Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ناجون من الزلزال يعانون اضطرابات نفسية.. ماهي طرق العلاج؟ 

خاص - SY24

“ما قبل السادس من شباط ليس كما بعده” تقول السيدة “ربا الشامي” ناجية من الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا، أم لأربعة أطفال أكبرهم في الثامنة من العمر، كانت تقيم مع عائلتها في منزلها بمنطقة جنديرس في ريف حلب، قبل أن تصبح بمركز إيواء مؤقت مع أطفالها وزوجها، عقب سقوط المبنى ونجاتهم من الموت. 

تروي بحرقة ما حدث معها أثناء الزلزال، تقول في حديثها إلينا، والدمعة تسبق كلامها: “بنفوس مهدمة خرجنا نسابق الزمن، نجونا من الموت بأعجوبة، حملت طفلين بيدي، وزوجي حمل الطفلين الآخرين، وكنا نترنح يميناً ويساراً مع أننا نسكن في الطابق الأول، إلى حين وصلنا خارج البناء، فيما بقي كثير من سكان المبنى تحت الأنقاض، علمت أنهم ماتوا جميعاً ولم يخرج منهم إلا عدد قليل”. 

تخبرنا أنها لم تنام منذ ليلة الكارثة، وكلما أغمضت عينيها ترى تلك المشاهد أمامها، وتسمع صوت البكاء والصراخ والخوف تملأ المكان، تنظر إلى أطفالها بحرقة، وتحمد الله أنهم ما زالوا على قيد الحياة. 

تسمى هذه الحالة التي تمر بها السيدة “ربا” باضطراب ما بعد الصدمة، والتي يمكن أن تولد حالة اكتئاب حاد قد تتطور لمراحل أصعب وتبقى مدة زمنية أطول إذا لم يتم علاجها بجلسات دعم نفسي أو زيارة مختص نفسي إن لزم الأمر، حسب ما أوضحته المرشدة النفسية “نجاح بالوش” قائد فريق الصحة النفسية في أحد المنظمات الطبية العاملة شمال سوريا. 

تقول “بالوش”: إن أهمية تقديم الدعم النفسي توازي تقديم المساعدات الإنسانية الأخرى للناجين من الكارثة، بل ربما تكون أحوج إلى العلاج من الطعام أو الحاجات الأخرى، وذلك للتخفيف من المعاناة والمشاكل النفسية التي ترافقهم بعد الصدمة والتي قد يمتد أثرها لسنوات طويلة. 

آلاف الأشخاص والأطفال نجوا من الكارثة ولكنهم بقيوا سجناء لحظة وقوعها، وحملت ذاكرتهم مشاهد للموت يصعب نسيانها، تأجج مشاعر الخوف والذعر كلما تذكروها أوتحدثوا عنها. 

تحاول “ربا” ككثير من الأمهات اليوم أن تخفي مشاعر الخوف والقلق عن أطفالها، وتلهيهم بأي قصة أو حديث أو لعبة، عن الحديث حول يوم الزلزال، وتتجاهل جميع أسئلتهم عن أصدقائهم وجيرانهم في ذات البناء، وتكذب عليهم بأنهم جميعاً بخير!! 

تقول المرشدة النفسية: إن “على الأهالي امتصاص صدمة الطفل من الحدث الذي عاشه وعاينه بنفسه، مثل الإجابة على تساؤلاته بطريقة مبسطة، تبعد عنه الخوف والقلق وتعيد إليه الأمان، مع ضرورة عدم متابعة الأخبار ومقاطع الفيديو التي تحوي مشاهد الزلزال أمامه”. 

وتضيف أنه يجب إشغال الطفل بأنشطة حركية، وذهنية، كالرسم والألوان، واللعب، والذهاب معه إن أمكن إلى مكان فسيح يستطيع اللعب فيه لتفريغ مشاعره من الخوف والقلق. 

وفي ذات السياق قدمت “اليونيسيف” عدة نصائح لمساعدة الأطفال والمراهقين على التأقلم بعد الزلزال مؤكدة على ضرورة تشجيعهم على التعبير من خلال التحدث إليهم عما يشعرون به، وتوفير مساحة آمنة لهم للتعبير عن مخاوفهم و غضبهم وحزنهم، والسماح لهم بالبكاء إن أرادوا ذلك، مشيرة إلى أنه في حال استمر الاضطراب في سلوكهم ولم يعد إلى حالته الطبيعية فيرجى طلب مساعدة متخصص بأسرع وقت”.

تباشر الفرق النفسية التابعة المنظمات الطبية الإنسانية العاملة في الشمال السوري، جولاتها الميدانية على مراكز الإيواء، في جميع المناطق المنكوبة، لتقديم الإسعاف النفسي الأولي للأهالي الناجين من الزلزال ولاسيما الأطفال. 

تقول” بالوش” :إن “فرق الصحة النفسية، منذ الأيام الأولى للزلزال قامت باستجابة طارئة للناجين وذوي المفقودين الذين يعانون من حالة نفسية صعبة، وقدمت جلسات الدعم النفسي، وإحالة الحالات الحرجة إلى مراكز متخصصة لتقديم العلاج المناسب، فضلاً عن تقديم أنشطة للأطفال وجلسات خاصة بهم للتخفيف من التوتر والقلق “.

وأوضحت من خلال معاينتهم الواقع، وجود حالات تبول لا إرادي للأطفال للصغار لم تكن موجودة من قبل، وخوف من النوم والوحدة، و إنكار الواقع والهروب من تقبل الحدث وهذا كله من أعراض الصدمة النفسية التي تعرضوا لها.

إذ أن خسارة العائلة والأطفال والمأوى والأمان والأصدقاء، تعد إحدى النتائج التي يعيشها آلاف السوريين اليوم في شمال غربي سوريا أو في تركيا، بعد أن حصد منهم الزلزال أغلى ما يملكون، وترك الناجين منهم يواجهون صدمات نفسية ومخاوف عدة مما حدث، ولسان حالهم يقول “ليتنا متنا معهم، ولم نبقى لوحدنا”. 

يذكر أن آخر حصيلة للضحايا أعلنها فريق الدفاع المدني السوري، بعد مقاطعة الإحصاءات مع أغلب الجهات الطبية، بلغت 2274 حالة وفاة، وأكثر من 12400 إصابة، وأشار إلى أن فرقهم استجابت لـ 2170 حالة وفاة، وأسعفت نحو 2950 مصاب، وذلك حتى مساء أمس الإثنين، مؤكداً على استمرار عمليات البحث لانتشال جثث المتوفين في عدة أماكن في ريفي إدلب وحلب، في اليوم الثامن على الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة.