Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

سوريون يهاجرون للعمل.. والانتظار الطويل خيار الزوجات الوحيد!

SY24 -خاص

دفعت الظروف الاقتصادية المتردية والغلاء المعيشي في مناطق الشمال السوري، عدداً كبيراً من الشبان للهجرة إلى قبرص هرباً من الفقر وطمعاً في تأمين عيشة كريمة لأطفالهم، وتوفير أبسط مقومات العيش لعوائلهم، فيما بقيت نسائهم يعاركن الحياة وحدهن، ويعدون الأشهر والسنوات لعودة أزواجهن بعد رحلة سفر طويلة.

تحسب الشابة “ولاء الأمين” 28 عاماً، مقيمة في بلدة عقربات شمال إدلب، الأشهر التي انقضت منذ سفر زوجها إلى قبرص، تقول في حديثها إلينا: إنه “مضى على ذهابه أربعة أشهر، في حين نقلت إقامتها إلى منزل أهلها الصغير، خوفاً من بقائها لوحدها مع أطفالها الثلاثة، وعدم قدرتها على تأمين احتياجاتهم اليومية لوحدها، تخبرنا أنها لم تعاد على غياب زوجها وتشعر بالضيق والحزن كلما تذكرت أن مدة سفره قد تطول لخمس سنوات، وستبقى هذه الفترة وحيدة تنتظر السنوات لتمضي، فضلاً عن سؤال أطفالها المتكرر عن والدهم ومتى سيعود”.

تخبرنا ولاء، أن وضعهم المادي سيء جداً، زوجها عامل مياومة بأجرة بسيطة جداً، ويعمل مختلف في أعمال البناء ولكن عمل غير دائم، بل يعمل بضعة أيام في الشهر وهي غير كافية لتأمين مصروفهم، وهم على هذه الحال منذ خمس سنوات كما أن السكن في الخيمة الصغيرة  تسبب لأطفالها بأمراض عديدة، بسبب الحر الشديد صيفاً والبرد شتاء، ما جعلهم يفكرون بشتى الوسائل للخلاص من هذه الحال، تختم قولها “هي البلد مافيها غير الفقر.. وإذا نحنا ما عشنا خلي الولاد تعيش”.

يهاجر كل فترة عشرات الرجال إلى خارج الشمال السوري عن طريق التهريب، يدفعون مبالغ مرتفعة جداً أجرة التهريب والوصول إلى وجهتهم، وقد تصل إلى عشرة آلاف دولار، متأملين بتوفير حياة أفضل لأسرهن، وشراء المنزل وتحسين وضعهم المعيشي بشكل عام.

تقول ولاء: إن زوجها استدان مبلغ ثمانية آلاف دولار من أبناء عمه الموجودين في قبرص منذ سنوات، ووعدوه بتأمين عمل له، و بمدخول جيد، بحيث يستطيع رد الديون أولا ، ثم تأمين ثمن منزل وسيارة لعائلته، وذلك بمدة زمنية قد تصل إلى خمس سنوات حسب ما أخبرها.

تواجه الزوجات صعوبات كثيرة في إدارة أمور الأسرة ومتطلبات الأطفال ولاسيما إن كانت تعيش لوحدها بعيداً عن أهلها ومدينتها التي نزحت منها كحال السيدة “أم علاء” نازحة من قرية الترمبة بريف إدلب إلى منطقة كفر لوسين شمالاً.

تخبرنا السيدة أن زوجها سافر منذ ثلاث سنوات هو وشقيقه ومجموعة من شبان البلدة إلى قبرص للعمل وإرسال الأموال إلى زوجاتهم لتحسين وضعهم المعيشي، بعد أن باع أثاث منزله، والمصاغ الذهبي لزوجته، واستدان نصف المبلغ أيضاً لتأمين أجرة التهريب، ناهيك عن خطورة الطريق تقول: إن “الأمر احتاج منا إلى كثير من الشجاعة والمغامرة، مع الأمل في تحسين وضعنا وتأمين حياة أفضل لأطفالنا الخمسة”.

يرسل زوج “أم علاء” أكثر من 200 دولار مصروفاً شهرياً لزوجته وأطفاله، فيما يدخر مبلغا أكبر لتأمين ثمن المنزل الذي وعدها بشرائه، بعد أن تعبت من التنقل بين منازل الإيجار.

تخبرنا أن وضع العائلات التي هاجر رجالها قد تحسن كثيراً واستطاعوا شراء المنازل والذهب والسيارات، وتأمين حياة كريمة لأطفالهم إلا أن لكل شيء مقابل، حسب تعبيرها، فالأيام التي تمضي على العائلة دون الزوج من أصعب الأيام وأكثرها قسوة وقد تتحمل الزوجة لوحدها أعباء المنزل والمصروف وشراء الحاجات وتدريس الأطفال، وغيرها من الأمور الحياتية اليومية.

إذ تزايد عدد السوريين المهاجرين الهاربين من جحيم الحياة في الداخل السوري، باحثين عن الأمن والحياة الكريمة، قاطعين دروب شرعية وغير شرعية براً بحراً لخلق فرصة جديدة، كانت جزيرة قبرص إحدى وجهاتهم.

يذكر أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أعلنت قبل عامين وصول أكثر من 12 ألفاً من طالبي اللجوء السوريين إلى قبرص منذ عام 2011.