Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

إدلب: حضور خجول للموسيقا وقرارات عشوائية للحد منها

SY24 -خاص

“خلقت وحب العزف على العود يسكن بقلبي” يبدأ “أبو سعيد” حديثه لمنصتنا، ويعتبر  الموسيقى ملاذه الوحيد للتفريغ عن حالته النفسية، والعيش للحظات داخل مقطوعة فنية تبدعها أنامله، للتأكد أن تلك الأصابع التي اعتادت العمل في محل بيع اللحوم لم تنسى الموسيقى بعد.

كان اللحام “أبو سعيد” النازح إلى مدينة إدلب يعزف على العود ويجتمع جيران محله على  صوت ألحانه العذبة، للاستئناس بمقطوعاته الموسيقية.

“جهاد الأصفر” الملقب بأبو سعيد،41عاماً، نزح من مدينة معرة النعمان من حوالي أربع سنوات، متزوج ولديه خمسة أولاد، ورث من والده مهنة “اللحام” ويعمل في مطعم بإدلب بشراكة مع أخيه.

اهتم “جهاد” في الموسيقا منذ طفولته، وتعلم أساسيات العزف على العود من ابن عمه، وعزف لأول مرة في الصف الثاني، بطلب من معلمته، يحدثنا عن تجربته الأولى فيقول ” عزفت موسيقى تسمى “موسيقى ستي” ومن شدة إعجاب المعلمة بعزفي رشحتني لمسابقة في العزف، وحصلت خلالها على المركز الأول، خلال السنوات الدراسية كنت دائماً أشارك في مسابقات وأحصل على جوائز”.

كان والد “جهاد” معارض لفكرة عزف ابنه، وخاصةً أنهم يعيشون في بيئة محافظة، أما “جهاد” كان متعلقاً بالعزف لدرجة أنه كان يصنع عوداً من الطين، ويرسم تفاصيله، ثم يتخيل أنه يعزف عليه، وبغني بصوته الطفولي، محركاً أصابعه الصغيرة على العود الطيني.

مع تكرار هذا الأمر لعدة مرات، رآه والده فقرر أن يشتري له عوداً، ويتذكر “جهاد” ذاك العود جيداً فيقول ” سنة 1996 اشترى لي والدي عود يسمى “عود تجاري” كان سعره 600ليرة سورية وهي راتب  ثلاثة أشهر لموظف عند الدولة”.

يعاني الموسيقيون في إدلب من تهديد مستمر من “حكومة الإنقاذ”  التي تمنعهم من المجاهرة بالعزف أو سماع الموسيقا، يقول ” حسن”  45عاماً، وهو عازف على العود “كنت أمشي متباهياً مع الآلة الموسيقية، أما الآن فأضعها داخل كيس أسود، خشية أن ألاحق أو يتم اعتقالي”.

ومع صدور قرار وزارة الداخلية الذي يمنع المجاهرة بسماع أو عزف الموسيقى، يعيشون الموسيقيين بإدلب حالة خوف ورعب دائم ويقول “حسن” وهو يخاف أن يعزف حتى في بيته “من المعيب أن أدخل السجن أو أعاقب لأنني موسيقي”.

تجتمع عائلة “أبو سعيد” من حين لآخر، ليستمعوا إلى المقطوعات الموسيقية  التي يؤديها “جهاد” على آلة العود بلهفة واندماج، ويغنون الأغاني الشعبية التراثية التي تخرجهم للحظات من الواقع الصعب  الذي يعيشون فيه بعد نزوحهم.

تعد سوريا قديماً من أشهر الدول العربية بصناعة الآلات الوترية، التي تحمل طابعاً شرقياً أصيلاً، وكانت تصدر تلك الآلات إلى جميع دول العالم ومنها أوروبا، وأبرز هذه الآلات صناعة العود السوري الذي يصنع يدوياً بإتقان ودقة عالية.