Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

فرص عمل متواضعة لسيدات في إدلب 

SY24 -خاص

خلف ماكينة الخياطة، في غرفة صغيرة بمنزلها في مدينة إدلب، تقضي “أم محمد” 36 عاماً، يومها في صناعة الملابس وإعادة تدويرها، بعد أن تعلمت الخياطة في إحدى الورش التدريبية في منطقتها منذ عامين، واعتمدت عليها كمصدر دخل يعين عائلتها وسط الظروف المعيشية الصعبة.

تقول “أم محمد”: إن “أي مهنة تتقنها المرأة تعد سلاحاً لمواجهة الظروف مهما كانت، ولأنها لم تكمل تعليمها، لجأت إلى مهنة الخياطة والتفصيل وإعادة التدوير، وتمكنت من إتقانها بالتدريب المستمر والممارسة العملية، فقد كانت تصنع من ملابسها القديمة، ملابس جميلة لأطفالها، وأطفال الجيران أقاربها، وبعد رؤية إنتاجها وتصاميمها المميزة لاقت إعجاباً وتشجيعا كبيراً بافتتاح ورشة عمل صغيرة في منزلها، والبدء بالعمل والبيع”.

تمكنت “أم محمد” من تأمين فرصة عمل لها في منزلها، إلا أن ماكينتها القديمة لم تسعفها بالعمل كما يجب، فاشترت ماكينة حديثة لتوسيع عملها كما أخبرتنا استعانت بصفحة خاصة بها على موقع الفيسبوك للترويج لعملها، ولاقت إقبالًا كبيراً من الأهالي.

حيث تقبل نساء كثر في مدينة إدلب على تفصيل الألبسة في محلات الخياطة، ومنهم من يلجأ إلى إعادة تدوير الملابس والأقمشة المستعملة، بسبب غلاء أسعار الألبسة في الأسواق، تزامناً مع سوء الوضع المعيشي والاقتصادي بشكل عام، وهذا ما جعل كثير من الأهالي يتحايلون على ظروفهم المعيشية إما بالتخلي والاستغناء أو التدبير وإعادة التدوير، وخاصة أن نسبة الفقر قد وصلت قرابة 90 بالمئة من السكان في الداخل السوري حسب تقديرات الأمم المتحدة.

تقول “أم محمد” إن ثمن أي قطعة في السوق لاتقل عن 200 ليرة، وهناك فساتين وملابس تصل إلى 800 ليرة تركية، وهذا خارج قدرة غالبية السكان في المنطقة، ما جعل الأهالي يقبلون على تفصيل الملابس كونها أقل تكلفة، وتتميز عن القطع الموجودة في السوق بتصميمها وجودتها.

وتتقاضى أجرة تدوير 20 _30 ليرة فقط، من الأهالي وتختلف التكلفة حسب  القطعة التي تخيطها أو تصلحها، ولكنها بشكل عام، تراعي ظروف الجيران والأهالي ولا تطلب مزيداً من الأجر لقاء عملها في تدوير الملابس، فيما تصل أجرة تفصيل الفساتين الصغيرة قرابة 150 ليرة، بأقل من سعر السوق.

كما تحول كل ما تجلبه النساء لإعادة تدويره، سواء كان قميص أو عباءة أو فستان أو حتى ستائر وأقمشة من البالة إلى ملبوسات بمقاس جديد ،إضافة إلى عملها في الإصلاحات الصغيرة كالتقصير والتضييق ورثي الملابس المهترئة، خاصة مع اقتراب افتتاح المدارس.

وانتشرت بالفترة الأخيرة مهنة “تدوير الملابس” القديمة، ولاسيما لدى قاطني المخيمات من النازحين والمهجرين، وتحويلها إلى قطع صالحة للاستعمال مجدداً، بمقاسات مختلفة وإضافات جديدة تجعلها أجمل.

تقول “أم محمد” إن تصاميمها المميزة في تحويل كلابية كبيرة إلى فستان صغير لطفلة كفيل بإسعادها بأقل التكاليف، ويساعد الأهالي على كسوة أبنائهم في ظل الغلاء الكبير،وتضيف إلى أي قطعة إكسسوارات وأقمشة مميزة تجملها بشكل ملفت وبسيط بآن واحد، كذلك تستعمل ماتبقى من الأقمشة مع قطعة أخرى لصنع بنطال أو كنزة صغيرة أيضاً، تخبرنا أن الأمهات المدبرات يستطعن بلمسة فنية أن يلبسن أطفالهن ملابس بتصاميم جميلة دون تكلفهن مبالغ إضافية.

يذكر أن أسعار الملابس المرتفعة مع اقتراب موسم الشتاء وافتتاح المدارس لم تتيح فرصة للتفكير في كسوة الأطفال هذا العام لدى شريحة واسعة من الأهالي في الشمال السوري، بعدما ضربت المنطقة موجة من الغلاء وارتفاع الأسعار شملت جميع المواد والسلع الأساسية، بما فيها الملابس والأحذية، وجعلت شراء الجديدة منها من الكماليات بالنسبة إليهم، لذا أصبح التخلي عنها أحد الخيارات الموجودة، أو اللجوء إلى الملابس المستعملة وإعادة تدويرها كحلٍ مقبول عند كثير من الأسر، حسب قول من التقيناهم.