Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

لاجئات سوريات يسخّرن إبداعهن لتأمين مصدر العيش في تركيا

لاجئات سوريات يسخّرن إبداعهن لتأمين مصدر العيش في تركيا

ميس الحاج – SY24

تتقن النساء السوريات العديد من الحرف والمهن اليدوية منها (عمل الصنارات، والخياطة والحياكة والتطريز)، وكانت تنتشر هذه الحرف في المجتمع السوري بشكل كبير حيث تقوم الأمهات بتعليم بناتهن هذه الأعمال، وكانت أغلبهن يعملن فيها كهواية وتسلية في منازلهن.

تعود هذه الحرف اليدوية لتنتشر مجدداً بين اللاجئات السوريات في تركيا، لكنها تشكل حالياً مصدراً للعيش عند عشرات الأسر السورية اللاجئة، من خلال تأسيس ورشات عمل صغيرة تجتمع فيها العديد من النساء السوريات ضمن المنزل ويعملن لعدة ساعات ومن ثم تقوم المسؤولة عن الورشة ببيع هذه القطع التي يتم صنعها للمعامل التركية.

وفي بعض الحالات تتعاقد المعامل المتواجد في تركيا معهن وتقوم بتأمين كافة مستلزمات العمل لهن من خيطان وخرز وآلات للعمل، ويدفعون مبالغ مالية مقابل كل قطعة يدوية تصنعها اللاجئات السوريات، ومن هذه الورشات ورشة تعمل بها مجموعة كبيرة من النساء في بلدة ييلاداغ التركية.

تتحدث “أم حسن” وهي إحدى العاملات في الخياطة ومسؤولة عن ورشة نسائية، والتي اتخذت من منزلها مقرا لعمل النساء، حيث قالت لـ SY24: “فكرة العمل في هذا المجال انطلقت منذ حوالي العام نتيجة الحاجة الملحة وغياب فرص العمل للسوريات، خصوصاً وأن الفرص تذهب للواتي يتقن اللغة التركية، فضلا عن أنهن يعشن في بلدة صغيرة ولا يتاح فيها مجال كبير للعمل، مشيرة أنها تتقن الأعمال اليدوية قبل لجوئها إلى تركيا، وعن طريق إحدى صديقاتها تمكنت من الوصول إلى أحد المعامل التي تصنع الألبسة وفساتين السهرة في مدينة أنطاكيا وبدأت في العمل معه بتصميم القطع الصغيرة التي تزين بها الفساتين وبالشك وبقطع النول والتطريز.

وأضافت: “بعد إعجاب الأتراك بعملنا الذي أتقناه، عملت على توسيع الورشة، وجلب عدد جديد من النساء وكميات أكبر من العمل بهدف تقديم المساعدة لهن”، مؤكدة أنهن يعملن في جو جميل يجتمعن بحسب وقت فراغ كل واحدة ويقمن بصنع ما يترتب عليهن من عمل، فضلا عن أن عشرات النساء من اللواتي تتعامل معهن يأخذن القطع إلى منازلهن، ويعملن فيها ويقمن بتسليم القطعة بعد الانتهاء منها، ويحصلن على أجارهن منها، فهي المسؤولة عن العمل في الورشة التي قامت بتأسيسها.

من جهتها بينت “ياسمين عامر” إحدى اللاجئات التي تعمل في الورشة، أن العمل سهل لكنه يحتاج لوقت طويل، خصوصاً في حال كانت القطعة التي تطلب منها رسمتها صعبة فتحتاج لدقة كبيرة وتركيز، كما أنها في بعض الأوقات يتطلب منها تسليم العمل بسرعة فيكون الوقت قصير فتجبر على العمل لأكثر من عشر ساعات يومياً، لكنها استدركت أن النساء اللواتي يتقن العمل بشكل جيد يعملن بسرعة كبيرة، وتستطيع الواحدة أن تنهي القطعة بيوم واحد.

وأضافت أن الآجار الذي تحصل عليه من خلال هذا العمل يعتبر مقبولاً في الظروف الصعبة التي تعيش بها، والحاجة الماسة لتوفير دخل دائم من أجل دفع ما يترتب عليها من إجار المنزل وفواتير الكهرباء والماء، مؤكدةً أنه رغم عمل زوجها لكن ما يحصل عليه من دخل لا يكفي أسرتها، فلديهم ثلاثة أطفال ويحتاجون للكثير من المال بسبب غلاء الأسعار بشكل كبير في تركيا.

ونوهت أيضاً أن كل قطعة يختلف إجار صنعها بحسب صعوبتها، وما تحتاجه من وقت ويتراوح إجار القطعة من خمس ليرات تركية حتى خمسين ليرة.

في حين ترى اللاجئة نور، أن العمل يساعد العشرات من اللاجئات، ورغم أنه يحتاج لوقت لكن يتم دون أي جهد، ويستطعن العمل في منازلهن بالقرب من أطفالهن، فهي تقوم بجلب العمل إلى المنزل، أما النساء غير المتمكنات من العمل بشكل جيد يعملن في الورشة بإشراف المسؤولة خوفا من وقع أي خطئ.

وأشارت نور أن النساء بحاجة كبيرة للعمل، خصوصا وأن أغلب الأسر اللاجئة تعيش دون معيل، وتحولت اللاجئات إلى مسؤولات عن أسرهن، فالحرب أودت بحياة الكثير من الرجال فضلا عن انخراط العشرات من الشباب فيها وأجبرت العوائل السورية على الهرب من الحرب دون وجود معيل لها.

وأوضحت نور التي تعمل منذ أعوام في هذه الحرفة أن عملها يعتبر فناً يدوياً، فالقطع تحمل جمالية كبيرة بعد الانتهاء من صنعها، والأتراك يقدرون عمل السوريات، فالمعمل الذي يتعاملن معه يقدم لهن كافة التسهيلات لتقديم أفضل الإنتاج، لكنها شرحت أن العمل يحتاج لدقة، فأي خطأ بسيط بالقطع يجبرهن على إعادة صنعها من جديد كما أن المعمل يعيد لهن القطع التي تحوي على أخطاء.

يذكر أن حوالي ثلاثة ملايين ونصف لاجئ سوري يقيم في تركيا، ويعيش أغلبهم في ظروف صعبة، خصوصا الذين يعيشون على حسابهم الخاص خارج مخيمات النزوح، في ظل ارتفاع تكاليف الحياة في تركيا، واستغلال العمال السوريين بساعات عمل طويلة وغياب التأمين لهم، فضلا عن الرواتب القليلة التي يحصلون عليها مقارنة بالعمال الأتراك.