا تظهر عبر مشهد عسكري بقدر ظهورها بصورة لوجستية.

وحول الرؤية التركية لطبيعة الصراع على سورية وحول العلاقات بين الشعبين السوري والتركي حملنا أسئلتنا إلى السيد “محمد زاهد غل” المحلل السياسي والإعلامي التركي فأجاب عليها مشكوراً.

صراع الهيمنة الأجنبية على المنطقة العربية:

سألنا السيد “محمد زاهد غل” عن المشاريع المتصارعة على الساحة العربية عموماً وعلى الساحة السورية خصوصاً وعن المشروع التركي ومحاولته ملء الفراغ فقال: إنّ “المشاريع التي تعمل للهيمنة على المنطقة العربية كثيرة، فالمشروع الأول الذي عمل منذ قرون ولا يزال هو المشروع الغربي الأوربي سابقاً والأمريكي حديثاً، وهو أشدُّ هذه المشاريع الاستعمارية خطورةً وطمعاً باعتباره يمتلك إمكانيات سياسية وعسكرية واقتصادية، أما المشروع الصهيوني الإسرائيلي فهو مشروع تابع للمشروع الغربي ولا يستطيع التحرك في المنطقة العربية إلا بغطاء من المشروع الغربي، والمشروع الثالث هو المشروع الروسي ويعمل بالتنسيق مع المشروع الغربي والإسرائيلي والإيراني، أما المشروع الإيراني فهو مشروع مراهق يعمل كفتوة مراهقة ومغامرة على أن يكون له نفوذ أو أطماع بإضعاف المنطقة العربية وتأخير ظهور المشروع العربي.

ويتابع السيد “غل” فيقول: المشروع الإيراني مشروع مؤقت لا يملك قوة الاستمرار والبقاء لا في بلاده إيران ولا في المنطقة العربية، فهو يحمل هويةً منبوذة من الأمة العربية والإسلامية، ولو لم يجد الضوء الأخضر من أمريكا وروسيا واسرائيل لما تمكن من التحرك في المنطقة العربية.

أما المشروع التركي فهو مشروع نهضة خاص بالشعب التركي أولاً وأخيراً، وقد حاولت المشاريع الغربية والإسرائيلية تأخيره لعقود سابقة، ولكن ومنذ مطلع القرن الحادي والعشرين تمكن هذا المشروع من النهوض اقتصادياً والاستقرار سياسياً والتغلب على التحديات الانقلابية والمشاريع الانفصالية الداخلية، والمشاريع المهددة للأمن القومي التركي خارجياً.

ويوضح السيد “غل”: إنّ علاقات المشروع التنموي التركي مع المنطقة العربية والدول العربية هي علاقات توافقية وندية وليست لملء فراغٍ أو هيمنة ولا احتلال، وما يقال خلاف ذلك هو من باب الدعاية المعادية، ومن باب عدم المعرفة الحقيقية للأوضاع الداخلية السياسية داخل تركيا، فالتعاون العربي مع تركيا تحققه الرغبات المشتركة في الاستفادة من المشروع النهضوي التركي دون إكراه.

السوريون أقرب الشعوب للأتراك:

وحول خطط تركيا للنهوض بعلاقات فاعلة ندية مع الشعب السوري بعيداً عن الرؤية الايديولوجية لـ “حزب العدالة والتنمية”، يقول المحلل السياسي “محمد زاهد غل”: إنّ خطط تركيا للنهوض بعلاقات فاعلة وندية مع الشعب السوري تقوم على أن هذا الشعب هو أقرب شعوب المنطقة للشعب التركي من حيث القربى الاجتماعية والثقافية والتاريخ المشترك، فمنذ بداية الأزمة السورية عام 2011 لم تسع تركيا أن تُملي رؤيتها على الشعب السوري، ولكنها لم تستطع منع المشاريع الغربية والإسرائيلية المدمرة عن سورية لوحدها، لأن ذلك هو من مهمات الشعب السوري نفسه، ولكن تركيا على استعداد لدعم جهود الشعب السوري للحل السياسي والتقدم الاقتصادي، فهناك مشاريع أجنبية طامعة في الأراضي والخيرات السورية وهي من يقف حجرة عثرة.

وحول المساعدة في توفير شروط مادية وقانونية لنهوض مؤسسات المجتمع المدني في سورية يقول السيد “غل”: إنّ نهوض مؤسسات مجتمع مدني يعتمد على سيطرة السوريين على أراضيهم أولاً، وإخراج المحتلين الطامعين والطائفيين والانفصاليين ثانياً، وهذا يؤسس لكل المراحل التالية بما فيها التقارب التعليمي في المناهج العلمية وغيرها.

تركيا تُريد علاقات أوسع مع العرب:

وعن سؤالنا ماذا ستقدّم تركيا لتطوير العلاقات بين السوريين والأتراك في حقول الثقافة والفكر والفن والإعلام أجاب السيد “غل”: شجعت الحكومة التركية في السنوات الأخيرة زيادة التعارف والتعاون التركي العربي في المجالات الثقافية والفكرية والفنية وغيرها، فالندوات والمؤتمرات العربية التي تعقد في المدن التركية وباللغة العربية كثيرة جداً، وبالأخص في مدينة إسطنبول، وهذا التشجيع الحكومي لم يكن بخطة حكومية تركية فقط وإنما استجابة حقيقية للرغبات الثقافية والفكرية لدى المثقفين والاعلاميين العرب والأتراك.

وبيّن السيد غل : إنّ هذه النشاطات يتابعها المثقفون الأتراك وهي تجري باللغة العربية ، ويمكن القول أنّ المرحلة العثمانية لم تكن احتلالاً تركيّاً للبلاد العربية فقد أوجدت هذه المرحلة شعباً تركيّاً في بلاده يملك ثقافةً عربيةً أكثر مما أوجد شعوباً عربية تمتلك ثقافة تركية وهذا نفي لأي استعمار فكري أو غير فكري.

نريد سورية دولةً موحدةً قوية:

وسألنا السيد محمد زاهد غل : ما الثابت والمتغير في موقف تركيا من الثورة السورية من حيث الحل السياسي للصراع فيها وآفاق العلاقات التركية مع النظام الأسدي فيما لو تمّ تعويم هذا النظام فأجاب: الثابت هو وحدة التراب والأرض والشعب والوطن السوري، فتركيا لم ولن تسعى إلى تقسيم سورية إطلاقاً، وهو ما يمكن أن تسعى إليه المشاريع الاجنبية سابقة الذكر (المشاريع الغربية الأمريكية والروسية والإيرانية والإسرائيلية) لأنّ هدف كل هذه المشاريع أن تحصل على حصة لها في سورية، بينما الموقف التركي يتمثل بأن تكون سورية دولة قوية وحامية لحدودها مع تركيا ومع جيرانها، وأنّ تدخّل تركيا العسكري جاء لدعم الجيش السوري الحر في السيطرة على أراضيه ومدنه وقراه، وطرد الغزاة منها وبالأخص من كانت لهم مشاريع انفصالية تقسيمية مدعومة من دول كبرى.

ويتابع السيد غل : هذا التصور والرغبة التركية لبقاء سورية موحدة ومحكومة بإرادة شعبها فقط، لا ولن يكون مع بقاء بشار الأسد في السلطة السياسية أو الأمنية أو العسكرية، فعهد بشار الأسد وآل الأسد انتهى إلى غير رجعة، وبقاؤه حتى الآن في الحكم هو شكلي وهو لضمان مصالح ونفوذ أصحاب المشاريع الأخرى وبالأخص المشاريع الأمريكية والإسرائيلية، فأمريكا تؤخر إسقاط الأسد إلى حين ضمان نجاح مشروعها في سورية، وكذلك تفعل روسيا وإيران وإسرائيل، وهذا يطيل من عمر بشار الأسد سياسياً، فبقاء الأسد تقف خلفه الصراعات الدولية في سورية فقط.