Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

أطفال في الشمال يدخلون سوق العمل لتأمين لقمة العيش

SY24 -خاص

تغرق الأسواق والشوارع في مناطق متعددة من الشمال السوري، بالكثير من الأطفال الذين امتهنوا أعمال مختلفة وأصبحوا بمثابة “آباء صغار” يعيلون أسرهم، وسط تردي الواقع المعيشي والاقتصادي لغالبية السكان في المنطقة.

حيث أجبرت تحديات الحياة اليومية، وتأمين لقمة العيش ومواد التدفئة، كثيراً من العوائل على دفع أبنائهم رغم صغر سنهم إلى سوق العمل، إما بالتخلي عن التعليم والالتزام بشكل كامل بالعمل، أو بالموازنة بينهما على حساب وقت وصحة وجهد الطفل، وهذا ما جعل “بلال” الذي لم ينهِ الثانية عشر بعد، من الالتزام في العمل بأحد مطاعم الوجبات السريعة في مدينة الدانا شمال إدلب، عقب انتهاء دوام مدرسته، لمساعدة أسرته في المصاريف اليومية.

يقول “بلال” الذي بدا أكبر من سنه، إن “مرض والده وعدم قدرته على العمل، جعلته وأخيه يتجهان إلى العمل في سن مبكرة، لإعالة أسرتهم، مثل كثير من الأطفال في المنطقة، الذين تحملوا المسؤولية في عمر صغير” .

يتقاضى “بلال” 60 ليرة يومياً، مقابل عمله في التنظيف داخل المطعم، أي مايعادل دولارين فقط، فيما يحصل أخوه الأصغر منه سناً، على دولار ونصف من عمله بأحد محلات بيع الألبسة في السوق، يقول الطفل إنها بالكاد تكفيهم ثمن مواد تدفئة وربطة خبز يومياً.

لا يخفِ “بلال” تقصيره في دراسته، رغم أنه من المتفوقين، يقول: إن “ساعات العمل الطويلة تأخذ كامل يومه، وخاصة أن النهار قصير في الشتاء، وفي الليل تنخفض الإنارة لديهم، ما يجعل متابعة دراسته أمراً بالغ الصعوبة.

تواجه مئات آلاف الأسر السورية ظروفاً مأساوية، ولا سيما المهجرين والنازحين، الذين فقدوا مصادر دخلهم وخسروا أملاكهم وأرزاقهم في مدنهم الأصلية، وبات تأمين أبسط مقومات العيش شغلهم الشاغل، في ظل تدني مستوى الدخل، وتفاقم الفقر، وارتفاع معدلات البطالة في الشمال السوري.

إذ ينخرط أطفال كثر بأعمال شاقة غير مناسبة لهم، ومنها ماهو خطير على صحتهم الجسدية، وخاصة في الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، وانتشار أمراض الزكام والتهاب القصبات والسعال الحاد، نتيجة قضاء ساعات طويلة في البرد، فضلاً عن وجود الأطفال في بيئة عمل غير مناسبة خاصة المهن الصناعية، والحدادة، وأعمال البناء الشاقة، التي تعرضهم إلى مخاطر جسدية وأضرار نفسية.

“عامر” طفل آخر، يبلغ من العمر تسع سنوات، يقيم في مخيم عشوائي شرقي سرمدا، يمتهن مسح السيارات عند دوار المدينة الكبير، بعد أن ترك المدرسة نهائياً العام الماضي، للبحث عن مصدر رزق لعائلته حسب تعبيره، يخبرنا أنه أحيانا يحصل على خمس ليرات تركية مقابل عمله، وأحياناً لا يأخذ شيئاً ولكن يبقى أفضل من التسول وطلب المال من الناس دون مقابل حسب تعبيره.

“عامر” واحد من آلاف الأطفال الذين تسربوا من المدرسة، والتحقوا بالعمل، إذ تعد مسألة التسرب المدرسي من أخطر الظواهر التي تهدد مستقبل المنطقة عموماً، لارتفاع عدد الأطفال غير الملتحقين بالصفوف المدرسية وارتفاع نسبة الأمية بينهم.

وهذا ما كشف عنه آخر تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا” حول القطاع التعليمي في الشمال السوري، حيث أكد وجود أكثر من 67 % من المخيمات لاتحوي نقاط تعليمية أو مدارس، ويضطر الأطفال إلى قطع مسافات طويلة ضمن العوامل الجوية المختلفة للحصول على التعليم في المدارس (أكثر من 988 مخيماً لا تحوي نقاط للتعليم).

بالوقت الذي تشكل فيه “عمالة الأطفال” الهاجس الأكبر ضمن مخيمات النازحين ، حيث يتجاوز عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية (14 – 17 عام) نسبة 35 % من إجمالي الأطفال الموجودين في مخيمات النازحين، وخاصةً مع ارتفاع كلف المعيشة اليومية ولجوء النازحين إلى تشغيل الأطفال لتغطية الاحتياجات اليومية.