Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ربيع دائم في مخيمات الشمال السوري

خاص - SY24

يخصص “أبو أحمد الشامي” جزءا من يومه في العناية بنباتات الزينة في منزله  بـ “كفرلوسين” في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، بعد أن حول مدخل بيته إلى حديقة خضراء، تحوي أصنافاً عدة من النباتات المنزلية.

تفتقر مناطق المخيمات إلى وجود حدائق عامة أو أشجار خضراء تكسر جفاف المنطقة وتريح عين الرائي التي سئمت مناظر الخيم والكتل الإسمنتية المتراصة جنب بعضها البعض، فكانت زراعة النباتات وأزهار الزينة حول المنازل والخيم حلاً مؤقتا للشعور ببعض الراحة النفسية.

يقول أبو أحمد “بعد تهجيري إلى مخيمات الشمال السوري، أردت منح منزلي روحا، من خلال زراعة نباتات الزينة والعناية بها حتى أصبحت وكأنها حديقة متنوعة”.

لجأ الأهالي إلى زراعة الورد رغم ضيق المساحات حول الخيام والمنازل كمحاكاة لمنازلهم القديمة التي تركوها عند النزوح والتي كانت مزروعة بمختلف أنواع الأشجار والزهور والخضار.

كذلك لم تمنع ظروف التهجير والنزوح “أبو أحمد” من إضفاء لمسة فنية على مكان سكنه رغم ضيق المكان حيث بنى في خيمته عدة رفوف إسمنتية وضع عليها “أصيص الزريعة” وزينها بحبل من الأضواء الملونة زادتها جمالا.

يستخدم في زراعة الأزهار أواني منزلية بسيطة قد تكون علبة “سمنة” فارغة أو وعاء طلاء فارغ أو حتى “تنكة” بعد أن يفتح قسمها العلوي، ثم يقوم بإحداث ثقوب فيها تسمح للتربة أن تتنفس وللماء الزائد أن يخرج منها ثم يملأها بالتراب و يضع شتل النباتات فيها.

يوما بعد يوم أصبح لدى “أبو أحمد” أكثر من 20 نوعاً من النباتات، يعتني بها جيداً، فهي حسب قوله تحتاج لتحريك التربة كل فترة وإضافة السماد المناسب لها، ورش الأوراق والأغصان بمبيدات حشرية ضد الأمراض وخاصة مرض المن الأبيض الذي يصيب غالبية النباتات.

يخبرنا “أبو أحمد” أنه انتقل حديثا للسكن في منزل خاص بالمهجرين، بعد أن كان يسكن في خيمة صغيرة بمنطقة أطمة، ونقل معه أصيص الزريعة لأنه متعلق بها كثيرا، فهو يعتبرها فردا من أفراد أسرته، استطاع نقلها بسيارة كبيرة حتى لا تتعرض للكسر أثناء نقلها مع باقي المتاع المنزلية.

اكتسب خبرة كبيرة في العناية بنباتات الزينة، منذ كان في دمشق قبل تهجيره إلى محافظة إدلب، حيث اضطر لترك نباتاته هناك، يحاول اليوم استرجاع تلك الأيام بحديقته الجديدة، يقول لنا “إن وجود الزريعة في المنزل يعني وجود ربيع دائم فيه، تنسينا مرارة النزوح والتهجير”.

بينما تتفرد زوجته “أم أحمد” بالعناية بنباتات الظل التي وضعتهم داخل المنزل وتسمى “الصالونيات” تمتاز بورقها الأخضر الكبير وقدرتها على النمو داخل الغرف تحت ضوء خافت وتهوية جيدة.

تقول لنا السيدة: “الصباح بالقرب من أصيص الزريعة الأخضر مختلف تماما ولنكهة فنجان القهوة مع جاراتي طعما مميز”.

يفضل جارت “أم أحمد” أن يتناولن قهوة الصباح عندها أمام الأزهار الجميلة التي يعتبرونها فرصة للهروب من هموم ومشاكل الحياة، يقضيهن أغلب وقتهن بالحديث عن أسماء وأنواع الزرع، تضحك “أم أحمد” وجاراتها على أسماء بعض النباتات، تقول إن لها أسماء غريبة ومضحكة وكأنها مختصة بالنسوة فقط، مثل لسان الحماية وهي من نوع الصباريات، وثوب العروس، ونبتة المجنونة التي تتميز بأزهارها الكثيفة وألوانها الزاهية، أما أكثر الأسماء غرابة فهي نبتة “دود النسوان”.

يستمتع كل من يجلس قرب الأزهار برائحتها العطرية الفواحة “كالحبق والعطرة والريحان والكولونيا” ولا تبخل عائلة “أبو أحمد” بإهداء أصدقائهم وجيرانهم ممن يرغب بالحصول على نبتة جميلة، فهي حسب قولهم: “أجمل هدية ممكن تقديمها”.