Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

بسبب الفقر.. نساء من دير الزور يجمعن القطن بأجور منخفضة

SY24 -خاص

“اضطر لترك أطفالي نياماً وأخرج من المنزل عند الخامسة فجراً للحاق بالشاحنة التي تجمع الفتيات والنساء من قرى المنطقة، وذلك للذهاب إلى مزارع القطن والمحالج للعمل في جمعه ومعالجته مقابل أجرة نحصل عليها في آخر اليوم”.

بهذه الكلمات وصفت السيدة “أم حسين” ما تقوم به يومياً منذ بداية جني محصول القطن في ريف دير الزور ومن ثم جمعه وتخزينه في أكياس كبيرة ونقله بعد ذلك إلى محالج القطن التي تديرها “الإدارة الذاتية” في المنطقة من أجل معالجته وتحديد نوعيته وجودته، وغير ذلك من المهام الموكلة لها مقابل أجر يومي يعتبر “زهيد” نسبياً مقارنةً بمعدل الأجور في المنطقة.

تقول أم حسين في حديثها مع مراسلة منصة SY24 في الريف الغربي لدير الزور: “نعمل في جمع محصول القطن منذ أن كنا في السابعة من عمرنا وإلى الآن وأصبح لدينا خبرة واسعة بهذا المجال وخاصةً فيما يتعلق بعملية فرزه ونقله وتحديد جودته وغير ذلك من المهام، كما أننا أصبحنا ننقل خبرتنا إلى الجيل الجديد الذي بدأ يتعلم هذه المهنة الشاقة والمتعبة”.

وأضافت “نتقاضى في اليوم أقل من 2 دولار أمريكي مقابل العمل لأكثر من 10 ساعات متواصلة دون الحصول على وجبات طعام أو استراحة طويلة، كما أن المزارعين وأصحاب الأراضي الزراعية غير مسؤولين عن أي إصابة تحدث معنا أثناء العمل وما يترتب عليها من معاينات أو أدوية وغير ذلك، الأمر الذي يجعل مهنتنا من أصعب المهن الموجود الآن في المنطقة وأقلها أجراً”.

وذكرت أن “العديد من النساء تعرضن إلى سوء معاملة والاستغلال من قبل أصحاب الأراضي أو المسؤولين عن جمع السيدات من القرى في المنطقة وتحديد مهامهم، ما دفع عدد كبير من الفتيات الصغيرات للتوقف عن الذهاب للعمل في الأراضي الزراعية وتفضيلهم البقاء داخل المحالج أو مستودعات القطن كون العمل فيها أقل صعوبة”.

حيث اتجهت نساء ريف دير الزور للعمل في الأراضي الزراعية كـ “عاملات يومية” نتيجة الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الأهالي وخاصةً في ظل غياب المعيل، وارتفاع عدد أفراد الأسرة الواحدة وعدم كفاية الدخل اليومي للأب من أجل تغطية تكاليف الحياة الباهظة مع غلاء الأسعار وفقدان معظم السلع والمواد الغذائية وغير ذلك من المشاكل التي تواجه العائلات في المنطقة.

الناشطة الحقوقية روان الحسين” اتهمت بعض أصحاب العمل بـ “استغلال حاجة السيدات للعمل وخاصة الأرامل والمطلقات عن طريق إعطائهم أجرة يومية منخفضة وعدم تقديم أي ضمانات ورعاية صحية لهم، وخاصة مع كثرة الإصابات بين العاملات وبالذات فيما يتعلق بلدغات العقارب والأفاعي والجروح الناجمة عن عمليات جمع القطن، وغير ذلك من المخاطر المرتبطة بطبيعة العمل”، على حد وصفها.

وفي حديثها مع مراسلة منصة SY24 قالت: إن “الفقر والحاجة دفعت العديد من السيدات للعمل في ظروف صعبة للغاية مقابل أجرة زهيدة جداً إذا ما قورنت بمعدل الأجور المنخفض أصلاً في المنطقة، ولذلك فإن أفضل حل يتبع هو تحديد أجرة العمل في جمع القطن بشكل ثابت مع ضمان حماية حقوق هؤلاء العاملات وخاصةً فيما يتعلق بالرعاية الصحية وإعطائهم الوقت الكافي لإرضاع أطفالهن بالنسبة للمرضعات وتحديد ساعات العمل بما فيها فترات الاستراحة، وغير ذلك من الحقوق التي يجب إعطائها لهم”.

وكان سوق العمل في مدن وبلدات ريف دير الزور الخاضع لسيطرة “قوات سويا الديمقراطية” قد شهد خلال السنوات الماضية تواجداً ملحوظاً للنساء والفتيات بشكل كبير، وذلك نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعاني منه معظم العائلات و اضطرارهم للعمل من أجل زيادة دخل الأسرة وتحسين وضعها الاقتصادي، بالإضافة إلى محاولة بعض السيدات إثبات وجودهم في سوق العمل ومنافسة الرجال في العديد من المهن والحرف التي كانت حكراً عليهم.