Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

صعوبات مالية تعصف بالمرضى شمال سوريا

SY24 -خاص

حملت “جميلة”، 35 عاماً، بعد خروجها من الصيدلية في منطقة عقربات شمال إدلب كيساً مليئاً بالعقاقير الدوائية والحقن والأدوية، لها لأطفالها بعد إصاباتهم بسعال حاد ترافق مع التهاب الحلق والقصبات الهوائية كما أخبرها الصيدلاني تقول انها دفعت 450 ليرة تركية ثمن الأدوية، كانت قد استدانتهم من صديقتها لبعض الوقت بسبب عجزها عن تأمين ثمن الدواء.

تسكن “جميلة” وهي أرملة، أم لأربعة أطفال في أحد المشاريع السكنية شمال إدلب، تخبرنا أنها “منذ بداية الشتاء لم تُشف من السعال والزكام، ونقلت العدوى لأطفالها الصغار ولم تعد الأعشاب والزهورات تنفع معهم، بعد أن أصبح سعالهم حاداً وترافق مع ارتفاع درجات الحرارة”.

تضيف أنه ليس بمقدورها زيارة الطبيب في عيادته الخاصة بسبب ارتفاع كشفية المعاينة، لذا تلجأ إلى تشخيص من الصيدلاني وشراء الدواء مباشرة كما تفعل في كل مرة تعاني فيها من المرض.

حيث ترتفع أجرة المعاينة الطبية في مناطق الشمال السوري، بشكل واضح، دون أن تتناسب مع الوضع المعيشي والاقتصادي لغالبية السكان ما يجعل زيارة الطبيب أمراً متعباً أكثر من المرض بحد ذاته حسب قول من تحدثنا إليهم من الأهالي، وكذلك ارتفاع أسعار الأدوية التي بياع بالدولار  بات خارج قدرتهم الشرائية

ويتعذر على كثير من الأهالي في زيارة الطبيب لذات السبب، و “جميلة” ليست وحدها من تعتمد على وصفات الصيدلاني أو نصائح الجيران في وصف الأدوية، بل هناك عوائل كثيرة تتبع هذا الأسلوب في الاستشفاء، مع الاعتماد على الأعشاب والزهورات الطبيعية والمشروبات الساخنة مثل الزعتر البابونج في معالجة أمراض الزكام.

بينما يلجأ كثير من المرضى إلى الانتظار في المشافي العامة والمراكز الصحية المجانية، مع صعوبة ذلك بسبب تأزم حالة بعضهم، وعدم قدرته على الانتظار وقتاً طويلاً، ومنهم من يتناول الدواء بناء على نصيحة أحد المقربين منه حسب تجربته الشخصية مع المرض، دون الرجوع إلى الطبيب المختص لتشخيص الحالة المرضية ووصف الدواء المناسب له، تؤكد جميلة أن أقل وصفة دواء اشترتها لا تقل قيمتها عن 200 ليرة تركية، معظمها مضادات حيوية بالوقت الذي تتخلى عن كثير من الأصناف لعدم قدرتها على دفع ثمن الدواء.

على خلفية ذلك، يقول الصيدلاني “محمد الأحمد ” لمراسلتنا: إن “الفترة الأخيرة شهدت إقبالا كبيراً على شراء الدواء رغم ارتفاع أسعاره، وبات كثير من المرضى يشتري نصف الوصفة الطبية بسبب الغلاء، أو يكتفي بعقار واحد فقط رغم حاجته إلى أدوية أخرى لإكمال العلاج.

ويرجع الصيدلاني سبب كثرة الأمراض إلى مواد التدفئة، واستخدام الوسائل البديلة غير الصحية التي تسبب التهاب الحلق والصدر نتيجة الأدخنة السامة التي يستنشقها الشخص طيلة اليوم، ناهيك عن وجود عائلات في المخيمات الباردة لم تتمكن الى اليوم من تركيب المدافئ أو إشعالها بسبب الفقر والغلاء.

يؤكد عدد من الأهالي تحدثنا إليهم، أن الظروف الحالية التي يعيشونها والفقر والغلاء المعيشي، زادت من أوجاعهم أكثر من المرض، بالوقت الذي لا يجد المريض اليوم ثمن حبة الدواء يتناولها ولاسيما بعد رفع الأسعار.

من الجدير بالذكر أن القطاع الطبي بشكل عام في الشمال السوري يعاني من هشاشة وضعف وانقطاع في الدعم المقدم من جهات عالمية، ونوهت عدة تقارير صدرت سابقاً عن  منظمة العفو الدولية أن هناك نقص شديد في المساعدات الدولية الممنوحة لشمال غرب سوريا  تركت نحو 3.1 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون نازح، في مواجهة أزمة صحية تكافح فيها المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى للعمل بموارد شحيحة.