Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

حياة مريرة.. واقع المسنين في الشمال السوري

SY24 -خاص

لليوم الخامس على التوالي، يخرج العم “أبو عبدو” 58 عاماً، للبحث عن عمل في أسواق مدينة إدلب، بعد أن خسر أرضه ومصدر رزقه في الغوطة الشرقية، وبات مهجراً يشكو ضيق العيش والفقر وحيداً مع زوجته، دون أن يعثر على عمل مناسب لسنه.

يقول في حديثها إلينا: إن “أصحاب العمل يفضلون الشباب وهم محقون في ذلك، لكن الحاجة دفعتني للبحث عن مصدر رزق كما أنني غير معتاد على الجلوس في المنزل فقد قضيت عمري في العمل والزراعة والبيع وأنا معتاد على الحركة رغم أن جسدي لم يعد قوياً كالسابق”.

” أبو عبدو” واحد من آلاف الأشخاص الكبار بالسن المقيمين في الشمال السوري، يعيشون حياة قاسية لاسيما النازحين والمهجرين، الذين فقدوا أملاكهم وأعمالهم ومصدر رزقهم في مناطقهم الأصلية قبل التهجير إلى مدن ومخيمات الشمال السوري، وبات أغلبهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمة لهم رغم قلتها في الفترة الأخيرة.

كما يعاني مسنون آخرون إضافة إلى أوضاعهم المعيشية المتردية، من أمراض مزمنة وأوضاعاً صحية صعبة في ظل نقص الدواء يقول “أبو عبدو” إنه يحتاج شهرياً أكثر من 500 ليرة تركية فقط ثمن دواء فهو يعاني من مرض الضغط وتعب في المفاصل، فضلاً عن دواء لزوجته أيضاً، التي تعاني من مرض السكري وتحتاج حمية غذائية وأنواع معينة من الطعام.

فرقت الحرب التي شنها النظام على السوريين ملايين العوائل، وقتلت مئات آلاف الأشخاص، وشتت شملهم، حيث خسر العم “ابو عبدو” اثنين من أولاده في معارك الغوطة الشرقية، بينما نجا ابن وحيد له، لجاً إلى تركيا منذ سنوات، وهو المعيل الوحيد لأهله حالياً، غير أن الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار في تركيا جعلته يقلل المبلغ المخصص لوالديه شهرياً والذي لايتجاوز ألفي ليرة فقط  يخبرنا العم أن نصفها يذهب إيجار منزله، لذا فهو مضطر للبحث عن عمل وتأمين مصدر دخل آخر.

كذلك يعيش الكثير من المسنين في المخيمات العشوائية شمال غرب سوريا، يواجهون لوحدهم قسوة الحياة، إذ تفتقر معظم المخيمات إلى أدنى مقومات الحياة، ما يجعل العيش فيها صعبا للغاية خاصة لكبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.

حيث فقدت معظم العوائل في سنوات الحرب السابقة المعيل ومصدر الدخل، بقي كثير من الآباء والأمهات الكبار في السن وحيدين يكابدون الحياة لتأمين لقمة العيش والتدفئة والأدوية في آخر سنوات عمرهم، الحجة الستينية “سعدية” منهم، نازحة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات كفر لوسين شمال إدلب، تعيش رفقة ابنها وعائلته واثنين من أحفادها الأيتام.

تضطر للعمل أحياناً مع ابنها وزوجتة في الورش الزراعية لتأمين احتياجاتها الأساسية، رغم معاناتها من آلام العمود الفقري، تقول إنها تعيش أسوء أيام حياتها، بعد أن تركت منزلها وأرضها بسبب النزوح، وخسرت راتب زوجها التقاعدي الذي كان يعينها في تأمين بعض حاجاتها.

لا يحظَ كبار السن في الشمال السوري باهتمام معين كونهم فئة ضعيفة في المجتمع وبحاجة لرعاية صحة دائمة، إذ يشير تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا” إلى وجود نحو 417 ألف مسن ومسنة في شمال غرب سوريا، منهم 175 ألفاً يعيشون في مخيمات للنازحين، وهم بحاجة عاجلة لتوفير مراكز رعاية متخصصة لتلبية احتياجات هذه الفئة من المجتمع.