Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

مرضى السرطان يموتون ببطء في الشمال السوري

هاديا منصور - SY24

يواجه مرضى السرطان في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، لا سيما في إدلب وريفها، من معاناة مضاعفة جراء الحرب، وقد تزايدت الصعوبات التي عرقلت رحلة علاجهم بسبب ندرة الأدوية وارتفاع تكاليف العلاج، وفقدان المراكز العلاجية وصعوبة الوصول إلى المشافي التركية.

إحدى الحالات كانت للمريضة خديجة قيدوحة (39 عاماً) التي تلعثمت كلماتها وهي تخبرنا قصة مرضها ومعاناتها في البحث عن العلاج، حيث قالت لـ SY24، “كانت بداية مرضي أواخر عام 2013 حين لاحظت ظهور كتلة تحت إبطي الأيمن، هذه الكتلة تم استئصالها في مشفى باب الهوى، ليتم إرسالي بعدها لمقر جمعية الأمل في تركيا بمساعدة بعض الأطباء، وهناك تلقيت أكثر من 12 جرعة علاج لمدة سنتين، وحين استقر وضعي الصحي على إثرها عدت إلى قريتي نحليا بريف إدلب الجنوبي”.

وأضافت، “لاحظت مؤخراً ظهور كتل جديدة في يدي وهو ما دفعني للسعي لمواصلة العلاج، غير أنه لم يسمح لي بالعبور إلى الأراضي التركية، وهو ما دفعني لقصد مشفى البيروني بدمشق، وتلقي العلاج هناك بعد الكثير من المعاناة والضغوط النفسية نتيجة المرور على حواجز النظام المنتشرة على طول الطريق”.

غالباً ما يتم قطع الطريق المؤدية إلى دمشق من قبل النظام وهو ما يحرم الكثير من مرضى السرطان من إمكانية تلقي العلاج مجاناً، في حين أدى تعطل عدد كبير من المشافي في الشمال الخاضع لسيطرة المعارضة جراء القصف وتراجع الكوادر الطبية الأخصائية إلى تفاقم الحالات السرطانية التي بقيت دون علاج ولا يتم الكشف عنها إلا في مراحل متأخرة من المرض لعدم إجراء الفحوص الطبية اللازمة.

المريض توفيق(45 عاماً) فقير الحال ويعاني من سرطان القولون منذ أكثر من سنتين، دون أن يستطيع فعل شيء سوى انتظار الموت على فراش المرض، وقال يائساً: “أعلم أنني سوف أموت بالنهاية، فالسرطان من أصعب الأمراض وأقلها شفاءً، ولذا لن أقصد أي مكان للعلاج وخاصة في هذه الظروف لأنها برأيي مضيعة للوقت”، مشيراً إلى أن “العلاج مكلف سواء بالأدوية أو بالسفر وهو ما لا يستطيع تغطيته لأنه بالكاد يحظى بقوت يومه”.

المركز الذي افتتح بإشراف مديرية صحة إدلب وجمعية SAMS الطبية وفر جهاز ماموغرافيا مهمته الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان الثدي بالإضافة لتوفير جرعات كيماوية للمصابين بأورام الثدي وأورام الليمفوما التي تصيب الأنسجة والعقد الليمفاوية بالجسم .

وبالرغم مما سبق، فإن “مشكلة عدم توفر العلاج بالأشعة في محافظة إدلب تشكل عائقا أمام مصابي السرطان هناك، لأن العلاج الكيماوي غير مجد وغالبا ما يعود الورم للانتشار في مناطق أخرى من الجسم و بصورة أعنف”، بحسب ما أوضح الطبيب “مازن السعود” عميد كلية الطب في جامعة حلب الحرة، مرجعاً السبب لكون العلاج الإشعاعي مكلف جدا ومعظم الحالات يتم علاجها في تركيا لخلو المناطق المحررة من الأجهزة والأدوية والأخصائيين.

ولفت “السعود” أن عدد مرضى السرطان زاد في الآونة الأخيرة بمعدل ١٠ بالمئة عن الأعوام السابقة وخاصة سرطان الثدي عند النساء، وسرطان الرئة والقولون والدم والمعدة عند الرجال”.

من جهته قال الصيدلي “محمد الحسون”، إن “كثيراً من أدوية السرطان باهظة الثمن المتواجدة في الصيدليات مزورة، وليس هناك مخابر تحليل للكشف عنها، كما أن بعضها الآخر منخفض الفعالية نتيجة سوء التخزين”.

تعد جمعية الأمل لمكافحة السرطان الجمعية الوحيدة التي تعنى بمرضى السرطان السوريين عن طريق مراكزها الموزعة في تركيا في كل من غازي عنتاب، استنبول ، أضنة ، أنطاكية ، كما أن للجمعية مراكز في حلب وإدلب، وهذه المراكز تشكل صلة وصل بين المرضى في الداخل بين مراكز الجمعية في تركيا.

وعن خدمات الجمعية المقدمة لمرضى السرطان قال رئيس مجلس الإدارة في الجمعية الدكتور “عبد الرحمن زينو” لـ SY24، إن “الجمعية تعمل على الكشف المبكر عن المرض مما يخفف عبء العلاج من تكاليف وألم ، وتقدم أدوية نوعية للعلاج غير متوفرة في المراكز المتخصصة، إضافة إلى أن الجمعية تقدم الرعاية والتأهيل الاجتماعي، وكانت قد خصصت مراكز لها في ولايات تركية من أجل إقامة المريض ومرافقيه ومتابعة العلاج وتأمين كل مستلزماتهم من طعام وشراب وخدمات الترجمة في المشافي التركية”، كما نوه “الزينو”، أن “الجمعية تقدم من خلال مراكزها المختلفة الرعاية والخدمات لأكثر من 5000 حالة سرطان من مختلف الأعمار من ناحية تغطية تكاليف العلاج لهؤلاء بشكل مجاني وهي تكاليف باهظة وتقدر بـ 50 ألف دولار للحالة الواحدة حسب العلاج والمرحلة”.

غير أن معظم مرضى السرطان في الداخل السوري يعانون صعوبة الوصول إلى الجمعية الأخيرة نظراً للتعقيدات المتعلقة بالعبور إلى الأراضي التركية، وهو ما يحرمهم من فرصة تلقي العلاج والأمل بالشفاء.

وتعتبر الحرب التي يشنها النظام السوري على شعبه ،السبب الأهم في زيادة انتشار الأورام السرطانية لما رافقها من تلوث للبيئة جراء استخدام كافة أنواع الأسلحة والمواد المتفجرة، وما نتج عنها من مواد سامة ومؤكسدة ومسرطنة.