Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

فتيات إدلب يصارعن الظروف الصعبة لمساعدة عوائلهن

SY24 -خاص

تساعد “جنى” 10 أعوام أمها في موسم قطاف الزيتون، تعمل مع عدة فتيات صغار مثلها تتراوح أعمارهم بين 8_ 14 عام بالقطاف ضمن ورشة عمل أغلبها من النساء والأطفال، باعتباره فرصة عمل موسمية لكثير من العائلات في شمال غربي سوريا، ويمضون أكثر من ثمان ساعات في بيئة عمل غير مناسبة للأطفال، وسط ظروف مناخية باردة نوعاً ما، ما تسبب لهن بأضرار نفسية وجسدية متعددة.

تقول “جنى” عندما تحدثنا إليها عن سبب عملها في الأراضي الزراعية بدل من الذهاب مع أقرانها إلى المدرسة فهي من المفترض أن تكون طالبة في الصف الرابع الابتدائي، غير أنها حرمت من التعليم والتحقت بالعمل في سن مبكرة.

“أعمل أنا وكثير من الفتيات مثلي مع أمهاتنا، أقضي النهار وأنا التقط حبات الزيتون الواقعة على الأرض، أو أتسلق  الأشجار الكبيرة، تقول أمي إن عملنا ينحصر بهاتين المهمتين، هذا ما يسبب لي ألما في الظهر والقدمين، وحساسية في العيون من غبار الزيتون”.

تقول طبيبة الأطفال “عبير” من خلال مشاهداتها العينية للنساء والفتيات في مناطق عدة شمال إدلب: إنّ “العمل لساعات طويلة ضمن الورشات الزراعية يؤدي إلى إجهاد الفتيات ويؤثر على أجسادهن، ولاسيما أنهن في مرحلة نمو، فضلاً عن إلحاق الأذى في العمود الفقري والمفاصل.

ولا تقتصر تلك الأضرار على ما ذكرته الطبيبة فحسب، بل هناك أمراض أخرى قد تسببها الظروف المناخية في الشتاء، منها الزكام والتهاب الحلق وغيرها، إضافة إلى مخاطر تعرضهم  للدغة العقارب أو للحشرات السامة التي تكثر في الأراضي الزراعية.

وساهمت عمالة الأطفال بشكل مباشر في ناهيك تفشي ظاهرة التسرب المدرسي، وبات وجود الفتيات في العمل ملحوظاً بشكل كبير سواء في أعمال الزراعة والحصاد، أو في النزول إلى الشارع والتوجه إلى السوق لامتهان أي عمل كـ البيع أو تنظيف السيارات، وغيرها من المهن التي بدأت آثارها السلبية تطفو على السطح.

تقول والدة “جنى” في حديثها إلينا، إنها على هذه الحال منذ عدة سنوات بعد نزوحهم من ريف حماه واستقرارهم في مخيم شمال إدلب، وفقدان أرضها ومصدر دخلها، فلجأت للعمل بالأراضي الزراعية قطاف المحاصيل وتعشيب الحقول، وهي مستعدة للعمل طيلة أيام السنة لتأمين لقمة العيش لعائلتها، ولاسيما أنها المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد وفاة زوجها في قصف للنظام طال قريتهم.

تخبرنا أنها تذهب للعمل في قطاف الزيتون مع “جنى” واثنين آخرين من أطفالها، لأن أجرتها لا تكف لتأمين وجبة طعام واحدة، ويجب أن يعملوا معها ويساعدوها لتصبح أجرتهم كافية.

تمثل حال “أم جنى” وأطفالها، عائلات كثر تلجأ يجبرن أطفالهن على العمل في مهن شاقة، ولساعات طويلة لا تتناسب مع بنيتهم الجسدية، لمساعدة عوائلهم في مصروف المنزل.

غير أن هذه الأعمال تشكل ظاهرة خطيرة على الطفولة، وتعد واحدة من انتهاكات حقوق الأطفال فهي لا تحرمهم من طفولتهم فحسب، بل من حقهم في التعليم والصحة واللعب، تقول “أحلام الرشيد” ناشطة إنسانية ومسؤولة في لجنة حماية الطفل التطوعية في محافظة إدلب: إن “ظاهرة عمالة الأطفال جريمة بحق الطفولة، وتنتهك حقوقهم في التعليم والصحة واللعب كباقي الأطفال في العالم، وهذا الأمر يترك أثراً نفسياً سيئاً لدى الطفل كما قد يتعرض لخطر التحرش والاعتداء الجسدي و حوادث السير”، مشيرة إلى أن الأطفال في الشوارع سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، هم أكثر عرضة للمشاكل الصحيّة بسبب قضاء معظم أوقاتهم تحت أشعة الشمس في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فيُعانون من أمراض الجهاز التنفسي.

تخبرنا أرقام إحصائيات التابعة الدراسات التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف)، بأن 90 بالمئة من الأطفال السوريين يحتاجون إلى دعم كامل، فحوالي 2.5 مليون طفل في الداخل السوري لا يرتادون المدرسة، وهناك طفل من بين كل 3 أطفال يدخل إلى سوق العمل، حيث تعد عمالة الأطفال في المشكلة الأوسع انتشاراً والأكثر تعقيداً من مشكلات حماية الطفل.