Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

المرأة في الريف.. أعباء مضاعفة وقدرة على التحمل لا مثيل لها!

خاص - SY24

تبقى حكايا النساء في الأرياف رهن النسيان رغم أهميتها وتشويقها، ولعل التساؤل الأكثر إلحاحًا هو كيف يغيب صوت المرأة ويبقى طي الكتمان، وهي التي دفعت الثمن الأكبر فقدانًا وألمًا خلال السنوات الماضية من الحرب في سورية؟. 

 

في ريف ديرالزور تمضي المرأة جلّ يومها في الزراعة وتربية الماشية وتحضير الطعام، في واقع غياب المعيل وانعدام أبسط مقومات الحياة. 

 

وفي مخيمات النزوح يصبح العبئ مضاعفًا، فلا يقل دور المرأة في الريف عن نظيرتها العاملة في المدن فربما يكون عملها هنا أكثر مشقة، وإن تصدر الرجل المشهد فهي الفاعلة في الخطوط الخلفية وأحيانًا آخرى تكون في المقدمة، بحسب ما يتم رصده ومتابعته لواقع المرأة في مختلف المحافظات السورية.

 

تضطر “سميرة الحسن” 35 عامًا)، لترك أطفالها الثلاثة في منزل جدتهم من أجل الذهاب إلى العمل، بهدف مساعدة زوجها الذي يعمل في الحقول الزراعية بقرى الريف الغربي من ديرالزور.

وفي حديث خاص لها مع منصة SYR24، قالت إنها قررت العمل مع زوجها قبل قرابة العام، بعد أن أصبح الفارق المادي كبيرًا بين ما يحصل عليه الزوج من عمله وبين مصروف العائلة الأساسي. 

 

وأضافت أن الظروف أجبرت معظم النساء الآن، على الدخول في سوق العمل بعد أن فقدنَ أزواجهنَ وفقدنَ القدرة على تأمين مستلزمات الحياة الأساسية، إذ أرخت الأزمة الاقتصادية بظلالها على معظم المناطق في السورية وتحديداً الأرياف.

وأشارت إلى إنها تتقاضى أجرًا ماديًا بشكل يومي وتعمل على جني المحاصيل الزراعية والخضراوات وتنظيف الأعشاب الضارة من الحقول، إلى جانب غرس الأشجار وسقايتها. 

 

رغم التعب الظاهر على “سميرة ” وآثار حروق الشمس اللاهبة على وجهها، تخبرنا أنها راضية عن ما تقوم به، وتصف نفسها بالشريكة الحقيقية لزوجها. 

 

وفي سياق آخر ترى الناشطة “سمية الأحمد”، أن المرأة السورية تأثرت كثيرًا بظروف الحرب، ووُضعت في مواقف ربما تفوق طاقة تحملها، لكنها أثبتت قدرتها على التعايش حتى مع أسوأ الظروف. 

 

وقالت الناشطة إنه “مع بداية استقرار الوضع الأمني للمنطقة خلال عام 2018، عملت الإدارة الذاتية على تشكيل كومينات تحت إدارة وإشراف مجلس المرأة تجاوزها عددها 65 في منطقة البصيرة ونواحيها التابعة للريف الشرقي من ديرالزور، تنطوي مهمتها حول تخليص المرأة من النظرة السلبية التي واجهتها في شتى مجالات الحياة وخاصة في سوق العمل، من خلال نشر الوعي بين شرائح المجتمع بمكانتها وأهليتها لأن تكون مؤثرة في جميع النواحي الاجتماعية، إلا إن التهديدات المتواصلة للعاملين في المجلس اضطرت لإغلاق أكثر المقرات”. 

 

وأضافت أن “مجتمع ديرالزور بريفيه يفتقر إلى المنظمات والحركات النسوية المدافعة عن المرأة، إذ لم تقدم الجمعيات أو المنظمات المعنية بدعم أدوراهن أو أدائهن في مواجهة الحرب إلا القليل، واقتصرت في غالبيتها على الدورات المهنية والقليل ممن حصلوا على المنح المالية كمساعدتهن للاعتماد على أنفسهن، كما أن هذه التدريبات تقوم على فئة محددة و في حيز جغرافي محدد”. 

 

تعيش معظم المناطق السورية أزمة اقتصادية، حيث يعاني ملايين السكان من ضعف القدرة الشرائية وارتفاع المستوى العام للأسعار، ما يدفع القسم الأكبر منهم للبحث عن مصادر أخرى للدخل، توازن بين احتياجاتهم المعيشية وإنفاقهم. 

 

وتواجه المرأة في الريف معتركات يومية للحصول على متطلبات الحياة، وتتدبر بما هو ممكن من المنتجات الموسمية لتغطي به معيشة أسرتها مع تغيير فصول السنة، ليقع على كاهلها مهمة التكيف بشكل رئيسي دون باقي أفراد الأسرة، فلم يعد التدبير يكتفي بالرفاهيات والشكليات كما كان يوصف، وإنما تخطاها ليطال القوت اليومي ومختلف جوانب الحياة. 

 

ومنذ وقت طويل تبيع “أم أحمد” ملابس الباله المستعملة في غرفة من منزلها خصصتها لأنواع مختلفة من التجارة. 

 

وفي لقاء لنا معها، تخبرنا بأنه لم يعد بمقدور النساء شراء الألبسة الجديدة لهن ولأولادهن، لذلك يلجأ معظمهن لشراء المستعملة فهي أرخص من الجديدة. 

 

وأضافت “اليوم أصبحنا نحاول الاقتصاد والتدبير قدر الإمكان، وعندما نطبخ فإننا نختار الطبخات الأقل كلفة”، مشيرة إلى أن “حياتنا أصبحت صعبة جداً وتتطلب خبرة جيدة في التدبير والاقتصاد المنزلي”. 

 

وزادت قائلة “هناك فئة من نساء مجتمعنا لم تترك عملاً إلا وقامت به، فهي لا تخجل من بيع خبز التنور على بسطة صغيرة صباحًا، وأخريات اعتمدن على مهاراتهن في النسيج والغزل و صنع الثياب الصوفية، والقسم الأكبر منا أصبحنَ كما الرجال يرافقن المواسم الزراعية منذ بدايتها حتى النهاية”. 

 

وبينما تؤكد الإحصاءات العالمية، بأن النساء تشكل النسبة الكبيرة في الإنتاج ودعم الأمن الغذائي واليد العامله في الزراعة، يتراجع دور النساء في أرياف سوريا.

وبعد سنوات من الحرب التي يشنها النظام على بيوت وأراضي الزراعية مع غياب المنظمات التي تهتم بتمكين المرأة في الريف ودعمها، وبعد مرور سنوات عجاف على مأساة السوريين ومعاناتهم ماعادت المرأة ولا حتى الأرض بخير. 

 

الجدير بالذكر بأن منطقة “جديد عكيدات” من الريف الشرقي بديرالزور، شهدت مؤخرًا عدة مظاهرات ووقفات احتجاجية للنساء أمام “مبنى الكومين” الخاص بالمنطقة، مطالبين خلالها المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية، بتسليط الضوء على الواقع الذي تعيشه المرأة في هذه المناطق، إضافة إلى دعمهم بالخدمات الأساسية، مثل توفير المحروقات والوقود لهن خلال فصل الشتاء، وتأمين مشاريع سبل عيش خاصة أنهن يُعتبرنَ معيلات لأسرهنّ بعد أن خرجنَ حديثًا من مخيم “الهول” بريف الحسكة.

يشار إلى أن التحديات والظروف المعيشية القاسية لا تقتصر على المرأة في ديرالزور، بل إن واقع الحال في دير الزور وأريافها بالنسبة للنساء لا يختلف عن واقع الحال في المحافظات والمناطق الأخرى في الداخل السوري، إذ إن المرأة تتعرض لظروف قاهرة، تجبرها على الوقوف بوجهها بكل طاقتها، في ظل فقدان وغياب المعيل لها ولأطفالها وأسرتها.