Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

بعد 9 شهور من الجريمة.. مخيمات الروهينغا تستعد لاستقبال مواليد عمليات الاغتصاب التي نفذها جنود جيش ميانمار

مخيمات الروهينغا تستعد لاستقبال مواليد عمليات الاغتصاب

ترجمة عربي بوست - SY24

على مدار الأسابيع المقبلة، يُنتظر أن يولد الأطفال الذين تكونوا في أحشاء أمهاتهم قبل تسعة أشهر جراء جرائم الاغتصاب أثناء حملة القمع التي شنَّها جيش ميانمار على الروهينغا.

كانت وكالات الإغاثة، خاصةً تلك التي تعمل مع النساء والأطفال، تستعد لقدوم هذا اليوم الذي حل في الأول من مايو/أيار 2018، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

مرت شهور على تدفق مئات الآلاف من الروهينغا إلى جنوب شرق بنغلاديش العام الماضي، تحدثوا عن قصص الاغتصاب المنهجي وغيره من أشكال العُنف الجنسي التي ارتكبها جنود ميانمار وعناصر ميليشياتها ضدَّهم، وهي العمليات التي وثقها تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”.

كان الاغتصاب سمة مميزة لحملة التطهير العرقي ضد نساء الروهينغا
زيادة في عدد الأطفال الذين ستتخلَّى عنهم أمهاتهم الشهر القادم بالتزامن مع الحدث، تتوقعها منظمة Save the Children، فيما تستعد منظمة أطباء بلا حدود (MSF)، التي تُدير مستشفيات المخيَّمات مترامية الأطراف بمدينة كوكس بازار، لتقديم المشورة للأمهات المتضررات.

وقالت ميليسا هاو، وهي منسِّقة طبية تعمل مع المنظمة: “قد يشعرن بأنَّهن غير قادرات أو مجهزاتٍ للاعتناء بمواليدهن الجديد. وكثيرٌ منهن شاباتٍ تحت سن الثامنة عشرة. بالإضافة لذلك، فإنَّ نظرة المجتمع لهن جرَّاء وصمة العار التي ستلحق بهن هي أمرٌ يزيد من الضغوط الواقعة عليهن”.

لكنَّهم لن يكونوا أوَّل الأطفال المولودين في المخيِّمات من حملٍ نتيجة الاغتصاب، فحسب هيومان رايتس واتش فإن العديد من الذين تعرضن للاغتصاب عن أيام من المعاناة وهن يمشين رغم التورم وتمزق الأعضاء أثناء فرارهن إلى بنغلاديش. فالاغتصاب الصفة البارزة والمدمرة في حملة التطهير العرقي التي قام بها الجيش البورمي ضد الروهينغا. حسب سكاي ويلر، باحثة حقوق المرأة في حالات الطوارئ في المنظمة.

قبل عام، تأخرت الدورة الشهرية لعائشة أختار عن موعدها. وقبل ذاك ببضعة أسابيع، تقول المرأة المنتمية للروهينغا إنَّ ثلاثة جنود بورميين اقتحموا منزلها في قريةٍ جنوب بلدة منغدو، وهدَّدوها بإطلاق النار على أطفالها، ثم اغتصبوها.

وتقول عائشة، وهي أمٌ لخمسة أطفالٍ مات زوجها عام 2012، إنَّ ذلك “الفعل القذر” قد تركها في حالةٍ من الاضطراب، حاولت عائشة كتمان حدوث الواقعة عن جيرانها، لكنَّهم سرعان ما خمَّنوا ما حدث، وقالت عائشة “استخدم التقرير أسماء مستعارة لحساسية الموضوع”: “كان الجميع يعلمون أنَّ الجنود يغتصبون النساء عندما يداهمون القرى”.

ولم يكن متاحاً لمعظم لاجئي الروهينغا الحصول على الرعاية الصحية، ناهيك عن خدمات الإجهاض، وتقول عائشة (34 عاماً) إنَّها اشترت “دواءً” من طبيب القرية لكنَّه فشل في إجهاض حملها، وكونها أرملة، شعرت عائشة بوصمة عارٍ منعتها من طلب المساعدة من سكَّان القرية.

وتقول: “توقَّفتُ عن البحث عن أية طريقة للتخلُّص من الحمل وتركتُ كل شيء لرحمة الله”، وعندما هربت في أغسطس/آب عام 2017، إثر سلسلة جديدة من الغارات إلى بنغلاديش، بحثت داخل مخيَّمات اللاجئين المحتشدة، مجدداً عن مساعدةٍ لإنهاء حملها.

ولكن وقتئذٍ كان الأوان قد فات، إذ يحظر القانون البنغلاديشي الإجهاض بعد الشهور الثلاثة الأولى من الحمل. وحذَّرها الأطباء من أنَّ الخضوع للعملية بشكلٍ غير قانوني قد يشكِّل خطراً على حياتها. “كان لدي أطفالٌ آخرون. اخترتُ ألَّا أخاطر بحياتي”.

لا يعلم أحد تحديداً كم امرأة مثل عائشة تعيش في المخيَّمات، وتقول منظمة أطباء بلا حدود إنَّها قد عالجت 224 ضحية عنفٍ جنسي حتى تاريخ 25 فبراير/شباط 2018، لكن تقرُّ المنظمَّة أنَّ عدداً أكثر من هذا بكثير لا يسعى للحصول على المساعدة.

وفي شهر يناير/كانون الثاني، كانت العديد من النساء يحضرن إلى مستشفيات المنظمة بحالات نزيف، وخمَّنت القابلات أنَّ كثيراتٍ منهن على الأرجح كُنَّ يحاولن إجهاض حملهن في المنزل.

وخَلُصَت براميلا باتين، مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة للعنف الجنسي في النزاعات، أنَّ جيش ميانمار يستخدم الاغتصاب بصفته سلاحٍ للإبادة الجماعية، وتقول: “إنَّه أداة إرهابٍ مدروسة تهدف لإبادة وطرد الروهينغا كمجموعةٍ عرقية”.

وفي وقتٍ سابق من شهر أبريل/نيسان الفائت، أدرجت الأمم المتحدة الجيش البورمي (التاتماداو) على قائمة الجيوش التي ترتكب جرائم عنفٍ جنسي في النزاعات المسلحة.

في السادس والعشرين من يناير/كانون الثاني، أنجبت عائشة ولداً سمَّته فاياز. كان الطفل في صحةٍ جيدة رغم الصدمات التي تعرَّضت لها أمه، وتقول عائشة إنَّه يمتلك ابتسامةً توَّاقة، “إنَّه لعوبٌ ومرحٌ جداً”، هكذا تصفه.

ولكن انقسمت العائلة والمجتمع حول قدوم فاياز، إذ أخبرت اثنتان من فتيات عائشة والدتهما أنَّ الرضيع ليس أخاهما حقاً، وأنَّ عليها إرساله إلى ملجأ”.

واعترف زافار علام، وهوَ لاجئ آخر في نفس الجزء من المخيَّم، أنَّ بعض ساكني المنطقة احتقروا الصبي، ويقول: “لكنَّ الكثيرين وقفوا في صفِّ عائشة وابنها. قلنا لهم إنَّها ضحية”.

واسي عائشة جيرانها الجدد، ويقولون لها إنَّها ليست الوحيدة “يقولون لي إنَّ هُناك المئات أو الآلاف من نساء الروهينغا ممَّن هوجمن بالطريقة ذاتها”، وتقول عائشة الأمر ذاته لبناتها إذ قالت: “قلتُ لهن إنَّ هذا الحمل فُرِض عليّ، والعالم أجمع يعرف ذلك. لا سبب في ذلك للخجل أو العار”.

إنَّ الفتيات يغيِّرن من رأيهن، وأصبحن يلعبن أكثر مع فاياز، حسب عائشة التي أردفت قائلة: “ربما هنَّ يحببنه أيضاً”، لا شكّ لدى عائشة أنَّها تحب الصبي أيضاً، وتقول: “ربما وُلِد فاياز نتاج فعلٍ وحشي، لكن لا يمكنني لومه، إنَّه بريء، مجرَّد طفل.

أحبُّه كما أحب بقية أطفالي، ولا أشعر باختلافٍ نحوه”، وقال كو كو لين، وهوَ ناشطٌ سياسي من الروهينغا مقيم ببنغلاديش، إنَّه على علمٍ بوجود 15 حالة لنساءٍ حملن بعد الاعتداء عليهن جنسياً على يد جنود ميانمار خلال الحملة العسكرية التي بدأت في أغسطس/آب الفائت.

لكنَّه متأكد أنَّ عدداً يفوق ذلك لم يوثَّق، وقدَّرت استطلاعاتٌ أجرتها منظَّمة هيومان رايتس ووتش في نوفمبر/تشرين الثاني أنَّ ثلثي النساء ممَّن تعرَّضن للعنف الجنسي في ميانمار لم يبلِّغن السلطات أو مجموعات الإغاثة في بنغلاديش بالأمر.

ويقول لين إنَّ الأطفال المولودين بالفعل في تلك الظروف، وكذلك مَن سيولدون في خلال الأسابيع القادمة، من حقِّهم ألَّا يواجهوا أية وصمة عار، ويضيف: “ستلدهم أمهاتٌ من الروهينغا حملنهم لتسعة أشهر، وتحمَّلن في ذلك كُل أنواع الألم والأذى. وعليه فإنَّهم أبناء وبنات الروهينغا”.